تونس تفكك خياما لمهاجرين أفارقة بصفاقس وسط احتقان بين السكان

تونس - فككت السلطات الأمنية خياما لمهاجرين في معتمدية جبنيانة التابعة لولاية صفاقس التي تشهد احتقانا بين السكان المحليين والمهاجرين الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وتشهد ولاية صفاقس، وخاصة معتمديتي جبنيانة والعامرة، حالة من الاحتقان بسبب تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين، ويعبر السكان المحليون عن قلقهم وتذمرهم من الوضع، ويشكون من تزايد حالات الجريمة والاعتداءات.
ونفذت قوات الأمن الاثنين عملية أمنية محدودة في مزارع بالمنطقة الريفية في جبنيانة التي تشهد تركزا لأعداد من المهاجرين العالقين، بحسب ما نقل شهود لوكالة الأنباء الألمانية.
وفككت قوات الأمن، خلال العملية، بعض الخيام بعد احتجاجات سابقة للسكان المحليين السبت الماضي ضد الحضور المتزايد للمهاجرين في مزارعهم ووسط شكاوى من أعمال عنف وسطو متكررة.
ويطالب السكان المحليون بترحيل المهاجرين غير النظاميين، ويشكون من تقصير السلطات في التعامل مع الملف، كما يعبرون عن استيائهم من تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المنطقة.
وتسلط هذه التطورات الضوء على التحديات التي تواجهها تونس في التعامل مع ملف الهجرة غير النظامية، وتؤكد على ضرورة إيجاد حلول شاملة تراعي الجوانب الأمنية والإنسانية.
وتأتي العملية في أعقاب انتقادات سابقة لنواب في البرلمان من جهة صفاقس لأزمة الهجرة المتفاقمة في المنطقة.
وقبل أسبوع، طالب النائب طارق المهدي بتدخل القوات الحاملة للسلاح من أجل التصدي لعمليات "سطو مسلح" ينفذها مهاجرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وقال المهدي خلال مقابلة إذاعية إن "هناك عصابات إجرامية تترصد المنازل الآمنة التي لا يمكنها صدهم أو مقاومتهم. يدخلون المنازل عنوة ويستولون على الأموال بتهديد السيوف والأسلحة البيضاء".
وأوضح أن "الأخطر ما يحصل اليوم، وهو تواجد المهاجرين في مدينتي العامرة وجبنيانة، المكان الذي احتلوه. ولا يجب أن نخجل من قول ذلك. لقد احتلوا أراضي المواطنين في غابات الزياتين". وطالب بأن يتدخل الجيش "لتحرير تلك الأراضي".
وانتقدت أيضا النائبة فاطمة مسدي ما وصفته بـ"دولة داخل الدولة" في غابات الزياتين في العامرة، في مقاطع فيديو وثقتها على حسابها على فيسبوك وسط مخيم عشوائي.
ويعمل المهاجرون على تدبر أمرهم في تلك المخيمات، ويقول أغلبهم إنهم لا يريدون البقاء في تونس ولكن الحرس البحري يمنعهم من العبور إلى الجزر الإيطالية القريبة من سواحل ولاية صفاقس.
وتونس ملزمة باتفاقيات موقعة مع الاتحاد الأوروبي بكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها مقابل حوافز اقتصادية ومالية.
وقال الناشط عماد سلطاني رئيس "جمعية الأرض للجميع" لوكالة الأنباء الألمانية "كان تدخلا فاشلا من السلطة بعد تصريح النائبة. الترحيل القسري للمهاجرين يحتاج إلى عمل دبلوماسي لأننا لا نملك اتفاقيات مع عدة دول في أفريقيا".
وتابع الناشط "على الدولة أن تفكر في مكان يحفظ كرامة المهاجرين حسب القوانين الدولية وهذا الحل يمكن أن يحفظ سيادة الدولة على أراضيها".
كما طالب سلطاني السلطة بمراجعة الاتفاقيات التي وقعتها تونس مع الاتحاد الأوروبي لكبح موجات الهجرة من سواحلها، لأنها "جزء من المشكل".
وسبق للرئيس التونسي قيس سعيد أن قال إن "تونس تحترم القيم والقواعد، مبينا أن الذين يدخلون إلى تونس بطريقة غير شرعية يتم إنقاذهم ويُعاملون معاملة إنسانية أفضل عشرات المرات من معاملة دول أخرى."
وتطرق سعيد وفق مقطع نشرته الرئاسة إلى مسألة الاتجار بالأشخاص ومحاولات الإساءة إلى تونس، مضيفا بالقول "يريدون تلقيننا دروسا من عواصمهم." مشددا على أن "تونس نجحت بالمقاييس الأخلاقية في التعامل مع المهاجرين غير النظاميين."
ووفق إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، هناك أكثر من 9 آلاف لاجئ وطالب لجوء من المسجلين حاليا لدى مكتب المفوضية في تونس ينحدرون من جنوب الصحراء والقرن الأفريقي وبعض دول الشرق الأوسط. ويصل أغلبهم إلى تونس برّا أو جوا من البلدان المجاورة.
وكثفت إيطاليا والاتحاد الأوروبي تنسيقهما مع تونس لكبح التدفقات من سواحلها، مقابل حوافز مالية واقتصادية، لكن أعدادا كبيرة من المهاجرين انتشرت وسط الحقول والغابات وفي عدة أحياء سكنية بمعتمدية العامرة التابعة لولاية صفاقس ما تسبّب في توترات مع السكان المحليين.
وتم في 16 يوليو 2023، توقيع "مذكرة تفاهم" بين تونس والاتحاد الأوروبي حول "شراكة إستراتيجية وشاملة"، وتهم بالأساس ملف الهجرة غير النظامية. وقد قام بتوقيعها الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وطالت مذكرة التفاهم العديد من الانتقادات على الصعيد الحقوقي في تونس، واعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنّ هذه المذكرة "خطيرة وتكرس دور الحارس والسجان،" وفق توصيفه، كما انتقد المنتدى مرارًا ما أسماها توجهات "إيطاليا لجعل تونس نقطة ساخنة لتجميع المهاجرين" وهو ما رفضه العديد من النشطاء الحقوقيين أيضًا.
وتراهن تونس على العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين نحو بلدان الانطلاق، وذلك بعد تشديد الرقابة على الحدود البحرية مع أوروبا، في مسعى لاحتواء الأزمة.