تونس تطالب بتسريع العودة الطوعية للمهاجرين الأفارقة لاحتواء الأزمة

تونس – دعا الرئيس التونسي قيس سعيد المنظمة الدولية للهجرة إلى تكثيف الجهود لتسهيل العودة الطوعية للمهاجرين غير القانونيين من تونس إلى بلدانهم، وذلك في مسعى لاحتواء الوضع بمدينة صفاقس (شرق)، التي تشهد تدفقًا متزايدًا للمهاجرين غير النظاميين بعد تشديد الرقابة على الحدود البحرية مع أوروبا.
وأكد الرئيس سعيد، خلال لقائه بوزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي، على ضرورة تأمين العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين المتواجدين في تونس إلى بلدانهم الأصلية، مشيرا في بيان نشرته رئاسة الرئاسة التونسية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على فيسبوك إلى أنه "تم إعادة 1544 مهاجرا" منذ بداية العام.
وأشار إلى أن أرقام العودة الطوعية الحالية لا ترتقي إلى المستوى المطلوب، موضحا أن الرقم "كان يمكن أن يكون أرفع بكثير لو تمّ بذل مجهودات أكبر حتّى يتمّ وضع حدّ نهائي لهذه الظاهرة غير المقبولة لا على المستوى الإنساني ولا على المستوى القانوني".
واستنادا الى إحصاءات السلطات التونسية، أعيد في يناير حوالي 7250 مهاجرا إلى بلدانهم خلال العام 2024.
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت تونس نقطة انطلاق رئيسية في شمال أفريقيا للمهاجرين الذين يقومون بعبور محفوف بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط على أمل الوصول إلى أوروبا.
وتبعد أقرب نقطة من تونس الى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية أقل من 150 كيلومترا، وغالبا ما تكون أول نقطة وصول للمهاجرين غير القانونيين.
ويحاول عشرات الآلاف من المهاجرين، معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، العبور كل عام.
ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، فقد مات أو فقد 343 شخصا أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط هذا العام.
ويأتي هذا التحرك في ظل ضغوط متزايدة من الاتحاد الأوروبي على تونس للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر حدودها البحرية، بينما تشهد معتمديتي جبنيانة والعامرة التابعتين لولاية صفاقس منذ أشهر حالة من الاحتقان بسبب تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين، ويعبر السكان المحليون عن قلقهم وتذمرهم من الوضع، ويشكون من تزايد حالات الجريمة والاعتداءات.
ويطالب السكان المحليون بترحيل المهاجرين غير النظاميين، ويشكون من تقصير السلطات في التعامل مع الملف، كما يعبرون عن استيائهم من تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المنطقة.
وتسلط هذه التطورات الضوء على التحديات التي تواجهها تونس في التعامل مع ملف الهجرة غير النظامية، وتؤكد على ضرورة إيجاد حلول شاملة تراعي الجوانب الأمنية والإنسانية.
ويعكس هذا الطلب من الرئيس التونسي قلق تونس إزاء تصاعد أعداد المهاجرين غير النظاميين على أراضيها، حيث تسعى إلى التعاون مع المنظمات الدولية لإيجاد حلول مستدامة لمشكلة الهجرة، وتخفيف الضغط الاوروبي عليها بشأن هذا الملف.
ووصل حوالي 8743 مهاجرا إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام، وهو عدد أكبر بقليل مما كان عليه في الفترة نفسها من العام الفائت، وفقا لوزارة الداخلية الإيطالية.
ومنذ أيام، قال الحرس الوطني التونسي إنه أنقذ 612 مهاجرا وانتشل جثث 18 آخرين قبالة سواحل البلاد.
وفي سياق آخر، أكد الرئيس التونسي خلال لقائه بوزير الشؤون الخارجية على عدة نقاط رئيسية تتعلق بالسياسة الخارجية لتونس ودور الدبلوماسية التونسية في تحقيق مصالح البلاد.
وشدد الرئيس سعيد على أهمية دور السفراء التونسيين في الدفاع عن مصالح تونس في الخارج، مؤكدا على ضرورة تقييم أداء السفراء بشكل مستمر للتأكد من قيامهم بواجبهم على أكمل وجه.
وأشار إلى أن "معركة التحرير التي نخوضها في بلادنا يجب أن تكون مشفوعة بحركة تحرير على المستوى الدبلوماسي"، مما يعني ضرورة أن تكون الدبلوماسية التونسية فعالة ونشطة في تحقيق أهداف البلاد.
وأكد سعيد على الثوابت التي تقوم عليها السياسة الخارجية التونسية، وأهمها استقلال القرار الوطني وتنويع الشراكات بما يخدم مصالح تونس.
وأوضح أن الهدف ليس فقط إنشاء سفارات جديدة وتعيين سفراء، بل تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
ومنذ إعلان الاستقلال في العام 1956، عُرفت الدبلوماسية التونسية بالهدوء والاتّزان وظلت محافظة على عدة ثوابت، أبرزها التزام الحياد وتجنب الاصطفاف في سياسة المحاور الإقليمية والدولية ضمانا لاستقلال القرار الوطني، مع خدمة المصالح التونسية، واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، فضلا عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان.
وأصدر الرئيس تعليمات بضرورة تقديم المزيد من الدعم للتونسيين المقيمين في الخارج، وتطوير الخدمات المقدمة لهم عن بعد بالتنسيق مع جميع الجهات الحكومية المعنية.
وأكد على أن البعثات الدبلوماسية والقنصلية هي لخدمة الدولة التونسية ومواطنيها، وأنه لن يتم التسامح مع أي تقصير أو إهمال في هذا الصدد.
وتعكس رؤية الرئيس التونسي للدبلوماسية التونسية ودورها في تحقيق أهداف البلاد وحماية مصالحها في الخارج، حيث تعتبر تونس من الدول التي تحرص على استقلالية قراراتها السياسية والاقتصادية، وتسعى إلى تنويع شراكاتها الدولية بما يخدم مصالح.
وتولي تونس أهمية كبيرة للدبلوماسية الاقتصادية، وتسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الصادرات التونسية، كما تعمل على تحسين صورة البلاد في الخارج، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين الأجانب.
وتسعى تونس إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الشريكة، وتوقيع اتفاقيات تجارية تخدم مصالحها الوطنية، كما تولي أهمية كبيرة للعلاقات مع الدول الأفريقية، حيث تسعى إلى تعزيز التعاون مع هذه الدول في مختلف المجالات.
وتعتبر العلاقات مع الدول العربية من أهم أولويات السياسة الخارجية التونسية، إذا تعمل تونس على تعزيز التعاون معها في مختلف المجالات، وخاصة في المجال الاقتصادي والأمني، فضلا عن المساهمة في حل النزاعات والقضايا الإقليمية.