مختصون أردنيون: للصيام تأثير نفسي إيجابي على الأطفال

عمان - هناك محاذير صحية ينبغي أخذها في الاعتبار قبل تشجيع الأطفال على صيام رمضان. وبين مسؤولية الأهل في تنمية الوعي بأهمية الصيام وبين مشقة هذه العبادة يرى مختصون تحدثوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) في أن يكون صيام الأطفال تدريجيا وتحت الرقابة كأن يصوم الطفل جزءا من النهار ومنحه القرار بأن يفطر في الساعة التي يريد بهدف تعزيز قدرته على الصوم عند بلوغه سن التكليف، مشيرين إلى أن للصيام تأثيرا نفسيا إيجابيا على الأطفال، حيث يساعدهم في تنمية الصبر والتحمل والشعور بالمسؤولية، فضلا عن تعزيز قيم الرحمة والتعاطف مع الآخرين.
وقال الناطق الإعلامي لدائرة الإفتاء العام الدكتور أحمد الحراسيس، إن صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام وفرض على المسلم البالغ العاقل المقتدر، مشيرا إلى أن الصوم يجب على المسلم عند بلوغه سن التكليف (سن البلوغ) سواء أكان ذكرا أو أنثى.
وأضاف، أن من المستحب تشجيع أولياء الأمور لأبنائهم الذين بلغوا سن التمييز (سبع سنوات) على صيام الشهر المبارك تدريجيا، استنادا إلى ما رواه النبي صل الله عيه وسلم: “علموا أولادكم الصلاة لسبع، ويقاس عليه الصيام،” موضحا أن تعليم الأطفال الصيام قبل بلوغهم سن التكليف هو تدريب لهم على تحمل مشقة الصيام لكن يجب أن يكون تدريجيا مع مراعاة قدرتهم الجسدية وحالتهم الصحية والنفسية خلال امتناعه عن الطعام.
وأضاف، الصوم ليس واجبا للأطفال قبل سن البلوغ، بل هو تعليم تدريجي يجب أن يتم بعناية ورحمة وإذا شعر الطفل الصائم بالإرهاق أو التعب ينبغي أن يفطر دون تعريضه للوم أو انتقاد أو سخرية لأن الهدف الأساس هو التدريب والتعليم.
وشدد الحراسيس على ضرورة أن يراعي أولياء الأمور قدرات أطفالهم في عملية التدريب على الصوم من خلال تقسيم ساعات النهار إلى أجزاء وفقا لقدراتهم الجسدية والنفسية، مع تحفيزهم على الالتزام بقيم الصيام مثل الصبر والشعور بالفقراء، مشيرا إلى أنه لا يجب مقارنة الأطفال بعضهم ببعض، لأن لكل منهم قدرة خاصة على التحمل. الهدف هو تزويدهم بالمعرفة وتعليمهم القيم الإسلامية السمحة.
من جهته، أشار مستشار أول في طب الأطفال وأخصائي أمراض الكلى الدكتور متروك العون، إلى أن الصيام بين سن 7 إلى 12 عاما يمكن أن يكون مفيدا إذا تم تدريجيا وتحت إشراف الأهل لمراقبة الوضع الصحي والنفسي لابنهم مخافة أن يلحق الصوم به ضررا، مؤكدا أن الأطفال في هذا العمر يمكنهم الاستفادة من الصيام بشكل تدريجي، شريطة أن يتم تحضيرهم جسديا وعقليا لضمان صحتهم أثناء هذه الفترة.

وأوضح الدكتور العون أن الصيام قد يؤثر على مخزون الحديد لدى الأطفال الذين لم يتجاوزوا سن العاشرة كما تؤكد بعض الدراسات، معربا عن اعتقاده بأن سن 14 عاما هو الأكثر ملاءمة للانتظام بالصوم بشرط أن تكون الحالة الجسمانية والصحية سليمة.
ونبه إلى ضرورة إعفاء الأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل فشل الكلى، فقر الدم، السكري، التهاب المعدة والأمعاء، أو قرحة المعدة والإثني عشر من الصيام حفاظا على صحتهم.
وأشار العون إلى أهمية زرع فكرة الصيام تدريجيا في نفوس الأطفال، وشرح معاني الصوم لهم بشكل مناسب يساعدهم على فهم مغزاه الروحي والصحي، بالإضافة إلى تعليمهم قيم الصبر والتحمل، مؤكدا أن توعية الأطفال بأهمية الصوم لا تقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل تشمل أيضا تعزيز الوعي الروحي والشعور بمعاناة الفقراء.
وقالت أخصائية التغذية حنين جرار، إن تأثير الصيام على طاقة الأطفال قد يكون ملحوظا في البداية، إلا أن التكيف مع مرور الوقت يساعد الجسم على الاعتماد على الدهون المخزنة لتوفير الطاقة، مما يؤدي إلى تحسين التركيز والأداء الذهني خلال ساعات الصيام.
وأشارت إلى أن من أبرز الأطعمة التي يجب أن يتناولها الأطفال بشكل مستمر هي البيض، الذي يعد مصدرا غنيا بالبروتينات والدهون الصحية، ما يساهم في تعزيز التركيز وتقليل الشعور بالجوع، مشددة على أهمية تناول كوب من الماء كل ساعة من وقت الإفطار حتى السحور للحفاظ على مستوى الترطيب الأمثل للجسم.
وفي ما يخص الأطفال الذين يعانون من السمنة، أكدت ضرورة إشراف اختصاصي تغذية لمتابعة صومهم لضمان الاستفادة من فقدان الدهون بشكل آمن خلال الشهر الفضيل، داعية إلى مراقبة أداء الأطفال الذهني والجسدي أثناء فترة الصيام، حيث أن قدرة الأطفال على تحمل الصيام تختلف من طفل لآخر حتى وإن كانوا في سن واحدة.