إغلاق حانات ومطاعم في حي مسيحي بدمشق يثير جدلا في سوريا

دمشق - أقفلت محافظة دمشق مساء الخميس حانات ومطاعم تقدّم مشروبات كحولية في حي مسيحي بدمشق قبل أن تتراجع عن قرارها بعد ساعات، فيما بدا جس نبض للسكان المحليين، الذين انتقدوا الخطوة.
ويتوجس جزء كبير من السوريين وخصوصا الأقليات من النظرة المتشددة للسلطة الحاكمة في سوريا وما قد تفرضه من قيود اجتماعية وعلى الحريات.
ونشرت صحيفة “عنب بلدي” القريبة من السلطات خبرا مفاده أنها حصلت على “وثيقة قرار” بإقفال ثلاثة مطاعم في مناطق مسيحية في العاصمة، “بسبب وجود تجاوزات على الترخيص الممنوح لها، بتقديم مشروبات روحية وأراكيل”.
وأضافت أن “أصحاب مطاعم أخرى أكدوا لعنب بلدي وصول قرارات مشابهة لنحو 250 مطعما في مناطق القصاع وباب توما وباب شرقي”.
إقفال مطاعم في مناطق مسيحية في العاصمة "بسبب تجاوزات على الترخيص الممنوح لها، بتقديم مشروبات روحية وأراكيل
وأشارت الصحيفة الجمعة إلى صدور قرار عن المحافظة بـ”إعادة فتح المحلات فورا” بعد ساعات على حضور عناصر الشرطة برفقة موظفين من محافظة دمشق، أشرفوا على عملية إغلاق أكثر من 15 محلا”.
وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس خلال جولة له في دمشق القديمة مساء الخميس، أكثر من عشر حانات ومطاعم مختومة بالشمع الأحمر.
وفي جولة أخرى بوقت متأخر من ليل الخميس – الجمعة، شاهد الصحافي دوريات الشرطة تعيد فتح المحلات التي أغلقت بعد اجتماع ممثلين عن المطاعم مع محافظ دمشق، وعقب حملة انتقاد واسعة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت جيني وهيبة (28 عاما) التي تعمل نادلة بمطعم في المنطقة “نرفض القرار ولا مبرر له، جاء مع ذروة العمل واقتراب مواسم أعياد الفطر والفصح.”
وبقيت أبواب هذه المحلات مفتوحة للزبائن طيلة أيام شهر رمضان في منطقة تقطنها غالبية مسيحية، وتعج ليلا بالروّاد.
واعتبر جورج، وهو صاحب حانة في باب شرقي رفض إعطاء اسمه كاملا، أن قرار الإقفال “فيه تعدّ على خصوصية المنطقة (ذات الغالبية المسيحية) وفيه أيضا ضرر كبير للمئات من العوائل التي ستحرم من مصدر رزقها.”
الإدارة الجديدة التي تعهدت بتشكيل حكومة ممثلة لكل أطياف الشعب السوري تواجه انعدام ثقة بينها وبين شريحة واسعة من السوريين لاسيما الأقليات الدينية
وأوضح أن المحافظة أعطت جميع المحلات مهلة أسبوعين لاستكمال الأوراق والإجراءات اللازمة للحصول على التراخيص.
وبعد 14 عاما من نزاع دام، أطاحت فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام المنبثقة من رحم تنظيم القاعدة، بحكم الرئيس بشار الأسد في ديسمبر.
ولا تزال الإدارة الجديدة التي تعهدت بتشكيل حكومة ممثلة لكل أطياف الشعب السوري، تواجه تحديات أمنية واقتصادية كبيرة، وانعدام ثقة بينها وبين شريحة واسعة من السوريين لاسيما الأقليات الدينية.
ومنذ توليها زمام السلطة، سعت الإدارة الجديدة إلى طمأنة الأقليات الدينية ومختلف المكونات، لاسيما مع تزايد المظاهر الإسلامية والدعوية في دمشق وغيرها من المدن السورية، في وقت حثّ المجتمع الدولي الرئيس الانتقالي أحمد الشرع على إشراك جميع المكونات السورية في المرحلة الانتقالية.
ويرى زياد إسحاق (39 سنة) الذي يعمل في محل عطورات في منطقة باب توما ذات الغالبية المسيحية، أن الإجراءات التي تنفذ على الأرض لا تتطابق مع التطمينات.
ويقول إسحاق “ليست لدينا مشكلة بالمظاهر الإسلامية ورأي الأغلبية المسلمة الذي نحترمه، لكن نطالب بأن تبقى لنا مساحتنا وخصوصيتنا.”
ويضيف “نحلم بمدينة تتسع للجميع، ويمكن للجميع أن يمارس طقوسه ومعتقداته وعاداته بحرية وبدون خوف.”