أمر إسرائيل بإخلاء شرق غزة وإغلاق رفح يثير مخاوف اجتياح بري

سموتريتش يؤكد أن الحرب الجديدة بمثابة عملية تدريجية بُنيت وخطط لها في الأسابيع الأخيرة منذ تولي إيال زامير قيادة الجيش.
الثلاثاء 2025/03/18
غزة على حافة الهاوية

دير البلح (قطاع غزة) - أمر الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، السكان بإخلاء شرق غزة والتوجه نحو وسط القطاع، مع إغلاق الدولة العبرية لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني، بعدما شنت موجة من الهجمات الجوية على جميع أنحاء القطاع.

وتشير الأوامر الصادرة  اليوم الثلاثاء إلى تصعيد خطير في الوضع، وسط تكهنات واسعة النطاق باحتمال اجتياح إسرائيل القطاع بريا مجددا.

وشنت إسرائيل هجمات جوية على قطاع غزة في وقت مبكر من اليوم الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل 330 فلسطينيا على الأقل، "غالبيتهم من النساء والأطفال"، وفق ما أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

وتسبب هذا القصف المفاجئ في انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ يناير الماضي، وهدد بإعادة إشعال فتيل الحرب الدائرة منذ 17 شهرا بشكل كامل.

وأمر الجيش الإسرائيلي السكان بإخلاء شرق غزة، بما في ذلك جزء كبير من بلدة بيت حانون شمالي القطاع وبلدات أخرى في الجنوب، والتوجه نحو وسط القطاع، مما يشير إلى أن إسرائيل قد تشن قريبا عمليات برية مجددا.

ويزيد إخلاء السكان من مناطقهم وتوجيههم إلى مناطق أخرى من الاكتظاظ وتدهور الظروف المعيشية، مما يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، كما يؤدي  إلى زيادة كبيرة في عدد النازحين، الذين يفتقرون إلى المأوى والغذاء والمياه النظيفة.

إلى ذلك، أعادت إسرائيل، صباح الثلاثاء، إغلاق الجانب الفلسطيني من معبر رفح أمام خروج المرضى والجرحى من قطاع غزة، مما يزيد من صعوبة حركة السكان وتأمين الاحتياجات الأساسية.

وقالت هيئة البث العبرية الرسمية، إن إسرائيل أبلغت العاملين في الجانب الفلسطيني من المعبر هذا الصباح بأن المعبر قد أغلق على الفور.

وتابعت "تم إخطار بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في المعبر بالقرار".

ولفتت إلى أن "افتتاح معبر رفح في إطار تفاهمات اتفاق المرحلة الأولى" من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة. وبموجب الاتفاق، سُمح باستخدام المعبر لإخراج جرحى ومرضى من القطاع.

فيما لا تزال المعابر الرئيسية الأخرى، ومن ضمنها معبر "إيرز" ومعبر "كرم أبوسالم"، مغلقة منذ نحو أسبوعين.

ويضاعف هذا الامر الوضع الإنساني سوءا، حيث يتكدس السكان في مناطق ضيقة، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض، ونقص الغذاء، والمأوى.

ويرى مراقبون أن التصعيد العسكري يهدف إلى الضغط على الفصائل الفلسطينية، وإجبارها على تقديم تنازلات، بعد تعثر المفاوضات التي انطلقت قبل أسابيع في الدوحة، وفشلها في التوصل إلى تمديد للهدنة.

ففيما طالبت إسرائيل بتمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في 19 يناير الماضي، أكدت حماس تمسكها بما اتفق عليه سابقا والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.

وجاء ذلك وسط تصاعد الضغوط في الداخل الإسرائيلي على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من قبل بعض الأصوات المتطرفة، التي طالبت بالعودة إلى الحرب بدل الانتقال إلى المرحلة الثانية.

وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الثلاثاء، إن تل أبيب بدأت التخطيط لاستئناف الحرب على قطاع غزة "خلال الأسابيع الماضية مع تولي الرئيس الجديد لأركان الجيش إيال زامير منصبه".

وأضاف زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، في منشور على منصة إكس "كما وعدنا وشرحنا، عاد الجيش الإسرائيلي إلى هجوم مكثف على غزة".

واعتبر أن الحرب الجديدة بمثابة "عملية تدريجية بُنيت وخطط لها في الأسابيع الأخيرة منذ تولي رئيس الأركان الجديد منصبه"، مدعيا أنها "ستبدو مختلفة تماما عما تم القيام به حتى الآن"، دون مزيد من التفاصيل.

ومطلع مارس الجاري، تسلم زامير منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي خلفا للمستقيل هرتسي هاليفي الذي قاد حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين في قطاع غزة لأكثر من 15 شهرا.

والاثنين الماضي، قالت هيئة البث العبرية إن زامير أقر خططا عسكرية لاستئناف الحرب على قطاع غزة، خلال زيارته لقيادة المنطقة الجنوبية.

وأشارت إلى أن الخطط الجديدة "تتضمن تكثيف الضربات الجوية، وتوسيع نطاق التحركات البرية، وإعادة إخلاء شمال قطاع غزة من الفلسطينيين، إلى جانب الاستعداد لاستدعاء مئات آلاف من جنود الاحتياط وفقا لأوامر الطوارئ".

وعن موقفه من سياسات نتنياهو تجاه غزة، جدد سموتريتش الإشارة إلى رفضه أي صفقات تعقد بين تل أبيب وحماس، وقال "في هذه اللحظة، بقينا في الحكومة على الرغم من معارضتنا للصفقة، ونحن أكثر تصميما من أي وقت مضى على إكمال العمل وتدمير حماس"، بحسب المنشور ذاته على إكس.

واستمر سموتريتش في الحكومة واضعا شرط "تنفيذ المرحلة الأولى فقط من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة ثم العودة إلى الحرب".

وأصدر نتنياهو تعليمات للجيش باتخاذ "إجراء قوي" ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة ردا على رفض الحركة إطلاق سراح الرهائن ورفضها كل مقترحات وقف إطلاق النار.

وذكر مكتب نتنياهو في بيان "ستتحرك إسرائيل، من الآن فصاعدا، لمواجهة حماس بقوة عسكرية متزايدة".

بينما أصدرت حماس بيانا اتهمت فيه إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار، مما يجعل مصير 59 رهينة لا يزالون في غزة مجهولا.

وذكرت تقارير أن غارات استهدفت مواقع متعددة. وقال مسؤولون في وزارة الصحة الفلسطينية إن عددا كبيرا من القتلى أطفال.

وفي المستشفيات التي عانت من قصف على مدى 15 شهرا، تسنت مشاهدة أكوام من الجثث ملفوفة بأغطية بلاستيكية بيضاء ملطخة بالدماء.

وأكد الجيش الإسرائيلي، الذي قال إنه قصف عشرات الأهداف، أن الضربات ستستمر ما دام ذلك ضروريا وستتجاوز نطاق الغارات الجوية، مما يزيد من احتمالات استئناف القوات البرية الإسرائيلية القتال.

ولم ترد أي تقارير عن شن أي هجمات من قبل حماس بعد عدة ساعات من القصف، مما يشير إلى أنها لا تزال تأمل في استعادة الهدنة.

ودعا منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى العودة لوقف إطلاق النار في غزة فورا.

وقال مهند هادي في بيان "شهد قطاع غزة منذ ساعات الصباح الأولى موجات من الغارات الجوية... هذا جائر".

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن إسرائيل فتحت ملاجئ في عدة مناطق بتل أبيب استعدادا لرد محتمل من حماس أو اليمن.

ويأتي تجدد الضغط الإسرائيلي المكثف على حماس في وقت يشتعل فيه التوتر في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، حيث امتدت حرب غزة إلى لبنان واليمن والعراق.