"الربان والبوصلة" سيرة ياسر عرفات ختيار القضية الفلسطينية

الكتاب يرسم صورة نفسية صادقة في جملتها وتفصيلها تستنطق ملامح شخصية "أبوعمار".
السبت 2025/03/15
الرجل الأكثر جدلا في تاريخ فلسطين

عمان - يقدم الكاتب والباحث الأردني د. حسن الصباريني، في كتابه الجديد “الربان والبوصلة”، كل ما عرفه وتمحصه عن حقبة مفصلية ارتبطت بالقضية الفلسطينية، وبشخصية ياسر عرفات الذي ارتبط اسمه بها وشغل الناس على مدى نصف قرن تقريبا.

يفتح الكتاب، الصادر حديثا عن “الآن ناشرون وموزعون” في عمان، نافذة يطلع القارئ من خلالها على حقيقة بعض ما جرى، وهو يرسم صورة نفسية صادقة في جملتها وتفصيلها تستنطق ملامح شخصية “أبوعمار” (أو “الختيار” كما كان يلقب بالعادة) في الإطار الإنساني والسياسي، ذلك القيادي الذي حظي بشعبية جارفة ودائرة خصوم واسعة.

ولم يختلف الفلسطينيون على شخص، ولم يتفقوا، بقدر ما حصل ذلك بخصوص ياسر عرفات، إذ شكل ذلك الشخص ظاهرة محيرة فعلا، فهو الذي كان وراء انطلاقة الكفاح المسلح الفلسطيني، ولكنه كان أيضا وراء البرنامج المرحلي، وفوق هذا وذاك فإن اتفاق أوسلو (1993) ما كان يمكن أن يمر على الفلسطينيين، ولا من أي شخص آخر، لولا أنه تغطى بكوفيته المرقطة، التي ترمز إلى كفاح الفلسطينيين العنيد والطويل. ما يجعله الشخصية الأكثر بروزا في تاريخ الفلسطينيين وقضيتهم، كما تكشف السيرة الجديدة.

يتضمن الكتاب، بحسب ما أشار المؤلف في مقدمته، السيرة الشخصية الخاصة لياسر عرفات، المختلف عليها حتى في الاسم ومكان الولادة، ولا يعرف سبب إخفاء شخصيته الحقيقية، وكثرة استخدام الألقاب، فقد صرح يوما: نادوني ياسر عرفات ودعكم من أسماء أخرى. واللقب الأكثر شهرة الذي لازمه: أبوعمار.

في الكتاب نقرأ نوادر وأسرارا ذكرت على وجه قصصي سريع ومحطات مؤثرة ومثيرة وأحداثا تاريخية لا تمحى
في الكتاب نقرأ نوادر وأسرارا ذكرت على وجه قصصي سريع ومحطات مؤثرة ومثيرة وأحداثا تاريخية لا تمحى

ويستطرد المؤلف في حديثه عن أبي عمار بالإشارة إلى أنه “مفجر الثورة الفلسطينية المعاصرة مع رفاقه، والرئيس الثالث لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد أحمد الشقيري ويحيى حمودة، ورئيس حركة فتح، وقائد قوات العاصفة/ الجناح العسكري للحركة التي اقترح اسمها، وانتخب ممثلا لها وناطقا بلسانها في اجتماع مغلق لم يحضره، وصاحب أول طلقة، وأول توقيع لاتفاقيات مباشرة مع العدو الصهيوني، وأول زعيم بلا دولة يلقي خطابا في الأمم المتحدة”.

وخلال كتابه التزم الصباريني بالشروط الموضوعية التي تستوجب مراعاة الحيادية، مستندا إلى أوثق المصادر، ومحاولا جمع أكبر قدر من المعلومات، ومتجنبا روايات تحوي ما لا يحتمل القبول، مع تخصيص مساحة معتبرة لآراء وشهادات مخالفة، بعيدا عن أي تحيز.

وفي الكتاب نقرأ نوادر وأسرارا ذكرت على وجه قصصي سريع، ومحطات مؤثرة ومثيرة، وأحداثا تاريخية لا يمحوها الزمن، بل يزيدها عمقا.

ومن العناوين الداخلية للكتاب نقرأ “فتح.. أنا الذي اقترحت الاسم”، “الكرامة.. ستالينغراد الثانية”، “شبح أيلول”، “ليلة الهروب من عمان”، “تشي والمصالحة”، “زعيم دون دولة على منبر الأمم المتحدة”، “الاجتياح… قلعة شقيف وأطفال الآر.بي.جي”، “العناق التاريخي بين عرفات ومبارك”.

وبعد تطوافه في جل مفاصل حياة ياسر عرفات يقدم المؤلف عصارة ذلك التطواف عبر “الكلمة الأخيرة”، وفيها يلفت النظر إلى أن “دراسة سيرة الشخصيات التي لعبت دورا مؤثرا في القيادة والساسة وحياة الشعوب، ليست مجرد ثقب نتلصص منه على حياتهم، بل هي تاريخ مفتوح يحتاج دوما إلى إعادة قراءة، دون إهمال لأي زاوية؛ فالتاريخ مجال رحب وهام قابل للدرس وإعادة الدرس”.

ويختتم د. الصباريني كتابه بقوله “أكرر ما جاء في مقدمة الكتاب: ما أشقى الحديث عن ياسر عرفات.

 شخصية استثنائية جدلية حتى العظم؛ سوغ له الأنصار كل المواقف، حتى رأوه سبارتاكوس القرن العشرين. وعد عليه الخصوم السيئات، حتى رأوه الحاكم المطلق الوحيد في تاريخ فلسطين في القرن العشرين”.

وتابع “في هذا الكتاب حاولت أن أتمسك بروح العدل، وآثرت أن أروي بعض ما جرى دون تبرير أو إدانة، وجميع الوقائع والأحداث التي تضمنها الكتاب تمت الإشارة إلى المورد الذي استقيت منه متحملا المسؤولية الكاملة”.

المؤلف نفسه كان ولد في 1972، وقد تخرج من جامعة اليرموك بدرجة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية عام 1994، ثم استكمل مسيرته الأكاديمية بدبلوم عال في التربية وماجستير في أصول التربية، وصولا إلى نيل درجة الدكتوراه في الفلسفة عام 2016. وله العديد من المؤلفات، ومما صدر له عن “الآن ناشرون وموزعون”: “عقيق منثور” (2021)، “ثمامة أمام محكمة التاريخ” (2022)، “منْ وحي الجنائز” (2023).

12