منصات حجز المطاعم تستعين بالذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة الأعمال

باريس - تحاول منصات عالمية متخصصة في مجال حجوزات المطاعم عبر الإنترنت، أبرزها ذي فورك، التصدي لانتشار ظاهرة عدم الالتزام بمواعيد الحجز، وقد نشرت خصوصا لهذه الغاية أخيرا سلسلة أدوات تعمل بالذكاء الاصطناعي لتقليص هذه الحالات بما يصل إلى الثلث تقريبا.
واعتمدت ذي فورك، التي تقول إنها تتيح الحجز في 55 ألف مطعم موزعة على 12 دولة، حلا جذريا في نهاية عام 2024 يتمثل في حذف حسابات الزبائن الذين لديهم أربعة حجوزات لم يلتزم أصحابها بها.
ونتيجة لذلك “جرى إلغاء مئات الملفات الشخصية وانخفضت ظاهرة عدم الوفاء بالحجوزات بنسبة 10 في المئة منذ تنفيذ هذا الإجراء،” وفق المدير العام للشركة في أوروبا الغربية والتابعة لمجموعة تريب أدفايزر الأميركية داميان روديير.
ويوضح لوكالة فرانس برس “في السابق كنا نستخدم سياسة الجزرة، أما الآن فنستخدم سياسة العصا! إنها ظاهرة تؤثر على جميع الأسواق، حتى وإن لاحظنا انخفاضا في عدد حالات عدم الوفاء بالحجوزات في أوروبا الشمالية.”
وفي حين أن عدم الوفاء بالحجوزات ليس بالأمر الجديد، فقد تسارع هذا المنحى بشكل كبير منذ جائحة كورونا، إلى درجة أنه في عام 2022 نشر حوالي مئة صاحب مطعم فرنسي مقالا في وسائل إعلام متخصصة لانتقاد هذه الظاهرة.
وجاء في المقال “منتجات مهدورة، ومطابخ معطلة، واختلالات في الخدمات، ومشكلات في التنظيم، ومبيعات متضررة… عدم الوفاء بحجز لشخصين أو أربعة أو ثمانية أو عشرين شخصا يدفع فاتورته المطعم بأكمله.”
ويقول بيلي فام، المؤسس المشارك لمجموعة باو فاميلي للمطاعم الصينية في باريس ومرسيليا جنوب شرق فرنسا، “لم يتغير شيء” في هذا الوضع.
ويضيف “نريد أن نتمكن من الاستمرار في تقديم خيارات الحجز للمستهلكين، ولكن المشكلة هي أنه لسوء الحظ هناك بعض الأشخاص الذين ما زالوا يرفضون الالتزام بالشروط.”
وتشير التقديرات التي ساقها توما جانجان، رئيس برنامج زينشيف للإدارة، إلى أن 70 في المئة من أصحاب المطاعم يواجهون حالات عدم التزام بالحجوزات، وأن 10 في المئة من الحجوزات لا تُلبى في المتوسط، وهو ما يمثل 15 في المئة من إجمالي المبيعات.
وقال جانجان، الذي يستخدم برنامجه في 25 ألف مطعم في فرنسا وأوروبا الشمالية، “في قطاعٍ هوامش الربح فيه منخفضة، يُمثل هذا الأمر مشكلةً بالغة.”
وترتبط هذه الظاهرة في أغلب الأحيان بحالات السهو، أو بحصول أحداث غير متوقعة، ولكن أيضا وبشكل متزايد بالحجوزات المتعددة.
وبالنسبة إلى الأشخاص الذين ينسون مواعيد حجوزاتهم، اعتادت المنصات في السنوات الأخيرة إعداد رسائل تذكير عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية القصيرة، مع خيارات إلغاء بسيطة للغاية تقلل وفق ذي فورك من حالات التغيّب عن الحضور بنسبة 30 في المئة.
ويوضح جانجان “الحل الآخر هو قائمة الانتظار التي تسمح بملء الطاولات حتى في حالة إلغاء الحجز.”
ويضيف “طبقنا أيضا أداةً تُمكّننا من التنبؤ بحالات عدم الحضور. فمثلا، يتم تنبيه صاحب المطعم في حال كان الحجز في مطعمه مصدره شخص تغيب مرات عدة عن المطعم في مواعيد حجز سابقة، أو أنّ هناك خطرا كبيرا لعدم الحضور نظرا لوجود ثلاثة حجوزات متوازية في الليلة نفسها.”
70
في المئة من أصحاب المطاعم يواجهون حالات عدم التزام بالحجوزات، ما يمثل 15 في المئة من إجمالي المبيعات
وتستخدم هذه الأداة الذكاء الاصطناعي، تماما مثل منافستها ذي فورك. ويوضح داميان روديير “لقد طورنا نظام تقييم يتنبأ بمخاطر عدم الحضور. إذا كان الزبون مشكوكا فيه، يُمكننا تفعيل تذكير تلقائي والجمع بين حلول مختلفة، مثل طلب رقم بطاقة الائتمان.”
وبالنسبة إلى المنصات، فإن أخذ أرقام بطاقات الائتمان مع خيار خصم الأموال من الزبائن الذين لا يوفون بحجزهم يظل الأداة الأكثر فاعلية، ولكنّ الفرنسيين، على وجه الخصوص، مترددون في اعتماد هذا الحل.
ويقول فام “لقد حاولنا تطبيق بصمات بطاقات الائتمان، ولكننا وجدنا أن ذلك أدى إلى انخفاض الحجوزات لأنه لم يكن هو القاعدة، خصوصا في المؤسسات مثل مؤسستنا حيث يكون متوسط الفاتورة منخفضا للغاية.”
ويؤكد باسكال موسيه، الذي يدير مطاعم عدة في باريس، وهو مسؤول في إحدى أهم نقابات أصحاب العمل في هذا القطاع بفرنسا، “يمكن للمطاعم الفاخرة أن تطلب ذلك لأنها ممتلئة طوال العام، ويصعب الحصول على حجز لطاولة فيها.”
وأضاف “لكنّ هناك ترددا كبيرا من الزبائن. أنا أطلب ذلك ممّن يحجزون لخمسة أشخاص أو أكثر.” وتابع “صحيح أن المنصات فعالة، لكنها لا تقدم معلومات كافية عن كلفة هذه الأدوات لأصحاب المطاعم،” مشيرا إلى زيادة كبيرة في أسعارها في عام 2025.