ليبيا وتونس تسعيان لطي الخلاف حول موقوفين على الحدود من الجانبين

أكد المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة بأنّ اللجنة الموفدة لمتابعة أوضاع الليبيين المخالفين العابرين للحدود، أكّدت، بعد زيارتها إلى تونس استجابة السلطات التونسية وتعاونها في متابعة أوضاع الموقوفين ومعالجة الملفات العالقة، وهو ما يعتبره المراقبون خطوة نحو طي الخلاف حول الموقوفين على الحدود بين البلدين.
طرابلس - تسعى السلطات الليبية والتونسية لتجاوز الخلاف المتجدد بينهما منذ عقود حول موقوفين من الجانبين في علاقة بظاهرة التهريب سواء من ليبيا إلى تونس أو من تونس إلى ليبيا. وقدمت اللجنة الموفدة لمتابعة أوضاع الليبيين المخالفين العابرين للحدود إحاطة لرئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة حول مستجدات عملها خلال زيارتها إلى تونس، حيث أكدت على استجابة السلطات التونسية وتعاونها في متابعة أوضاع الموقوفين ومعالجة الملفات العالقة، وفق بلاغ صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية.
وكانت السلطات الليبية تعمدت القبض على عدد من التونسيين أثناء عبورهم معبر رأس جدير الحدودي بزعم تورطهم في عمليات تهريب للبضائع، وذلك بهدف إجبار السلطات التونسية على الإفراج عن ليبيين خاضعين لأحكام بالسجن في تونس. وتركز حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في طرابلس كل اهتمامها على الحدود مع تونس باعتبارها الحدود الوحيدة التي تبسط عليها نفوذها بالكامل فيما تعود السيطرة على الحدود مع النيجر وتشاد والسودان ومصر وجزء كبير من الحدود مع الجزائر إلى حكومة مجلس النواب التي تباشر عملها من بنغازي.
وأبلغت اللجنة، رئيس الحكومة، بأنه تم الإفراج عن أربعة موقوفين حتى الآن، مع استمرار الجهود لمتابعة أوضاع الآخرين بالتنسيق مع الجهات المختصة. وخلال الاجتماع، شدد الدبيبة على أن “حماية الليبيين وصون كرامتهم أينما كانوا هو التزام وطني ثابت،” مؤكدا أن “الدولة لن تتهاون في الدفاع عن حقوق مواطنيها، وأن الحكومة تتابع عن كثب جميع القضايا المتعلقة بالليبيين في الخارج لضمان معاملتهم بعدالة واحترام.”
كما أكد الدبيبة على أن “كرامة المواطن الليبي خط أحمر، ولن يُسمح بأيّ تجاوزات تمس حقوقه،” وفق تعبيره، وقالت حكومته إن هذه الجهود تأتي في إطار “تعزيز العلاقات الثنائية بين ليبيا وتونس، وتأكيد الحكومة على وقوفها الدائم إلى جانب مواطنيها، واتخاذ كل ما يلزم لضمان حقوقهم وحريتهم،” وفق البلاغ.
والثلاثاء، التقت وزيرة العدل التونسية ليلى جفال وكيل وزارة العدل اللّيبيّة لشؤون الدّيوان والمحاكم والنيابات بحكومة الوحدة الوطنيّة نزيهة عاشور علي، والوفد المرافق لها، حيث تم استعراض سبل دعم التعاون القضائي بين البلدين، والتأكيد على أهميّة متابعة المواضيع ذات الاهتمام المشترك، كالحرص على تذليل الصعوبات في كنف التقيُّد بالقوانين الوطنيّة في كلا البلدين والاتفاقيات الثنائيّة المبرمة بينهما، وفق بلاغ صادر عن وزارة العدل في تونس.
◙ إدارة إنفاذ القانون في حكومة طرابلس أعلنت عن إخلاء سبيل وسيم عظيم محمد شكمة من قبل السلطات التونسية
من جهتها، أعلنت إدارة إنفاذ القانون في الإدارة العامة للعمليات الأمنية في حكومة الدبيبة عن إخلاء سبيل المواطن الليبي وسيم عظيم محمد شكمة من قبل السلطات التونسية بعد قضاء فترة محكوميته، وأوضحت أن شكمة كان قد صدر بحقه حكم قضائي بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب نقل مواد غذائية (الكسكسي) عبر الحدود، وأن الإفراج عنه تم بعد قضاء جزء من العقوبة.
كما أفادت الإدارة أنه في مساء الأربعاء، تم استلام المواطن الليبي من قبل مديرية أمن منفذ رأس جدير البري وإدارة إنفاذ القانون بعد أن تم الإفراج عنه من قبل السلطات التونسية، وتابعت أن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها وزارة الداخلية للتواصل مع السلطات التونسية والعمل على حماية حقوق المواطنين الليبيين في الخارج، بما يتماشى مع الأطر الدبلوماسية والأمنية المتبعة.
وأعلنت إدارة إنفاذ القانون أنها تسلمت من تونس 3 مواطنين ليبيين محكوم عليهم بالسجن لمدة سنتين، كانوا يواجهون قضايا تتعلق بتهريب سلع غذائية تونسية المنشأ. بالمقابل، أفرجت السلطات الليبية عن 49 مواطناً تونسياً، كانوا قد أوقفوا سابقا وذلك بقرار من النائب العام الليبي، فيما تقرر الإبقاء على شخصين قيد الاحتفاظ لمواصلة الأبحاث.
وجاءت هذه التطورات في سياق المساعي الثنائية بين تونس وليبيا لحل الإشكالات العالقة بين البلدين، لاسيما ما يتعلق بقضايا التهريب والمعاملات الحدودية، وسط تأكيدات من الجانبين على أهمية التعاون الأمني والقضائي لضمان حقوق المواطنين واحترام القوانين السارية. والأحد الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الليبية عن تكثيف الدوريات الأمنية على الشريط الحدودي مع تونس، في إطار خطة لتعزيز تأمين الحدود ومكافحة التهريب والهجرة غير النظامية.
وأوضحت الوزارة، في بلاغ، أنها قامت بتسيير دوريات أمنية على الشريط الحدودي مع تونس، انطلاقا من نقطة ظهرة الخص، مرورا بـالنواظير الحدودية، وصولا إلى برج طويل الطاهر، وذلك تنفيذا لتعليمات جهاز حرس الحدود. ووفق أوساط ليبية، فإن هناك محاولات لخلط الأوراق بتشكيل رأي عام مناوئ لتونس بزعم رفض الجانب التونسي تسليم ليبيين متورطين في جرائم كبرى للسلطات الأمنية والقضائية في بلادهم.
◙ التطورات تأتي في سياق المساعي الثنائية بين تونس وليبيا لحل الإشكالات العالقة لاسيما ما يتعلق بقضايا التهريب والمعاملات الحدودية
وفي السياق ذاته، أعرب المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة عن استنكاره لعدم استجابة السلطات التونسية لمطلب تسليم المتهم بمحاولة اغتيال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية عادل جمعة، رغم إعلان مكتب النائب العام الليبي عن هوية المنفذ وتحديد مكان وجوده في تونس.
وأوضح المجلس في بيان له، أنه شكّل لجنة من وجهائه للتواصل مع مكتب النائب العام والجهات المختصة لمتابعة مسار استعادة المتهم، وأشار إلى أن غياب موقف واضح من الجانب التونسي يثير تساؤلات حول استمرار إيواء مطلوبين فارين من العدالة الليبية. وأبدى المجلس قلقه من تكرار هروب المطلوبين إلى تونس، وأكد ضرورة اتخاذ السلطات التونسية موقفًا رسميًا حيال هذه القضية، لاسيما في ظل إدانة حكومة الوحدة الوطنية للجريمة وتعهدها بملاحقة جميع المتورطين فيها.
وفي أواخر فبراير الماضي، قال مكتب النائب العام في ليبيا، إنه قد تم التعرف على مرتكب عملية محاولة اغتيال الوزير عادل جمعة ، وتبينت مغادرته البلاد نحو تونس عقب تنفيذه لجريمته، مشيرا إلى أن النيابة العامة قد “اتخذت إجراءات ملاحقته خارج الولاية القضائية الوطنية عبر آليات التعاون الدولي، وأمرت بالبحث عن المساهمين في الواقعة وضبطهم.” وكان الوزير الليبي قد تعرض إلى محاولة اغتيال في 12 فبراير بعد خروجه من قرية “بالم سيتي” -التي تحوي مقر البعثة الأممية- في الطرف الغربي للعاصمة الليبية.
وأعربت المؤسسة الوطنيّة لحقوق الإنسان بليبيا عن “استنكارها واستيائها الشديدين وإدانتها الصريحة لعدم تعاون السلطات الأمنية والقضائية في تونس في ما يتعلق بتسليم المطلوبين للعدالة في ليبيا وقادة عصابات الجريمة والجريمة المنظمة والمشتبه بهم في ارتكاب جرائم تتصل بالإرهاب في ليبيا، والموجودين على أراضيها، ورفضها المتكرر للتعاون القضائيّ وعدم الامتثال لما تنص عليه اتفاقيات التعاون الأمني والقضائي الثنائية المبرمة بين البلدين، وكذلك الاتفاقية العربية للتعاون القضائيّ وتسليم المطلوبين الموقعة في الرياض، وهو ما يعد إخلالا بالتزاماتها القانونيّة والقانون الدولي على المستويين الإقليمي والدولي في مكافحة الجريمة والإرهاب،” وفق بيان صادر عن المؤسسة .