زيادة أمراض الجهاز الهضمي لدى الشباب ظاهرة لا تزال أسبابها غير واضحة

هناك عوامل تساهم في الإصابة بسرطان القولون موجودة في التغذية.
الاثنين 2025/03/24
عوامل وراثية وراء الإصابة بسرطان المعدة

يشير الأطباء وخبراء التغذية إلى أن في التغذية عوامل تؤثر على خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وينصحون الشباب بتعديل نظامهم الغذائي للحد من الأعراض، مثل التقليل من تناول السكر والابتعاد عن الأطعمة المقلية والمشروبات الغازية وكل المنتجات المصنّعة، واستبدالها بالخضروات والأسماك والأرز والمعكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة. وطالت أمراض الجهاز الهضمي مثل سرطان القولون عددا متزايدا من الشباب.

باريس – تطال أمراض الجهاز الهضمي مثل سرطان القولون عددا متزايدا من الشباب بينما كان من النادر سابقا إصابة مَن هم دون الخمسين عاما بها. أما أسبابها التي تكون أحيانا وراثية، فلا تزال غير واضحة.

بدأ حمزة (23 عاما) منذ أن كان عمره ثماني سنوات يعاني من التهاب القولون التقرحي، وهو مرض التهابي مزمن يصيب الأمعاء الغليظة والمستقيم، وتحوّل إلى مرض كرون.

ويقول لوكالة فرانس برس “كنت أعاني من إسهال وآثار دم في البراز وألم شديد في معدتي لدرجة أنني ما عدت قادرا على الوقوف.” ويتابع “في المرحلة الثانوية، قضيت 60 في المئة من سنوات الدراسة إما في المستشفى أو المنزل،” مضيفا “كنت أشعر أنني مختلف عن الآخرين، وأشعر بالحرج من الذهاب إلى المرحاض باستمرار.” منذ ثلاث سنوات، وبفضل علاج فعّال، عاود الشاب اكتساب الوزن وبدأ من جديد يمارس الرياضة ويعمل لحسابه الخاص.

عندما يعاني الشخص في صغره من أعراض في الجهاز الهضمي كالدم في البراز ينبغي ألا يتردد في استشارة طبيب

وللحد من الأعراض، عدّل حمزة نظامه الغذائي، فقلل من تناول السكر وابتعد عن “الأطعمة المقلية والمشروبات الغازية وكل المنتجات المصنّعة،” مستبدلا إياها بـ”الخضروات والأسماك والمعكرونة والأرز المصنوعة من الحبوب الكاملة.”

ويقول الأستاذ في علم التغذية سيرج إيركبيرغ الذي ترأس لفترة طويلة البرنامج الوطني للتغذية والصحة التابع لوزارة الصحة الفرنسية، “نحن نعلم أنّ في التغذية عوامل تؤثر على خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.”

ويشير إلى أن “هناك تكهّنات كثيرة” أخرى، كالتعرض المبكر لعوامل الخطر أي الالتهابات المزمنة، والمواد المسرطنة والأغذية الفائقة المعالجة والمواد البلاستيكية الدقيقة والمبيدات الحشرية.

يُتابَع وضع حمزة في مستشفى جورج بومبيدو في باريس، الذي يشكل جزءا من شبكة مؤلفة من سبعة مراكز يعمل فيها متخصصون في إدارة مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم وأنواع السرطان التي يكون لدى المرضى استعدادات وراثية للإصابة بها.

يقول البروفيسور كريستوف سيلييه، رئيس قسم أمراض الكبد والجهاز الهضمي في بومبيدو “عندما يعاني الشخص في صغره من أعراض في الجهاز الهضمي، كالدم في البراز وآلام متكررة في المعدة وفقر الدم ونقص في الحديد، ينبغي ألا يتردد في استشارة طبيب، وألا يقول إنّ كل ذلك بسبب البواسير.”

ويضيف “في حين أن حالات سرطان القولون التي تُشخّص مبكرا نستطيع معالجتها كلها تقريبا، إلا أن الناس لا يتشجعون لاستشارة طبيب أو لا يشعرون بالارتياح عند الحديث عن أعراضهم، مما يعني أن بعض أنواع السرطان يتم تشخيصها بشكل متأخر.”

ححح

وبيّنت دراسة حديثة أجرتها الجمعية الوطنية الفرنسية لأمراض الجهاز الهضمي، أنّ أكثر من ثلث (37 في المئة) الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما لا يستشيرون متخصصا في الرعاية الصحية خوفا من اضطرارهم لإجراء فحوصات محرجة مثل تنظير القولون، والتي تمكّن من الكشف عن الأورام الحميدة وإزالتها قبل أن تتحول إلى أورام خبيثة.

ويقول سيليه “في فرنسا، كما هي الحال في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، تُصاب نسبة صغيرة من السكان بالسرطان قبل سن الخمسين، وهو العمر الذي تبدأ فيه الفحوص المنتظمة للكشف عن سرطان القولون والمستقيم. ولا نعرف السبب الحقيقي لذلك.”

في مختلف أنحاء العالم، تضاعف تقريبا معدل الإصابة بالسرطان (أكثر من 80 في المئة) لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما بين عامي 1990 و2019، على ما ذكرت دراسة واسعة نُشرت في مجلة “بي أم جاي إونكولوجي.”

متلازمة لينش حالة مرَضية تزيد من احتمال الإصابة بأنواع عديدة من السرطان. وهي حالة وراثية تنتقل من الآباء إلى الأبناء

ويقول البروفيسور فابريس بارليسي، المدير العام لمستشفى غوستاف روسي المتخصص في علاج السرطان والواقع قرب باريس “لا يزال هناك جهد كبير يتعيّن بذله لفهم الأسباب بشكل أفضل.”

يُعدّ سرطان القولون والمستقيم أحد أنواع السرطان الستة، إلى جانب سرطانات المخ والكلى والثدي، التي زاد معدل الإصابة بها بين عامي 2000 و2020 في فرنسا لدى المراهقين والشباب، بحسب دراسة حديثة أجرتها هيئة الصحة العامة في فرنسا.

وترتبط بعض أنواع السرطان التي تشكل أقل من 10 في المئة من المجموع، بالاستعداد الوراثي، وبالتالي “يتم اكتشافها بشكل أفضل، مما يتيح وضع خطط وقائية،” مع تنظير القولون بدءا من سن 20 عاما، وهو ما يحد من الإصابة بالسرطان “في 70في المئة من الحالات،” بحسب سيلييه.

منذ نحو عشر سنوات، يجري بيار (27 عاما) على غرار شقيقته، فحوصات كل عامين، لأن متلازمة لينش، وهو مرض وراثي، تعرّضه لخطر “الإصابة بسرطان المعدة في سن الخمسين،” على قوله. ويضيف “سنتابع وضعنا الصحي لبقية حياتنا، هذا ينقذنا من تعقيدات كبيرة.” ومتلازمة لينش حالة مرَضية تزيد من احتمال الإصابة بأنواع عديدة من السرطان. وهي حالة وراثية تنتقل من الآباء إلى الأبناء.

فالعائلات التي لديها متلازمة لينش تُصاب بالسرطان أكثر من المتوقع، وقد يشمل ذلك سرطان القولون وسرطان بطانة الرحم وأنواعًا أخرى من السرطان. تتسبب متلازمة لينش أيضًا في حدوث السرطان في سن مبكرة.

لهذا يحتاج الأشخاص المصابون بمتلازمة لينش فحصًا دقيقًا للكشف عن السرطان مبكرًا، لأنه إذا اُكتشف مبكرًا، فمن المرجح علاجه بنجاح. وربما يكون على بعض المصابين بمتلازمة لينش التفكير في استخدام علاجات للوقاية من السرطان.

كان يُطلَق على متلازمة لينش سابقًا سرطان القولون والمستقيم الوراثي غير السلائلي، وهو مصطلح يُستخدَم لوصف العائلات التي لديها تاريخ طويل للإصابة بسرطان القولون. أما متلازمة لينش، فهي المصطلح المستخدم عندما يتوصل الأطباء إلى جين متوارَث في العائلة ويُسبب الإصابة بالسرطان.

16