ترتيب متقدم لعُمان ضمن البلدان الأقل تلوثا يكافئ جهدها الاستباقي في الحفاظ على البيئة

الجهد البيئي الذي أصبح ضرورة فرضها تغير المناخ وتردي المحيط الطبيعي للبشر ما يزال مشغلا ثانويا لبعض البلدان العربية.
الاثنين 2025/03/10
رأسمال طبيعي فريد لا يقدر بثمن

مسقط- كافأ حصول سلطنة عمان على مرتبة عربية وعالمية متقدّمة ضمن البلدان الأقلّ تلوثا، الجهود المتواصلة التي بذلتها السلطنة في مجال العناية بالبيئة وحمايتها ما أتاح لها الحفاظ على ميزاتها الطبيعية المتفردّة التي تحتوي أيضا على قيمة اقتصادية مضافة تتمثّل في البروز المتزايد للبلد كوجهة سياحية الأمر الذي يخدم مباشرة مخطّطها لزيادة دخلها وتنويع مصادره.

وتبوّأت السلطنة المرتبة الأولى عربيا والثانية والعشرين عالميا وفق التصنيف السنوي الذي تصدره منصّة نينبيو للبلدان الأقل تلوثا، متقدمة على دولة الإمارات العربية المتحدة فقطر ثمّ السعودية وبعدها الكويت فالبحرين.

ويظهر احتكار بلدان الخليج لتلك المراتب أنها الأكثر اهتماما بالعمل البيئي الذي يظل محدودا في باقي بلدان المنطقة العربية أو خارجا تماما عن دائرة اهتمام حكومات بعض تلك البلدان رغم اكتسابه أهمية قصوى في دول ومناطق أخرى من العالم نظرا للتحديات البيئية الخطرة التي أصبحت متجسدة على أرض الواقع من خلال التغييرات المناخية والمشاكل الصحية والاقتصادية التي نتجت عن تدهور البيئة ومحيط الإنسان وتجلّت في انحسار الغطاء النباتي في عدّة مناطق وتردي نوعية التربة والهواء والمياه.

وشكّلت العناية بالبيئة في عمان جهدا استباقيا للحفاظ على المشهد الطبيعي الفريد للسلطنة وأيضا صحة سكانها وتوفير المحيط الملائم لعيشهم، وهو ما تجلّى في إطلاق جائزة اليونسكو ـ السلطان قابوس لصون البيئة، قبل نحو ستة وثلاثين سنة.

ومايزال هذا الملف يحظى باهتمام رأس هرم السلطة في البلاد، السلطان هيثم بن طارق الذي سبق له أن جعل حماية البيئة جزءا من الخطة التنموية العمانية.

وقال السلطان هيثم في كلمة له سبق أن دونها بمناسبة تسليم الجائزة المذكورة التي تمنح كلّ سنتين “إن حماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية المختلفة هي من أولويات مضامین الخطط التنموية في سلطنة عمان؛ وذلك انطلاقا من القناعة الراسخة لدينا بأن العناية بالبيئة ومقدراتها مسؤولية عالمية لا تحدها الحدود السياسية للدول، وهو ما ينبغي أن يحرص عليه المجتمع الدولي بتوفير كل الإمكانيات المتاحة للحفاظ على النظام البيئي وصون موارده الطبيعية، ووضع خطط عمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، ونشر الوعي بأهمية المحافظة على توازن البيئة، والاستثمار في مواردها بالقدر الذي يحقق التنمية ويضمن استدامتها للأجيال القادمة.”

السلطان هيثم: الحفاظ على البيئة يعد من أساسيات خطط التنمية الخمسية

وأضاف في كلمته “أن الحفاظ على البيئة يعد من أساسيات خطط التنمية الخمسية والاستراتيجيات الوطنية التي حددت المبادئ الأولية لربط التنمية بالحفاظ على البيئة وحماية مواردها وأنظمتها بصورة مستدامة، ونتطلع إلى تعزيز الطموحات الوطنية بأن تثمر جهود المختصين والعاملين في المجال البيئي وفق أولويات رؤية عُمان 2040 وأهدافها في تحقيق الحماية الكافية لكافة أنواع النماذج الإيكولوجية الفاعلة والمتزنة لحماية البيئة واستدامة مواردها الطبيعية، وجودة الأوساط البيئية وقدرتها الإنتاجية، واستخدام موارد التنوع الأحيائي على نحو قابل للاستدامة، وربط ذلك بخطط التنمية والمتطلبات المرحلية بما يسهم في تحقيق التوازن المنشود لمستقبل بيئي أفضل.”

ووصفت وكالة الأنباء العمانية حصول عمان على موقع ريادي ضمن البلدان الأقل تلوثا بأنّه إنجاز يعكس الجهود المستمرة التي تبذلها السلطنة في الحفاظ على جودة البيئة وتعزيز الاستدامة التي عملت على تنفيذ إستراتيجيات تهدف إلى الحد من التلوث وتحسين جودة الحياة.

ويعتمد مؤشر التلوث العالمي على عدة عوامل أبرزها جودة الهواء والمياه وإدارة النفايات والتلوث الضوضائي ومدى توفر المساحات الخضراء، وهي مقاييس حققت سلطنة عُمان فيها مستويات منخفضة من التلوث مقارنة بدول المنطقة الأمر الذي أسهم في تحقيقها هذا الترتيب المتقدم.

وقالت الوكالة في تقرير لها إنّ السياسات البيئية الصارمة التي تنتهجها سلطنة عُمان إلى جانب المشروعات المستدامة من العوامل الرئيسية وراء هذا النجاح إذ تعمل الحكومة على تعزيز استخدام الطاقة النظيفة والتوسع في مشاريع التشجير وتطوير أنظمة إدارة المخلفات بما يضمن بيئة صحية ونظيفة.

ويأتي هذا الإنجاز، بحسب ذات التقرير، في وقت تواجه فيه العديد من الدول الصناعية الكبرى تحديات بيئية كبيرة بسبب التوسع العمراني والصناعي، مما يجعل تجربة سلطنة عُمان نموذجا يحتذى به في المنطقة والعالم كما يعكس التصنيف الدور المحوري الذي تلعبه هيئة البيئة في تنفيذ الاستراتيجيات البيئية ضمن رؤية عُمان 2040، والتي تركز على تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

ويؤكد هذا التصنيف أن سلطنة عُمان ليست فقط وجهة مثالية للعيش بفضل بيئتها النظيفة، بل إنها أيضا مثال للتوازن بين التطور الاقتصادي والمحافظة على الطبيعة مما يعزز مكانتها العالمية في المؤشرات البيئية.

3