لماذا تساند أوبك+ زيادة "كارثية" في الإنتاج النفطي

لندن – يثير قرار مجموعة أوبك+ زيادة إنتاج النفط، رغم المخاطر المحتملة على اقتصاديات بعض الدول الأعضاء، عدة تساؤلات حول دوافعه خاصة بعد أن شهدت أسعار النفط تراجعا سريعا بمجرد الإعلان عن القرار.
وتشير التوقعات إلى أن المرحلة الأولى من زيادة الإنتاج ستشمل حوالي 138 ألف برميل يوميا في أبريل، مع توقع زيادات أخرى مستقبلية.
وأفاد مصدر رفيع المستوى من قطاع أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي لموقع أويل برايس بأن زيادات إنتاج أوبك+ من النفط تعود جزئيا إلى تجاوز بعض أعضائها حصص الإنتاج بشكل متكرر، وآخرهم كازاخستان، بعد مشروع توسعة حقل تنغيز، بالإضافة إلى العراق وروسيا.
وذكر أن الكثير من الإنتاج الروسي الزائد كان من خلال إنتاج غير رسمي، يشار إليه باسم “المخزون المظلم”، للتهرب من العقوبات.
وأوضح المصدر أيضا أن سببا آخر لهذه الخطوة يكمن في نية المجموعة حماية حصتها في السوق في ضوء التحول الكبير الذي يحدث في ميزان العرض والطلب.
كما حدد أن أوبك+ تعتقد أنها لا تستطيع النجاح في حرب أسعار النفط ضد الولايات المتحدة في ظل رئاسة ترامب الثانية، بالنظر إلى مدى ضعف أدائها خلال حربي أسعار النفط السابقتين.
واستنادا إلى تصريحات حملة ترامب الأخيرة ومخطط سياسته “أجندة 47” لولايته الثانية، يبدو واضحا أنه لا يزال يعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تلعب دورا مهيمنا في الحفاظ على أسعار النفط ضمن هذا النطاق، كما سيكون على دراية بالعواقب السياسية الكبيرة عندما تتجاوز الحد الأقصى للنطاق السعري.
ومنذ 1896 يفوز الرئيس الأميركي بولاية ثانية إذا لم يكن الاقتصاد في حالة ركود قبل عامين من الانتخابات، والعكس صحيح باستثناء مرة واحدة في سبع محاولات.
ويقول سايمون واتكينز في مقال على موقع أويل برايس إن “السعوديين يدركون أن ترامب يتمتع الآن بسلطة أكبر مما كان عليه في ولايته الأولى، حيث يسيطر الجمهوريون الآن على مجلس الشيوخ ومجلس النواب، ويحظى قضاته المختارون بأغلبية في المحكمة العليا. كما يتذكرون مدى صرامة ترامب حيال أوبك وأوبك+ خلال ولايته الأولى.”
وبينما كانت المملكة لا تزال تحاول التعافي من الأضرار المالية الناجمة عن حرب أسعار النفط الثانية، تعاونت مع موسكو لإنشاء تحالف أوبك+ وبدأت في خفض إنتاج النفط لرفع الأسعار.
لكن ترامب انتقد هذه الخطوة بسرعة ووضوح. وقال آنذاك إن “دول أوبك كالعادة تنهب باقي دول العالم، وهذا لا يعجبني،” مضيفا أن الولايات المتحدة تدافع عن العديد من هذه الدول مجانا، لكنها ترد برفع أسعار النفط. وتابع “نريدهم أن يكفوا عن رفع الأسعار. نريدهم أن يبدأوا بخفض الأسعار ويجب أن يساهموا بشكل كبير في الحماية العسكرية من الآن فصاعدا.” وفي الثلاثي الثالث من سنة 2018 وجّه ترامب للسعودية تحذيرات شديدة من العواقب الوخيمة التي يمكن أن تنتج عن إبقاء أسعار نفط برنت فوق 80 دولارا للبرميل.
ونتيجة لذلك لعبت المملكة دورا محوريا في مبادرة خفض الأسعار من خلال تنظيم زيادات إنتاج أوبك. وكانت تلك هي المرة الوحيدة خلال رئاسة ترامب التي سجلت فيها أسعار النفط ارتفاعا لفترة وجيزة.
وكان موقف ترامب القوي نتيجة تغيير جذري في السياسة الأميركية تجاه السعودية بعد حرب أسعار النفط الثانية، وهو أمر مستمر تدركه المملكة جيدا. واستندت الاتفاقية الرئيسية بين الولايات المتحدة والسعودية قبل تلك الحرب إلى صفقة أُبرمت في 14 فبراير 1945 بين الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت والملك السعودي عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
وبموجب هذه الاتفاقية تحصل الولايات المتحدة من السعودية على كل ما تحتاجه من النفط طالما توفرت المادة في المملكة. وفي المقابل ستحمي الولايات المتحدة السعودية.
كان معنى هذه الاتفاقية الذي أبرزته الولايات المتحدة في 1945 هو أن تُزوّد المملكة الولايات المتحدة بالنفط بأسعار عادلة بناءً على المستويات السابقة.
ومع ذلك شهدت الاتفاقية الأميركية – السعودية تحوّلا كبيرا بعد انتهاء حرب أسعار النفط في 2016. وكان التفاهم الجديد بشرط ألا تُلحق السعودية الضرر بالاقتصاد الأميركي.