موريتانيا تستعد لحوار سياسي لا يقصي أحدا ولا يستثني موضوعا

ولد الشيخ الغزواني: لدي قناعة بأن التشاور يشكّل السبيل الأمثل لتدبير الشأن العام.
الثلاثاء 2025/03/11
الرئيس الموريتاني ينتصر للحوار

تستعد موريتانيا إلى تنظيم حوار سياسي شامل لا يقصي أحدا، ويهدف إلى حلحلة مختلف الملفات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وسط دعوات الرئيس محمد ولد الشيبخ الغزواني إلى ضرورة مشاركة كل الأطراف في الحوار.

نواكشوط - بدأت موريتانيا في الإعداد للحوار السياسي الشامل الذي سيدعى للمشاركة فيه كل الفاعلين السياسيين في البلاد لبحث مختلف الملفات العالقة ومحاولة الإجابة عن مختلف الأسئلة الحارقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

 وقال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في كلمة ألقاها خلال مأدبة إفطار أقامها الأحد بالقصر الرئاسي في نواكشوط، على شرف أعضاء مجلس إشراف مؤسسة المعارضة الديمقراطية، ورؤساء الأحزاب السياسية الوطنية والمرشحين للاستحقاقات الرئاسية الماضية، إنه يطمح اليوم إلى تنظيم حوار شامل يخدم المواطن ويحقق المصلحة العليا للوطن، ويمكن من الحسم النهائي لملفات جوهرية مازالت عالقة على الرغم من تداولها في حوارات سابقة، ورغم ما بذل من جهود لحلحلتها.

وخاطب الحاضرين بالقول، “كما تعلمون حصل أن التقيتكم جميعا بصفة جماعية وفرادى في الأسابيع الماضية، لقد تطرقنا في هذه اللقاءات إلى أهمية تنظيم حوار وطني جامع، يتناول كل القضايا التي تهم البلد، وأنا لدي قناعة كاملة وراسخة، مثلكم، بأن التشاور والحوار يشكلان السبيل الأمثل لتدبير الشأن العام والتعاطي مع القضايا الوطنية الكبرى.”

وأضاف، “حتى لو كانت أوضاع البلاد بخير لله الحمد، وكانت مؤسسات الجمهورية تعمل في هذه الفترة بشكل طبيعي، وهذا هو حال البلد اليوم والحمد لله، إلا أن ذلك لا يمنعنا من تقبل إجراء الحوار والتشاور، ليتفق الموريتانيون على ما يرونه في صالح البلد.”

وتابع، “انطلاقا من قناعتي بأهمية الحوار، فقد التزمت في برنامجي الانتخابي خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة بتنظيمه، أولا استجابة لمطلب، دائما يتكرر عبرت عنه مختلف القوى السياسية، ومن جهة ثانية سعيا لاستئناف المحاولة التي أطلقت سنة 2022 ولم يكتب لها النجاح مع الأسف.”

وسعيا إلى بلورة رؤية مشتركة للمرحلة التحضيرية للحوار، أكد الرئيس الغزواني أنه يتطلع للوصول في الأيام أو الأسابيع المقبلة إلى تصورات واقتراحات الأطراف المنظمة للحوار مع ضمان تمثيل الجميع، بشأن القضايا الجوهرية التي نقترح نقاشها في الحوار، والمنهجية التي ينبغي أن تتبع وتعتمد من أجل إنجاحه وآليات تنظيمه ومتابعة تنفيذ مخرجاته، وقد يضاف إلى هذه النقاط الأربع أي موضوع تراه القوى السياسية مناسبا.

وتسهيلا لمركزة مقترحات جميع الأطراف وصياغتها في حوصلة أو مسودة ستعود إلى كافة الأطراف، للتعليق عليها من جديد، اقترح الغزواني شخصية الناشط السياسي المعارض والخبير الاقتصادي موسى فال ليلعب دور نقطة الربط بين جميع الأطراف، والبقاء في اتصال مستمر مع الجميع بهذا الخصوص.

واعتبر نائب رئيس حزب الإنصاف الحاكم، الخليل ولد الطيب، أن تكليف موسى فال بملف تنسيق الحوار السياسي من قبل الرئيس الغزواني يمثل قرارًا موفقًا وصائبًا، بالنظر إلى خبرته الطويلة وحياده السياسي، وأوضح أن فال شخصية وطنية بارزة، لعبت أدوارًا مهمة في المشهد السياسي، مشيرًا إلى أنه خبره عن قرب خلال عملهما المشترك في جبهة الدفاع عن الديمقراطية عام 2008، حيث كان فال رئيسًا للجنة السياسية في الجبهة، بينما كان ولد الطيب عضوًا فيها عن حزب التحالف الشعبي التقدمي.

وكان الرئيس الموريتاني أعلن في خطاب تنصيبه رئيساً للبلاد في ولايته الثانية أوائل أغسطس الماضي، عن نيته تنظيم حوار وطني شامل، لا يقصي أي طرف، ولا يستثني أي موضوع، ودعا كل الطيف السياسي الوطني للمشاركة فيه. وأبدت المعارضة التي تعاني من الانقسامات رغبتها في المشاركة في هذا الحوار، وبدأت تستعد له في مساعٍ لتوحيد مواقفها وجهودها من أجل تحقيق مكاسب سياسية من الحوار المرتقب.

الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أكد أنه يتطلع للوصول إلى تصورات واقتراحات الأطراف المنظمة للحوار

وبعد شهر واحد، أكد رئيس الوزراء المختار ولد أجاي “أن أول ورشة ستفتحها الحكومة الجديدة ستكون ورشة الإصلاحات اللازمة لتطوير وترسيخ نظامنا الديمقراطي.”

وقال إن “مدار العمل في هذه الورشة سيكون إطلاق حوار مسؤول صريح شامل لا يقصي أحداً ولا يستثني موضوعاً جوهرياً يهدف إلى إعادة التفكير في منظومة حوكمتنا ونموذجنا الديمقراطي،” مضيفا، “ونحن نعول كثيراً على مخرجات هذا الحوار في تعزيز دور مؤسساتنا وتسيير العلاقات في ما بينها بشكل هادئ وسلس خدمة للمصلحة العليا لبلدنا الحبيب.”

وفي تحديد لما ينتظر من هذا الحوار، أكد ولد أجاي “أنه سيشمل على وجه الخصوص مراجعة مدونة الانتخابات وتحسينها بما يخدم المزيد من المشاركة والشفافية والمصداقية.”

وفي 28 نوفمبر 2024، تعهد الرئيس الموريتاني بإجراء حوار سياسي بهدف التشاور حول القضايا الوطنية، وأكد حينها ضرورة “الاستفادة من التجارب السابقة من خلال اعتماد آلية ومنهجية جديدتين لضمان نجاح هذا الحوار”، دون الكشف عن طبيعة تلك الآلية.

وفي يناير الماضي، أعلنت الحكومة الموريتانية، الجمعة، البدء في التحضير لحوار وطني، مؤكدة حرصها على المحافظة على جو التهدئة السياسية في البلاد.

 وقال ولد أجاي، خلال تقديمه أمام البرلمان حصيلة أداء حكومته للسنة الماضية 2024 وخطتها للعام الجاري، إن “الحكومة ستواكب كل إجراءات التحضير للحوار الوطني، وستضع كل إمكانياتها البشرية والفنية تحت تصرف الأطراف المشاركة فيه،” دون تحديد تاريخ معين لانطلاق الحوار ولا أطرافه، مؤكدا أن “الحكومة ستواصل انفتاحها على كل الأطراف السياسية في الأغلبية وفي المعارضة عبر الاستماع إليهم وإشراكهم وضمان الحصول على المعلومة.”

وفي أواخر فبراير الماضي، أعلن ائتلاف المعارضة أن رئيسه بيرام الداه اعبيد، تلقى دعوة من الرئيس الغزواني للقاء سياسي، في خطوة، يرى الائتلاف أنها “تدفع باتجاه تعزيز الحوار الوطني.”

وأضاف أن “رؤساء المعارضة ناقشوا الدعوة الرئاسية، وقرروا بالإجماع تلبيتها، مؤكدين حرصهم على الحوار البناء وخدمة المصلحة الوطنية.”

4