عين الإعلام التركي على غزة وسوريا وغافلة عن الاحتجاجات ضد أردوغان

الأناضول على رأس المؤسسات الرسمية التي يتم انتقادها على تغطيتها المتجاهلة للاحتجاجات مقابل تخصيص مساحة واسعة لغزة وحماس.
الثلاثاء 2025/03/25
احتجاجات غير مسبوقة

إسطنبول – باتت وسائل الإعلام التركية في دائرة الاتهامات بسبب تجاهلها موجة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد حبس رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أو تناولها بشكل عابر، في حين أنها تفرد مساحة واسعة لأحداث أخرى خارجية مثل حرب غزة والتطورات في سوريا.

وتنظر المعارضة والكثير من الأتراك إلى تعاطي وسائل الإعلام المحلية، وخصوصا الرسمية، مع الأحداث في البلاد على أنه انحياز صارخ إلى الرئيس رجب طيب أردوغان، وموقف مناهض لخصمه السياسي الرئيسي إمام أوغلو، ما يمثل سقطة مهنية وإخلالا بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقها.

ووجه أردوغان تهديدا مبطنا لخصومه السياسيين بأن يكون مصيرهم مثل مصير إمام أوغلو، وقال إن المعارضة الرئيسية مسؤولة عن الأضرار في الممتلكات والضرر الذي لحق بأفراد من الشرطة وستُحاسب على ذلك.

المعارضة تسعى إلى الحفاظ على القوة الدافعة للاحتجاجات من خلال الدعوة إلى مقاطعة قنوات التلفزيون والشركات التي ترى أنها "تتجاهل الأحداث الجارية"

تسعى المعارضة التركية إلى الحفاظ على القوة الدافعة للاحتجاجات من خلال وسائل، منها الدعوة إلى مقاطعة قنوات التلفزيون والشركات التي ترى أنها “تتجاهل الأحداث الجارية.”

والغالبية العظمى من وسائل الإعلام التركية الرئيسية مؤيدة للحكومة، ولم تعرض القنوات الكبرى سوى القليل من لقطات المظاهرات التي تعم البلاد.

وتعتبر وكالة الأناضول على رأس المؤسسات الإعلامية التي يتم انتقادها على تغطيتها المتجاهلة للأحداث التركية، وجاءت الاحتجاجات الحالية التي تجتاح العديد من المدن التركية لتكشف التناقض الصارخ في تغطية الوكالة أحداث المنطقة، خصوصا حرب غزة التي تخصص لها مساحة واسعة منذ أكتوبر 2023، في حين أن تناولها للحدث التركي الذي لا يتناسب مع مصالح السلطة يبدو خجولا ولا يلبي تطلعات المواطنين.

وشهدت تركيا أكبر احتجاجات في الشوارع منذ أكثر من 10 سنوات في أعقاب توقيف إمام أوغلو ثم حبسه الأحد قيد المحاكمة بتهم فساد ينفيها نفيا قاطعا.

ووقف أوزغور أوزال رئيس حزب الشعب الجمهوري، الذي ينتمي إليه إمام أوغلو، فوق حافلة أمام مئات الألوف من أنصار الحزب في إسطنبول في ساعة متأخرة من مساء الأحد، وحث الناس على مقاطعة الكيانات (الإعلامية) التي قال إنها تستفيد منهم بينما تدعم الحكومة.

وقال أوزال، دون أن يذكر أي قناة بالاسم، “لدينا علم بكل قناة تلفزيونية تتجاهل الأحداث الجارية.” كما اتهم المعلنين على القنوات بالاستفادة من ناخبي المعارضة في الوقت الذي “يخدمون فيه قصر أردوغان،” وتعهد بضمهم قريبا إلى قائمة مالكي وسائل الإعلام المستهدفين. وأضاف “الأمر لا يقتصر على عدم مشاهدة قنواتهم فحسب، وإنما كل من يشتري منتجاتهم متواطئ.”

ح

وصارت القنوات والصحف الرئيسية داعمة بقوة لحكومة أردوغان بعد ضغوط قانونية ومالية مارستها الحكومة لسنوات فضلا عن الاستحواذ على شركات والرقابة الذاتية.

وفي حين تجنبت القنوات الكبرى إلى حد بعيد تغطية الاحتجاجات، قدّمت القنوات المستقلة والمعارضة القليلة تغطية متواصلة تقريبا.

وأعلنت الهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون، وهي هيئة معنية بمراقبة البث، في منشور على منصة إكس السبت أن المحطات التي تبثّ تغطية مباشرة للاحتجاجات قد تواجه إلغاء تراخيصها بسبب البث “المتحيز”. وامتنعت بعض القنوات عن تغطية اشتباكات الشرطة مع المتظاهرين.

وفي محاولتها حصر التغطية الإعلامية للمظاهرات، احتجزت السلطات عدة صحافيين من منازلهم، حسب ما قالته نقابة للعاملين في مجال الإعلام الاثنين، فيما وصفته بالقمع في ظل تصاعد الاحتجاجات الناجمة عن احتجاز عمدة إسطنبول.

وقالت نقابة عمال الصحافة والنشر والطباعة التركية إنه تم احتجاز مراسلين وصحافيين، ضمن ما وصفته بـ”الهجوم على حريات الصحافة وحق الشعب في معرفة الحقيقة.”

وكتبت النقابة عبر منصة إكس “لا تستطيع إخفاء الحقيقة من خلال إسكات الصحافيين،” مطالبة بالإفراج الفوري عنهم.

وعلى صعيد منفصل، أوقفت منصة إكس الوصول إلى مئات الحسابات الأسبوع الماضي بناء على طلب من السلطات التركية.

ووفقا لمبادرة إنجيلي ويب التركية، التي ترصد الرقابة على الإنترنت، تشمل الحسابات المحظورة مجموعات نسائية وطلابية بارزة تنتقد إدارة أردوغان.

وانتقد خبير القانون السيبراني يامان أكدينيز هذه التطورات، متهما مالك منصة إكس إيلون ماسك بالاستجابة لطلبات السلطات التركية بحظر الحسابات.

حخ

وحث أوزال أنصار المعارضة على استخدام قوتهم الشرائية للتأثير على بعض المؤسسات التجارية. وقال “إذا كانوا يديرون سلسلة مطاعم ورفضوا رؤية هذا الحشد، فلن يبيعوا الطعام هنا. إما أن يعترفوا بنا، أو يغرقوا.”

وأفاد موقع “ميديا سكوب” الإخباري المحلي بأن قناة “إن.تي.في” المؤيدة للحكومة قطعت خطابا مباشرا لأوزال، حيث انتقد التغطية الإعلامية المؤيدة للحكومة.

وأفاد وولفانجو بيكولي، أحد مسؤولي شركة تينيو للاستشارات، بأنه على الرغم من أن المقاطعة في تركيا عادة ما تكون لفترة قصيرة وغير مؤثرة، فإن “العامل الحاسم بالنسبة إلى حزب الشعب الجمهوري هو الحفاظ على القوة الدافعة، وهذه الخطوة غير المسبوقة يمكن أن تقدم دعما في هذا الإطار.”

وتمكنت السلطات من كبح العصيان المدني بشدة منذ أن أدت احتجاجات حديقة جيزي المناهضة لحكومة أردوغان عام 2013 إلى حملة قمع عنيفة، حيث تجاهلت وسائل الإعلام الرئيسية إلى حد بعيد لقطات الاحتجاجات وحملة القمع.

1