التصريحات الكاذبة المتتالية تحرج حكومتي طرابلس وبنغازي

طرابلس - تتزايد التحذيرات الرسمية الموجهة لكبار المسؤولين في ليبيا من التورط في نشر وإذاعة أخبار زائفة أو تحليلات مجانبة للصواب أو السقوط في شباك من يقومون بتزوير الحقائق والتلاعب بالمعلومات، وذلك بعد نشر أخبار رسمية بشأن قضية هانيبال القذافي ثبت لاحقا عدم صحتها ما أوقع الحكومة في حرج.
وقالت الحكومة الليبية المكلّفة من مجلس النواب أنها قررت منع وزاراتها من نشر أو تداول أيّ أخبار “تمس الشؤون العامة أو التي تثير الرأي العام،” وطلبت في بيان رسمي من الوزراء وكبار المسؤولين “الامتناع عن نشر وتداول أيّ أخبار تمس الشؤون العامة أو التي تثير الرأي العام، خاصة الشؤون السياسية في الداخل والخارج أو التي تمس التوجهات السياسية والدولية للحكومة.”
واعتبرت الحكومة أن مثل تلك الأخبار “قد تتعارض مع الخطاب الإعلامي الموحد،” واشترطت عدم النشر إلا بعد الرجوع إلى إدارة التواصل والإعلام بديوان مجلس الوزراء للتشاور ولأخذ الأذن بالنشر من عدمه.
نشر خبر الإفراج عن هانيبال القذافي كان خطأ فادحا وقعت فيه وزارة العدل التابعة لحكومة مجلس النواب
وجاء بيان الحكومة الممضى من قبل رئيسها أسامة حماد، بعد أن نشرت وزارة العدل الثلاثاء الماضي، خبرا مفاده بأن السلطات اللبنانية قد أطلقت سراح هانيبال القذافي، ابن الزعيم الراحل معمر القذافي، قبل أن تسحبه في وقت لاحق بعد تكذيب الخبر من قبل المحامي اللبناني المتابع للقضية شربل خوري .
وقضى هانيبال القذافي نحو 10 أعوام بالسجن في لبنان بعد اتهامه بكتم معلومات في قضية الإمام الشيعي موسى الصدر ورفيقيه الذين اختفوا في ليبيا عام 1978 أي عندما كان عمره لا يتجاوز العامين .
وتعرض ابن القذافي إلى الاختطاف من العاصمة السورية دمشق حيث كان يحمل صفة لاجئ سياسي، ومنها تم نقله إلى لبنان في ديسمبر 2015، وجرى تسليمه إلى الأجهزة الأمنية والقضائية تحت إشراف مباشر من حركة أمل التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ويرى مراقبون أن نشر خبر الإفراج عن ابن القذافي كان خطأ فادحا وقعت فيه وزارة العدل التابعة لحكومة مجلس النواب، لاسيما وأن القضية تحظى بمتابعة واسعة في ليبيا سواء من أنصار النظام السابق أو من السلطات الرسمية المتهمة بالعجز عن اتخاذ القرار المناسب في التعامل مع السلطات اللبنانية لحل الأزمة.
وجاء تحذير الحكومة التابعة لمجلس النواب بعد أيام قليلة من صدور بيان مشابه عن رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، حذر فيه المسؤولين من الإدلاء بتصريحات غير مدروسة، مؤكدًا أن أي تجاوز للاختصاصات أو خرق للوائح المنظمة سيواجه بالمساءلة القانونية، مع اتخاذ إجراءات صارمة لضمان الانضباط واحترام المسؤوليات.
ووجه الدبيبة انتقادات لاذعة لوزير التعليم العالي عمران القيب، بسبب تصريحات بخصوص حرائق مدينة الأصابعة، ووصفها بـالمتسرّعة وغير المستندة إلى تحقيقات نهائية، محذرا من نشر معلومات غير دقيقة قد تؤدي إلى إثارة البلبلة.
واعتبر الدبيبة أن الوزير كان عليه التواصل مع الجهات المختصة قبل الإدلاء بتصريحاته، مشيرا إلى أنه على تواصل مستمر مع الفريق المكلف بالأزمة، والذي يضم وزير الحكم المحلي، ورئيس جهاز المباحث الجنائية، ورئيس هيئة السلامة الوطنية، ورئيس جهاز الأمن الداخلي، لضمان استكمال التحقيقات وفق الأطر القانونية والفنية.
وشدد على ضرورة أن تتريث السلطات في إصدار البيانات الرسمية لضمان الدقة والموضوعية وسلامة الإجراءات، مع التزامها التام بتحمل المسؤوليات تجاه المتضررين، بالتنسيق مع المجلس البلدي الأصابعة لتعويضهم وفق آليات عادلة وشفافة.
وكان القيب صرح في وقت سابق بأن الهزات الأرضية الأخيرة في منطقة الرحيبات قد تكون سببا محتملاً للحرائق في الأصابعة، وقال “رصدنا خلال الأيام الماضية زلزالًا بقوة 3.5 درجة على مقياس ريختر وعلى عمق 5 كيلومترات تحت الأرض، وهذه الهزات تؤدي إلى تشققات في الأرض تنبعث منها غازات قابلة للاشتعال.”
هانيبال القذافي قضى 10 أعوام بالسجن في لبنان بعد اتهامه بكتم معلومات في قضية الإمام الشيعي موسى الصدر ورفيقيه الذين اختفوا في ليبيا عام 1978
وأوضح القيب أن أجهزة الرصد سجلت انتشارًا كبيرًا لغاز الميثان في مدينة الأصابعة، وهو غاز عديم اللون والرائحة وقابل للاشتعال، لكنه أوضح أن فرق البحث لم تعثر على الغاز في المنازل المحترقة، مما يرجح أنه اختفى بعد الاشتعال، مشيرًا إلى أن الأبحاث لا تزال جارية لتحليل التربة.
ويرى مراقبون، أن مسألة الأخبار الزائفة والمعطيات المغلوطة أصبحت جزءا من الخبز اليومي لحكومتي طرابلس وبنغازي، وأن الموضوع له الكثير من الأوجه التي تبحث عن تفسيرات منطقية وعقلانية بهدف التقليص من تأثيراته.
وفي نوفمبر الماضي، اهتزت ليبيا لحادثة تزوير من نوع آخر، عندما استقبل عبدالهادي الحويج، وزير الخارجية في الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب في مقر الوزارة ببنغازي شخصا يدعى أمادو لامين سانو على أنه المستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو قبل أن يتبين أنه مجرد محتال انتحل صفة مسؤول رسمي في بلاده.
وفي سياق متصل، أكدت مصادر إعلامية الأربعاء أن شيخ عشيرة صدام حسين وابن عمه، مناف علي الندى، نفي وجود أي صلة قرابة بين يحيى إبراهيم الحسن والرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الذي انتشر خبر وفاته في دار المسنين “مَسَّه” بالجبل الأخضر في ليبيا، وذلك بعد ساعات من إعلان الدار عن وفاة أحد نزلائها، وقال إنه يدعى يحيى إبراهيم الحسن، عراقي الجنسية “الأخ غير الشقيق للرئيس العراقي الراحل صدام حسين.” والذي كان أحد العلماء في مجال الفيزياء النووية، وفق البيان الصادر عن الدار.