لبنان يخشى من استدراجه إلى بؤرة الصراع مجددا

بيروت - يثير التصعيد الجاري في الجنوب مخاوف اللبنانيين من محاولات تهدف إلى جر بلادهم مجددا إلى دوامة العنف، بعد أن تنفسوا الصعداء لاتفاق وقف إطلاق النار، وتولي الجيش اللبناني زمام الأمور بشكل متدرج في المناطق الحدودية تنفيذا للقرار 1701.
وصعدت إسرائيل منذ السبت هجماتها على جنوب لبنان، وشرقه، متهمة لبنان بخرق اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه في نوفمبر الماضي، عبر إطلاق صواريخ باتجاه أراضيها.
وكانت إسرائيل صرحت مرارا بأنها لن تتسامح مع أي استهداف من الأراضي اللبنانية، وأنها على استعداد لاستئناف الحرب على الجبهة الشمالية.
وشنّ الجيش الإسرائيلي الأحد غارات على جنوب لبنان وأعلن تصفية عنصر من حزب الله، وذكر في بيان أنه “هاجم وقضى على إرهابي من منظمة حزب الله في منطقة عيتا الشعب جنوب لبنان” بدون ذكر تفاصيل إضافية عن هويته.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية أعلنت في وقت سابق الأحد مقتل شخص في غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت سيارة في بلدة عيتا الشعب الحدودية.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بأن طائرات إسرائيلية قصفت منازل جاهزة في بلدتي الناقورة وشيحين القريبتين من الحدود، من دون أن تسفر عن إصابات. كما ذكرت أن غارات جوية إسرائيلية استهدفت بلدة اللبونة الحدودية.
وتأتي الضربات الجديدة بعد يوم على مقتل ثمانية أشخاص في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان، فيما حذّر رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام من خطر اندلاع حرب جديدة بعد أربعة أشهر من سريان الهدنة الهشة.
بدوره أدان الرئيس اللبناني جوزيف عون في بيان للرئاسة اللبنانية “محاولات استدراج لبنان مجددا إلى دوامة العنف” وقال “ما حصل اليوم في الجنوب، وما يستمر هناك منذ الثامن عشر من فبراير الماضي، يشكل اعتداء متماديا على لبنان وضربا لمشروع إنقاذه الذي أجمع عليه اللبنانيون.”
وأبدى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأحد استغرابه من “إطلاق صواريخ جديدة باتجاه إسرائيل أخيرا، في وقت لا تزال الدولة غائبة، الأمر الذي ينذر بإعادة خلط للأوراق، والتسبب بالمزيد من الخسائر البشرية والمادية.”
وكان الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان وليد جنبلاط حذر، السبت، من أن الحرب بين بلاده وإسرائيل أثبتت أن إطلاق الصواريخ وسط الموازين السياسية والعسكرية الحالية لن يجلب إلا الخراب والتدمير.
وأردف جنبلاط “لذا نتمسك بتنفيذ القرارات الدولية وباتفاق الهدنة. وبسط سيادة الدولة على كامل الأرض اللبنانية فوق كل اعتبار.”
ويعد التصعيد الجاري الأخطر والأكثر دموية منذ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي برعاية أميركية وفرنسية.
وقال قاسم إسطنبولي، وهو ممثل مسرحي من سكان مدينة صور الساحلية التي طالها القصف السبت، إن أصوات الضربات “أعادت إلى الأذهان لحظات الحرب الصعبة التي كنا نعيشها في الجنوب، خصوصا في صور.”
وأضاف “هذا يخلق شعورا بالخوف من أن تسوء الأمور أكثر.”
وقالت إسرائيل السبت إنها اعترضت ثلاثة صواريخ أطلقت من جنوب لبنان. وأوضح مسؤول إسرائيلي أنّ “ستة صواريخ أُطلقت صباحا على الجليل، ثلاثة منها دخلت الأراضي الإسرائيلية واعترضتها قوات سلاح الجو الإسرائيلي.”
وتعهد قائد أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال إيال زامير “برد الجيش بشدة على الهجمات” مضيفا في بيان “يتحمل لبنان مسؤولية احترام اتفاق الهدنة”.
التصعيد الجاري يعد الأخطر والأكثر دموية منذ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي برعاية أميركية وفرنسية
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس “لا يمكننا السماح بإطلاق صواريخ من لبنان على بلدات الجليل”، مضيفا “تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية عمليات الإطلاق من أراضيها. أمرت الجيش بالرد.”
وأضاف “وعدنا بلدات الجليل بالأمن وهذا ما سيحصل. مصير المطلة هو نفسه مصير بيروت.”
ونفى الحزب المدعوم من إيران ضلوعه في الهجمات الصاروخية التي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها، متهما “العدو الإسرائيلي” بالبحث عن “ذرائع لمواصلة اعتداءاته على لبنان.”
ونددت فرنسا مساء السبت بإطلاق صواريخ على إسرائيل من الأراضي اللبنانية، مع دعوة الدولة العبرية إلى “ضبط النفس إثر استئنافها ضرباتها ردا على هذا الأمر.”
وقالت الخارجية الفرنسية في بيان إن “فرنسا تدعو جميع الأطراف إلى احترام الالتزامات في إطار وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه، بهدف تجنب تصعيد قد تكون له تداعيات خطيرة على أمن لبنان وإسرائيل والمنطقة برمتها”، مذكرة “بأهمية عدم المساس بالتقدم الملحوظ الذي أحرز في الأشهر الأخيرة لضمان أمن الإسرائيليين واللبنانيين على جانبي الخط الأزرق”.
وفتح حزب الله جبهة ضد إسرائيل تضامنا مع حماس في بداية الحرب على غزة التي بدأت عقب هجوم الحركة الفلسطينية في السابع من أكتوبر.
وأدت الهدنة إلى هدوء نسبي في لبنان بعد أكثر من عام من الأعمال العدائية، رغم الضربات التي تواصل إسرائيل تنفيذها على أهداف تقول إنها مرتبطة بحزب الله، منذ الانسحاب الجزئي لقواتها من جنوب لبنان في الخامس عشر من فبراير.