الفراء يعود اصطناعيا وقريبا يُصنع من النبات

ساهم شيوع صيحة "موب وايف" أي "زوجة رجل المافيا" وإطلالة "ليدي لايك" الأنيقة والراقية في انتشار الفراء الاصطناعي الذي بات اليوم مطابقا للفراء الطبيعي، ومنذ عام 2018 قاطع عدد من دور الأزياء الفرنسية استخدام الفراء، وقد عوضته "كلويه" بجلد الغنم الاصطناعي. كما توقفت شركات عملاقة كمجموعة “كيرينغ” و"شانيل" و"دولتشه إيه غابانا" و"بُربري"، عن إنتاج الملابس القائمة على الفراء.
باريس - على منصات عروض الأزياء وكذلك في الشارع، بات الفراء حاضرا في كل مكان، سواء من خلال لمسات جزئية، أو على شكل قطع كاملة، لكنه غالبا ما يكون اصطناعيا، وهو منحىً يرجّح أن يدوم.
وفيما كانت عروض أسبوع الموضة تتوالى في باريس، كانت نانسي (28 عاما) تصعد إلى قطار الأنفاق وهي ترتدي معطفا طويلا من الفرو باللونين الرمادي والأبيض، يشبه جلد الذئب.
وقالت لوكالة فرانس برس “إنه فراء اصطناعي”، موضحة أنها اشترته العام الفائت من متجر للسلع المستعملة في برلين.
وليست هذه الشابة حالة معزولة على الإطلاق، إذ أن “الفراء الاصطناعي موجود في كل مكان منذ أشهر،” على ما لاحظ الصحافي المتخصص في الموضة ماتيو بوبار ديليير في حديث لوكالة فرانس برس.
ففي الواقع، “منذ الشتاء الفائت، بدأت كل العلامات التجارية الفاخرة وصولا إلى ماركات مثل “زارا”، بطرح موديلات قائمة على الفراء الاصطناعي، على نحو لم يسبق له مثيل”، وفق كريستوفر سارفاتي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة “إيكوبيل” الفرنسية لإنتاج الفراء الاصطناعي، التي توفّر منتجاتها لنحو 300 ماركة في مختلف أنحاء العالم.
منذ الشتاء الفائت، بدأت كل العلامات التجارية الفاخرة وصولا إلى ماركات مثل "زارا"، بطرح موديلات قائمة على الفراء الاصطناعي، على نحو لم يسبق له مثيل
وليس أدلّ على ذلك من ارتفاع مبيعات الشركة بين عامي 2023 و2024 بنسبة تزيد عن 15 في المئة في السوق الأوروبية وتناهز 28 في المئة في آسيا.
وبفضل شيوع صيحَة “موب وايف” أي “زوجة رجل المافيا” وإطلالة “ليدي لايك” الأنيقة والراقية المستوحاة من جاكلين كينيدي، بات الفراء الاصطناعي اليوم يبدو مطابقا للطبيعي، وبعيدا كل البعد عن القطع الملونة جدا والباستيل التي كانت شائعة قبل بضع سنوات.
وبدا هذا المنحى جليّا في التشكيلة التي عرضتها دار “كلويه” للأزياء خلال أسبوع الموضة في باريس. لكنّ الدار الفرنسية التي لم تعد تستخدم الفراء منذ عام 2018، أوضحت أن مديرتها الفنية شيمينا كامالي استخدمت الشيرلينغ أي جلد الغنم الاصطناعي، على شكل وشاح مثلا، أو على أكمام سترة، أو على طية صدر معطف طويل، أو على شكل ذيل ثعلب على حقيبة.
ولم تكن “كلويه” الوحيدة في النأي بنفسها عن الفراء فمنذ سنوات، توقفت دور أزياء عدة للمنتجات الفاخرة، من بينها شركات عملاقة كمجموعة “كيرينغ” (“سانت لوران”، و”غوتشي”) و”شانيل” و”دولتشه إيه غابانا” و”بُربري”، عن إنتاج الملابس القائمة على الفراء.
وهذه المبادرة اتخذتها المصممة ستيلا مكارتني منذ بدايتها، هي المعروفة بالتزامها الدفاع عن قضية الحيوانات، ولكن أيضا اعتمدها الجيل الجديد من المصممين.
وقال مصمما دار “فاكيرا” برين توبنسي وباتريك دي كابريو اللذان عرضا هذا الأسبوع تشكيلة من الفرو الاصطناعي لوكالة فرانس برس، إن “الفراء الاصطناعي أكثر روعة وجمالاً. ونحن لسنا مع ممارسة الوحشية على الحيوانات”. ولاحظ ماتيو بوبار ديليير أن “العلامات التجارية التي لا تزال تستخدم الفراء الحقيقي على منصات العرض يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة”.
وأشارت شركة “إيكوبيل” التي تتابع السوق عن كثب إلى أن 89 في المئة من منتجات الفراء التي عُرضت خلال أسبوع الموضة في ميلانو كانت اصطناعية، في حين بلغت النسبة 62 في المئة في نيويورك ومئة في المئة في لندن. ففي الواقع، حظرت العاصمة الإنكليزية استخدام الفراء في عروض الأزياء منذ سنوات.
وهو إجراء ينبغي أن يُحتذى به في باريس أيضا، بحسب جمعيتي الرفق بالحيوان “بيتا” و”مؤسسة بريجيت باردو”، اللتين تظاهرتا في اليوم الأول من أسبوع الموضة ضد “عودة الفراء”.
فمنحى الفراء الاصطناعي يترافق مع عودة الفراء الطبيعي. وأقرّ متجر الفراء “سام رون” في باريس بأن مبيعاته زادت منذ العام الفائت. وتحظى ملابس الفراء المستعملة أيضا بشعبية كبيرة، وخاصة في صفوف جيل ما بعد الألفية الذي يهوى الأشياء القديمة، حتى أن بعض المنتميات إلى “الجيل زي” يبحثن في خزائن جداتهنّ. ووصف ماتيو بوبار ديليير الفراء بأنه “يشكل تراثا حقيقيا”، ناهيك بأن الفراء الاصطناعي شديد التلويث، بحسب الصحافي السابق في مجلة “إيل” النسائية.
وأكدت “إيكوبيل” أنها وجدت الحل من خلال إطلاق فراء اصطناعي مصنوع بالكامل من النباتات. وشدّد كريستوفر سارفاتي على أن “الماركات لن تكون قادرة بعد اليوم على القول نحن لا ننتج فراء اصطناعيا لأنه مصنوع من البوليستر أي النفط”.
وهذه المادة “الثورية” ستصبح قريبا في كل مكان. وزادات الطلبيات للشتاء المقبل بنسبة 20 في المئة عما كانت عليه العام الفائت. وقال سارفاتي “إننا نشهد اتجاها يترسخ”.
ولطالما كان الفرو من أكثر المواضيع الساخنة في مجال الأزياء، لكنّ النقاش وصل إلى آفاق جديدة في السنوات الأخيرة حيث يقوم عدد متزايد من العلامات التجارية بتطبيق حظر استخدام جلود الحيوانات في صناعة الملابس، مثل غوتشي وبربري وكوتش.
وتعد القضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام فرو الحيوانات في صناعة الملابس موثّقة توثيقًا جيدًا، وعلى الرغم من اعتبار أنّه من الساحر جدًا التنزّه في الشارع مرتدية معطف فرو المنك مثل نجمة هوليوود في ثلاثينيات القرن العشرين، فإنّ القيام بذلك الآن يُنظر إليه على أنه موضوع يثير الجدل في عالم الملابس،وخصوصا من قبل المدافعين عن حقوق الحيوانات.