إيران تستعرض قوتها باعتراض مسيرة تجسس أميركية قرب مجالها الجوي

طهران - أفاد موقع "نور نيوز" الإيراني نقلا عن القوات الجوية الإيرانية قولها الاثنين إن طائرة تجسس أميركية مسيرة انسحبت من قرب المجال الجوي الإيراني بعد أن اعترضتها طائرات مقاتلة إيرانية من طراز إف-14 وطائرات استطلاع مسيرة.
وذكر الموقع أن القوات المسلحة الإيرانية لا تزال في حالة تأهب قصوى، استعدادا "لدفاع شامل وهجوم مضاد عنيف على مصالح العدو في الشرق الأوسط".
وحذرت قوة الجوفضاء التابعة للحرس الثوري، من أنها "ستسقط أي طائرة معادية تدخل مجالها الجوي، سواء كانت مأهولة أو غير مأهولة. نحذر العدو من أي استفزاز قد يُقدم عليه".
ولم تعلق القيادة المركزية الأميركية على التقارير الإيرانية، ولم تشر إلى الحادث أو أي من تفاصيله.
ويشير اعتراض الطائرة المسيرة إلى قدرة إيران على مراقبة مجالها الجوي والتصدي للطائرات الأجنبية، مما يعكس تطور قدراتها الدفاعية.
لكن استخدام طائرات "إف-14" المقاتلة، التي تعود إلى فترة ما قبل الثورة الإسلامية، يثير تساؤلات حول قدرة إيران على صيانة وتحديث ترسانتها العسكرية.
ويرى مراقبون أن نشر هذا الخبر عبر وسائل الإعلام الإيرانية يدخل في خانة الحرب الإعلامية بين إيران والولايات المتحدة، حيث يسعى كل طرف إلى إظهار قوته وقدرته على حماية مصالحه.
ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن إيران بإعلانها عن إجبار المسيرة الأميركية على التراجع يهدف لرفع معنويات قواتها وشعبها، وتأكيد قدرتها على مواجهة التحديات.
وتصاعد التوتر بين طهران وواشنطن بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين إنه سيحمل إيران مسؤولية أي هجمات تنفذها جماعة الحوثي المتحالفة معها باليمن، في الوقت الذي وسعت فيه إدارته أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ عودته إلى البيت الأبيض.
وكتب ترامب على منصة تروث سوشيال "من الآن فصاعدا، سيُنظر إلى كل طلقة يطلقها الحوثيون على أنها خرجت من أسلحة وقيادة إيران، وستتحمل إيران المسؤولية وستواجه عواقب، وستكون هذه العواقب وخيمة!".
وقال البيت الأبيض إن رسالة ترامب لإيران هي أن تأخذ تصريحات الولايات المتحدة على محمل الجد.
وندّدت إيران في رسالة إلى الأمم المتّحدة الإثنين بالتصريحات "العدوانية" التي أدلى بها ترامب، محذّرة من أنّ أيّ عمل عسكري ضدّها ستترتّب عليه "عواقب وخيمة" تتحمّل واشنطن وحدها "المسؤولية الكاملة" عنها.
وقال السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي "أودّ أن أعرب عن قلقي العميق وإدانتي القاطعة للتصريحات العدوانية الأخيرة التي أدلى بها كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، بمن فيهم رئيس الولايات المتّحدة" الذين "يحاولون يائسين" تبرير الضربات الأميركية في اليمن و"يهدّدون علانية باستخدام القوة ضدّ إيران".
وشدّد الدبلوماسي الإيراني على أنّ هذا التهديد يمثّل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي" ويستند إلى "اتّهامات لا أساس لها من الصحّة".
وأضاف أنّ "الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترفض وتدين بشدّة هذه التصريحات المتهورة والاستفزازية وتدعو مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف واضح ومبدئي في إدانة هذا الخطاب التحريضي".
وطلب السفير الإيراني من مجلس الأمن الدولي أيضا "دعوة الولايات المتحدة إلى الالتزام بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة".
وحذّر إيرواني من أنّ بلاده "ستدافع بكلّ حزم عن سيادتها وسلامة أراضيها ومصالحها الوطنية في إطار القانون الدولي ضد أي عمل عدائي".
وتأتي هذه الرسالة فيما كثفت الولايات المتحدة عملياتها العسكرية ضد الحوثيين، وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها قصفت أكثر من 30 موقعا حتى الآن، وستستخدم قوة مميتة هائلة ضد الحوثيين حتى يتوقفوا عن هجماتهم. وصرح المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل بأن الهدف ليس تغيير النظام.
وقال اللفتنانت جنرال أليكس غرينكويش، مدير العمليات في هيئة الأركان المشتركة إن أحدث حملة ضد الحوثيين مختلفة عن الحملة التي شنها الرئيس السابق جو بايدن، لأن الأهداف أوسع نطاقا وتشمل خبراء الطائرات المسيرة البارزين في جماعة الحوثي.
وقال غرينكويش إن عشرات الحوثيين قُتلوا في الضربة.
وشنّت الولايات المتّحدة ضربات عسكرية ضدّ العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين خلال نهاية الأسبوع الماضي أسفرت عن مقتل العشرات.
وقالت وزارة الصحة التابعة للحوثيين الأحد إن 53 شخصا على الأقل قُتلوا في الهجمات. وأضافت أن خمسة أطفال وامرأتين من بين القتلى، بينما أصيب 98 آخرون. ولم يتسن لرويترز التحقق من أعداد الضحايا بشكل مستقل.
وشنت جماعة الحوثي التي تسيطر منذ نحو عشر سنوات على أكثر مناطق اليمن اكتظاظا بالسكان، هجمات على السفن قبالة السواحل اليمنية بدأتها في نوفمبر 2023، مما تسبب في تعطيل التجارة العالمية.
وقال مسؤول أميركي لرويترز إن الضربات قد تستمر أسابيع في وقت تكثف فيه واشنطن ضغوطها على إيران بفرض عقوبات لإجبارها على التفاوض بشأن برنامجها النووي.
وتسلمت إيران الأسبوع الماضي رسالة من ترامب عبر مسؤول إماراتي يقترح فيها الرئيس الأمريكي إجراء محادثات نووية مع طهران، ورفض الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الرسالة ووصفها بأنها "مخادعة".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي الاثنين إن إيران سترد على رسالة ترامب بعد "دراسة متأنية".
ويقول الحوثيون إن هجماتهم تأتي تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة. وأجبرت هجمات الحوثيين شركات الشحن على تغيير مسار سفنها نحو رحلات أطول وأكثر تكلفة حول جنوب قارة أفريقيا.
وتصف الولايات المتحدة وحلفاؤها هذه الأعمال بأنها تُنفذ بلا تمييز وتشكل تهديدا للتجارة العالمية
وتوعّد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، الاثنين، الولايات المتحدة بـ"خيارات تصعيدية أكثر إيلاما وإزعاجا"، في حال استمرار عدوانها على اليمن.
وأعلن الحوثي في كلمة متلفزة "هروب حاملة الطائرات الأميركية (ترومان) إلى أقصى شمال البحر الأحمر بمسافة 1300 كلم بعد الاشتباك مع قوات الجماعة".
واستطاع الحوثي أن يجعل من الجماعة جيشا يضم عشرات الآلاف من المقاتلين ويمتلك ترسانة من الطائرات المسيرة المسلحة والصواريخ البالستية. وتقول السعودية ودول غربية إن إيران تزود الجماعة بهذه الأسلحة، وهو ما تنفيه طهران.
ورغم الدعم الإيراني، ينفي الحوثيون تدخل طهران في قرارات الجماعة ويقول خبراء في الشأن اليمني إن دوافعها محلية في المقام الأول.
وذكر المتحدث العسكري باسم الحوثيين في بيان بثه التلفزيون فجر الثلاثاء أن الجماعة "نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت حاملة الطائرات الأميركية 'يو إس إس هاري ترومان' للمرة الثالثة خلال الـ48 ساعة الماضية".
وتنتمي جماعة الحوثي إلى تحالف إقليمي معاد لإسرائيل والقوى الغربية يعرف باسم "محور المقاومة" ويضم مجموعات مسلحة تحظى بدعم إيراني منها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وجماعة حزب الله اللبنانية.
وبعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، أضعفت ضربات عسكرية إسرائيلية قوة حلفاء إيران في المنطقة.
واغتيل قادة كبار في حماس وحزب الله كما تلقت طهران ضربة كبيرة بسقوط حليفها الرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر كانون الأول. لكن جماعة الحوثي والجماعات الموالية لإيران في العراق لا تزال قوية.
وقال الحوثيون الأسبوع الماضي إنهم سيستأنفون الهجوم على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر إذا لم تلغ إسرائيل حظر دخول المساعدات إلى غزة.