الصدر يمهد للمشاركة في الانتخابات التشريعية بالدعوة لاختيار المرشحين الأكفاء

بغداد - يبرز موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في ظل الجدل السياسي المستمر في العراق بشأن الانتخابات التشريعية المقررة في نهاية العام الحالي، كعنصر غامض وأساس في تحديد ملامح المرحلة المقبلة.
فمنذ انسحابه المفاجئ من العملية السياسية في يونيو 2022، حيث أعلن عن عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة احتجاجًا على تلوث الساحة السياسية بوجود الفاسدين، يبدو أن الصدر قد عاد ليظهر مجددًا في واجهة المشهد الانتخابي، لكن هذه المرة عبر نهج غامض قد يتيح له تحقيق أكبر مكاسب سياسية.
وفي خطبته الأخيرة لصلاة الجمعة، والتي كانت بمثابة إشارات مهمة لأنصاره، دعا الصدر بشكل غير مباشر إلى التفاعل مع العملية الانتخابية، حيث تحدث عن ضرورة حث الشعب على اختيار الشخص المناسب للانتخابات.
وأكد أن الانتخابات تحتاج إلى كثرة الأصوات، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن انتخاب الشخص غير الصالح قد يؤدي إلى مزيد من الفقر والفساد. وبينما تتزايد الضغوط على الصدر من قِبل قوى الإطار التنسيقي للمشاركة في الانتخابات المقبلة، يمكن تفسير هذا التفاعل مع الانتخابات على أنه استثمار للغموض الذي يحيط بموقفه السياسي.
ويعد تمسك الصدر بمكافحة الفساد والفاسدين أحد العوامل الرئيسية التي تحدد حركته السياسية، وهو ما يجعل منه لاعبًا مهمًا في أي عملية انتخابية.
ورغم انسحابه السابق من العملية السياسية، إلا أن الصدر لم يغلق الباب تمامًا أمام العودة إلى المشاركة، مما يخلق مساحة واسعة للمناورة. ويرى البعض أن هذا الغموض ليس إلا جزءًا من استراتيجية لتوجيه رسائل للخصوم السياسيين وتعزيز مكانته في الساحة السياسية.
وبغض النظر عن التوجهات المستقبلية للصدر، يبدو أن القوى السياسية العراقية تدرك تمامًا أهمية التيار الصدري في رسم ملامح الانتخابات القادمة. وهذا ما يفسر المساعي المتزايدة من قبل قادة الإطار التنسيقي لدعوة الصدر إلى العودة، في محاولة للضغط على التيار الصدري من جهة، ولتحقيق توازن سياسي من جهة أخرى.
ويمكن أن تكون استراتيجية الصدر في اللعب على الغموض وسيلة فعالة لتحقيق أكبر استفادة سياسية. فقد يظل موقفه الغامض سببًا في احتفاظه بمساحة للتفاوض مع مختلف القوى السياسية، مما يسمح له بالمناورة وتحديد توقيت مشاركته في الانتخابات بناءً على المصلحة القصوى للتيار الصدري.
وعلى الرغم من دعوته المستمرة إلى محاربة الفساد، إلا أن التمسك بهذه السردية يمكن أن يساعده في الترويج لنفسه كزعيم يمثل الفئة الصادقة التي ترفض الانخراط في اللعبة السياسية الفاسدة، وهو ما يعزز من شعبيته بين قاعدته الشعبية.
ولطالما كان مقتدى الصدر أحد الشخصيات البارزة في السياسة العراقية، وقد نجح في تأسيس تيار سياسي قوي استطاع التأثير على الأحداث السياسية في العراق. بعد أن قرر في 2022 الانسحاب من العملية السياسية، كان قراره جزءًا من استراتيجية أوسع لمحاربة ما وصفه بـ "الفاسدين" الذين يهيمنون على المشهد السياسي العراقي. وهو موقف خلق حالة من الغموض السياسي لدى المتابعين، خاصة في ظل التنافس بين قوى الإطار التنسيقي والأطراف الأخرى، مما جعل الحراك السياسي تجاهه أمرًا ضروريًا في ظل البحث عن توازنات جديدة في العملية السياسية.
إلى أن الحركات السياسية العراقية على اختلافها تراقب خطوات الصدر عن كثب، في ظل التقلبات المستمرة التي يشهدها المشهد السياسي المحلي، حيث يبقى السؤال حول مشاركة الصدر في الانتخابات سؤالًا مفتوحًا، تعتمد إجابته على عدد من العوامل السياسية والداخلية التي ستحدد اتجاهات اللعبة السياسية القادمة.