أفريقيا تكافح لإزالة الحواجز أمام نشاط منطقة التجارة الحرة

أديس أبابا - حثت اللجنة الاقتصادية لأفريقيا حكومات القارة على الإسراع في إزالة الحواجز أمام دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية (زليكاف) حيز النفاذ الكامل باعتبارها محورا أساسيا لتعزيز النمو والتكامل الإقليمي.
وجاء ذلك بمناسبة الدورة الـ57 للجنة الاقتصادية لأفريقيا ضمن مؤتمر وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية في القارة والذي نظمته الأمم المتحدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على مدار أسبوع واختتمت فعالياته الثلاثاء.
وأكد تقرير اللجنة لعام 2025 على أهمية التنفيذ الكامل لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية، بما يشمل تخفيض الرسوم الجمركية وإزالة الحواجز غير الجمركية وتوحيد السياسات التجارية بين الدول الأفريقية.
وتطرق إلى ضرورة دخول المنطقة إلى العمل بشكل فعلي لتطوير سلاسل القيمة الإقليمية في قطاعات إستراتيجية مثل الصناعات الغذائية والسيارات والأدوية والطاقة المتجددة مع دمج السياسات المناخية في إطار تنفيذ الاتفاقية.
وأشار التقرير إلى أن أفريقيا تمر “بمنعطف حاسم” في مسارها التنموي، خاصة في ظل عدم استعادة مستويات ما قبل الوباء، ما يجعل تنفيذ الاتفاقية التي وقعت عام 2018 وبدأ العمل بها في 2021 يمثل “خارطة طريق لتحقيق نمو شامل ومستدام”.
وفي تعليقه على التقرير قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا كلافير غاتيتي إن القارة تمتلك فرصة “فريدة” لإعادة تشكيل مسارها الاقتصادي عبر تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية.
وأضاف أن المنطقة ستعمل على “تعزيز التحول من مورد للمواد الخام إلى منتج للسلع والخدمات ذات القيمة المضافة، ويدعم بناء اقتصاد أكثر تنافسية وابتكارا.”
وذكر أن التوقعات تشير إلى انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا من 67.3 في المئة عام 2023 إلى 62.1 في المئة في عام 2025، لكنه اعتبر أن هذا التحسن “غير كاف” لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وحسبما يقول الاتحاد الأفريقي، تشمل الحواجز التنظيمية والإجرائية العمليات الجمركية ومتطلبات التوثيق الحدودية ومستندات قواعد المنشأ وتوثيقها والتفتيش قبل الشحن.
وترتكز أدوات الاتفاقية على عوامل تشمل قواعد المنشأ ومنصة إلكترونية للعروض الجمركية والإشعار والمتابعة واعتماد نظام موحد للدفع والتسوية الرقمية ثم تأسيس مرصد التجارة الأفريقية.
وتؤكد العديد من المؤشرات أن المنطقة تعد أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية في 1995، حيث سيكون التكتل الاقتصادي الجديد سوقا لأكثر من 1.2 مليار مستهلك، ونجاحها رهين باتباع نموذج مشترك للتكامل ووضع الخلافات السياسية جانبا.
45
في المئة نسبة الزيادة في التجارة البينية بحلول عام 2045 وفق اللجنة الاقتصادية لأفريقيا
ووفقا لتقرير سابق صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، فإن إزالة هذه الحواجز تُمكن الاقتصاد الأفريقي من كسب 20 مليار دولار أي أكثر بكثير من 3.6 مليار دولار يمكن استردادها من خلال إلغاء التعريفات الجمركية.
وبحسب المحللين، فإن تنفيذ بنود الاتفاقية وإنشاء المنطقة سيأخذان على الأرجح عدة سنوات، كما أن نجاح المشروع يتوقف إلى حد بعيد على إزالة العقبات غير الضريبية مثل الفساد وترهل البنى التحتية وفترة الانتظار على الحدود.
وتشير دراسات اقتصادية مختلفة إلى أن أفريقيا ستكون في السنوات القادمة أهم الأسواق الواعدة في العالم، بينما لا يتجاوز حاليا حجم المبادلات التجارية البينية نسبة 11 في المئة فقط بين دول القارة.
وأوصى تقرير اللجنة بتبسيط الإجراءات الجمركية من خلال اعتماد التقنيات الرقمية مثل السجل الإلكتروني المشترك (البلوكتشين) ومعالجة البيانات إلكترونيا لتقليل تكاليف التجارة وتحسين الكفاءة.
كما أشار إلى ضرورة تعزيز مشاركة المرأة عبر سياسات تدعم وصولها إلى التمويل والتعليم والمهارات الرقمية، وكذلك الاستثمار في التنمية الحضرية المستدامة لتوفير بيئة داعمة للنمو الاقتصادي.
ويتوقع معدو تقرير اللجنة أن تؤدي الاتفاقية إلى زيادة التجارة البينية الأفريقية بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2045، مع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للقارة بنسبة 1.2 في المئة، ما يعزز التكامل الاقتصادي ويحفز التنمية.
ولتحقيق ذلك، تبدو حكومة القارة مطالبة بضخ استثمارات بقيمة 120.83 مليار دولار في قطاع النقل بحلول 2030 لدعم البنية التحتية إلى جانب تبسيط اللوائح التنظيمية لتعزيز الوصول إلى الأسواق وتشجيع الابتكار والرقمنة كركائز أساسية للتحول الاقتصادي.
وسبق أن قال البنك الدولي في تقرير إن “تنفيذا ناجحا لمنطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية سيكون ضروريا حيث إنها فرصة كبيرة لأفريقيا، لكن التنفيذ سيكون تحديا كبيرا”. وأشار إلى أن خفض الرسوم هو فقط الخطوة الأولى.
وتشير تقديرات البنك إلى أن اتفاق التجارة سينتشل 30 مليون أفريقي من فقر مدقع و68 مليونا من فقر معتدل بحلول 2035.