هل تسرعت الرياض في إطلاق إشارة تخفيض إنتاج أوبك+

الإعلان عن تخفيف التخفيضات كان كافيا لخفض أسعار النفط بنسبة ثلاثة في المئة في غضون 24 ساعة، وقاد إلى عكس ما أرادته السعودية.
الخميس 2025/03/13
خطوة مفاجئة

الرياض- اتخذت الرياض خطوة غير متوقعة بالبدء في تخفيف التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط اعتبارا من مطلع أبريل، في خطوة يرى مراقبون أنها الخيار الأقل سوءا، رغم التداعيات على إيرادات أرامكو وعلى المشاريع السعودية الكبرى.

لكن يبدو أن مبرر “استقرار السوق” غير منطقي في ظل الظروف الحالية للسعودية، ما يطرح التساؤل عن خفايا هذه الخطوة المفاجئة؟

وأكدت أوبك+ في الثالث من مارس أنها ستبدأ بتخفيض إنتاجها طوعيا في الأول من أبريل، وكان هذا عكس التوقعات. ومن المقرر أن تدخل 138 ألف برميل إضافية يوميا السوق في أبريل، وهذا تدفق خفيف. ولكن تأثيراته كانت سلبية. وكان الإعلان كافيا لخفض أسعار النفط بنسبة ثلاثة في المئة في غضون 24 ساعة، وقاد إلى عكس ما أرادته السعودية بتحقيق استقرار السوق.

قد يكون السعوديون على استعداد للتسامح مع انخفاض السعر في الوقت الحالي لردع المزيد من الاستثمار في الإمدادات من خارج أوبك+

ويتساءل أليستير نيوتن في تقرير لموقع عرب دايجست “إذا لم يكن استقرار السوق هو الدافع الحقيقي، فلماذا تراجعت الرياض أخيرا عن خيار خفض الإنتاج؟” مستبعدا أن يكون الأمر على صلة بضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويميل نيوتن إلى القول إن السعودية دفعت إلى التخفيف لمعاقبة منتهكي الحصص، وخاصة العراق وروسيا.

ورغم أن الانضباط كان ضعيفا بالفعل، إلا أنه قد يتدهور أكثر في حالة العراق بسبب اتفاق جديد بين بغداد وأربيل من شأنه أن يضيف إلى العرض 200 ألف برميل يوميا، ما يجعل بغداد تتمسك بزيادة حصتها سواء بالاتفاق مع أوبك+ أو من دونه.

ومن المرجح أيضا أن تستفيد الإمارات من زيادة الحصة البالغة 300 ألف برميل يوميا التي مُنحت لها في أغسطس الماضي.

والسبب الثاني المحتمل، الذي أجبر الرياض على اتخاذ القرار، هو توقعات أمانة أوبك المتفائلة نسبيا بنمو الطلب حتى 2025، ما يحافظ على مستوى لائق من الأسعار يتماشى مع خطط السعودية.

لكن الوكالة التي رفعت توقعاتها لنمو الطلب قليلا تواصل التأكيد على أن نمو العرض سيتجاوز نمو الطلب بشكل كبير حتى 2025. ويرجع ذلك أساسا إلى ارتفاع إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك+.

ويشير إعلان 3 مارس إلى أن الكارتل يدرك هذا الأمر، على الأقل إلى حد ما، حيث أشار إلى أن “الزيادة التدريجية قد تتوقف مؤقتا أو تنعكس وفقا لظروف السوق (…) لمواصلة دعم استقرار سوق النفط.”

وقد يكون السعوديون على استعداد للتسامح مع انخفاض السعر في الوقت الحالي لردع المزيد من الاستثمار في الإمدادات من خارج أوبك+، في محاولة لفرض استقرار أو ربما تعزيز حصة الكارتل في السوق العالمية. وكانت هذه الحصة تتضاءل باطراد في السنوات الأخيرة.

وإذا كان هذا يشكل جزءا من منطق الرياض، فمن المعقول أن يُسمح لأسعار النفط بالهبوط أكثر والبقاء عند مستوى أقل من الحالي قبل حدوث أي توقف أو انعكاس في التخفيض.

oo

ومع ذلك يبدو أن أرامكو السعودية تستعد لانخفاض آخر في الأرباح. ففي العام الماضي انخفض صافي الربح بنحو 15 مليار دولار مقارنة بعام 2023، وهو العام الذي تجاوزت فيه أرباح المساهمين صافي الربح. ونتيجة لذلك أعلنت الشركة في 3 مارس أنها ستخفض دفوعاتها التالية بنحو 40 مليار دولار إلى 85.4 مليار دولار “فقط”، مدركة بذلك حقيقة لا مفر منها: لا يمكن أن تحافظ أي شركة على استمرار أرباح سنوية تتجاوز صافي الربح، وينطبق هذا خاصة على تلك التي تركز بشكل كبير على جهود التنويع.

وستشعر الحكومة السعودية حتما بالتأثيرات أيضا، لأن جزءا كبيرا من دخلها مستمد من أرامكو.

وبدا أن الرياض كانت، حتى قبل هذا الإعلان، على استعداد لمواجهة عجز في الميزانية هذا العام وخلال السنوات القادمة. وفي حين تتمتع السعودية بالقدرة على إدارة عجز أكبر من عجزها الحالي، من المرجح أن تصبح إحدى الطرق الممكنة لتمويله (الاكتتابات العامة المستقبلية لأسهم أرامكو) أقل جاذبية للمستثمرين مع تراجع خفض الأرباح.

1