شركات إنتاج تنخرط في مهمة دعم تلفزيون لبنان لإعادته إلى المشهد الإعلامي

يسعى وزير الإعلام اللبناني إلى تأمين الدعم لضمان استمرار تلفزيون لبنان كمنبر وطني يعكس هوية البلاد الثقافية والإعلامية، وعرض خطة على الهيئات الاقتصادية للمساهمة في التطوير والتمويل والاستثمار في الكفاءات الإعلامية ليعود هذا التلفزيون إلى سابق عهده.
بيروت – يكثف وزير الإعلام اللبناني بول مرقص جهوده للنهوض بتلفزيون لبنان الرسمي ويولي أهمية لإعادته إلى حضوره الإعلامي الذي عرف به سابقا، ويعمل في سبيل ذلك على حشد دعم الشركات الاقتصادية للمساهمة في تطويره وتحسينه.
وبدأ التلفزيون في استقطاب المشاهدين بتأكيد حضوره على الخارطة الإعلامية في شهر رمضان عبر تقديم مجموعة من الأعمال الدرامية في مسعى لإعادة تفعيل الإنتاج فيه.
وأولى المبادرات تجلت في دعم شركة “الصباح إخوان” لتلفزيون لبنان من خلال تقديمها لأعمال درامية مشتركة وأبرزها مسلسل “2020” وهو دراما لبنانية – سورية من بطولة النجمة اللبنانية نادين نسيب نجيم والنجم السوري قصي خولي وإخراج فيليب أسمر، فضلاً عن مسلسل رمضاني آخر هو “من الآخر” من بطولة النجم السوري معتصم النهار والممثلة اللبنانية ريتا حايك وإخراج شارل شلالا.
وأكدت شركة الصباح، دعمها المستمر للتلفزيون واستعدادها لتقديم مزيد من الأعمال الدرامية لهذا الصرح الوطني العريق.
ويحتاج تلفزيون لبنان إلى دعم فعلي لضمان استمراره كمنبر وطني يعكس هوية لبنان الثقافية والإعلامية. فالتطوير والتمويل والاستثمار في الكفاءات الإعلامية أمور ضرورية ليبقى هذا التلفزيون صوتاً لكل اللبنانيين، ومنافسًا قويًا في المشهد الإعلامي العربي والدولي.
شركة الصباح أكدت دعمها المستمر للتلفزيون واستعدادها لتقديم أعمال درامية لهذا الصرح العريق
ويُعدّ تلفزيون لبنان القناة الرسمية للدولة اللبنانية، وهو من أقدم المحطات التلفزيونية في العالم العربي، حيث يعود تأسيسه إلى خمسينيات القرن الماضي. ورغم إرثه العريق ودوره الإعلامي الأساسي، يعاني من تحديات كبيرة تتطلب دعماً حكومياً وقطاعياً للحفاظ عليه وتطويره.
وأشار مرقص، خلال جولة في تلفزيون لبنان إلى أن “التلفزيون أولوية لي وللناس التي تهمها الصورة الجامعة بعيدا من الاصطفافات والشحن”، لافتاً إلى أن “الناس تريد السلام والوئام ومعرفة الخبر الصادق، كما تريد أن ترى مظهر الدولة عبر شاشتها، وتلفزيون لبنان يمثل وصول الدولة إلى المواطنين ورجوع المواطنين إلى الدولة.”
وذكر أن “الناس ترى فقط الشاشة ولا تعرف تماما أن وراءها أناسا طيبين خيرين يعملون في ظل الكثير من المصاعب والألم، وبكثير من الضيقة ومن محدودية الطاقات المتوافرة على المستوى التقني والبرمجي وعلى مستوى المضمون الذي يبثونه من عصارة جهودهم كي يستمر التلفزيون صوتا وصورة.”
وكتب وزير الإعلام بول مرقص على صفحته على منصة فيسبوك “قُمتُ بجولة في مبنى تلفزيون لبنان اطلعت خلالها عن قرب على وضع تلفزيوننا الرسمي ووضع العاملين الجبارين فيه وأكدت أن التلفزيون هو أولوية للناس التي يهمها الصورة الجامعة، بعيداً عن الاصطفافات، وبعيداً عن الشحن، وبعيداً عن التلويث السياسي وبعيداً عن فتح جبهات، فاللبنانيون واللبنانيات يريدون السلام والوئام كما معرفة الخبر المفرح على أن دعم تلفزيون لبنان يمثل عودة الدولة إلى المواطنين.”
وفي مسعى لدفع الشركات الاقتصادية إلى التعاون للنهوض بالتلفزيون الرسمي، عقدت الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير اجتماعاً مع مرقص لبحث التعاون المشترك لتفعيل تلفزيون لبنان، والحفاظ على الركائز والتوجهات الاقتصادية للبنان. وأشار شقير إلى أنّ الهيئات الاقتصادية عملت خلال الأشهر الماضية على إعداد ورقة إصلاحية شاملة تحت عنوان: تطلعات نحو لبنان الجديد.
التلفزيون يحتاج إلى تحديث البنية التحتية والتقنيات المستخدمة ليتمكن من الوصول إلى جمهور أوسع، خاصة عبر المنصات الرقمية
وعرض الوزير مرقص خطة مفصّلة “من أجل المعالجة وتحديد المسؤولية على نحو يعود بالنفع على القطاع الاقتصادي وعلى المودعين وعلى السياحة وسائر القطاعات التي تمثلونها.” وقال “أسعى جاهداً لإعادة تنظيم إدارة التلفزيون وإعادة تشكيل إدارته.”
وأضاف أن هناك أمورا تنظيمية كثيرة لكن هناك مسائل تسويقية للسياحة والزارعة والصناعة والدعم، ودعا الصناعيين والتجار إلى حسن استثمار هذه الشاشة في سبيل نقل تجارب أو تحفيز الاقتصاد وهنالك أفكار كثيرة ستكون موضع بحث.
ثم دار حوار مطول تم خلاله طرح الكثير من الأفكار البَنّاءة التي من شأنها تفعيل دور تلفزيون لبنان في خدمة الرأي العام اللبناني وصورة لبنان والتسويق له ولاقتصاده، وكذلك الأمور الاقتصادية والمالية والاجتماعية الأساسية التي سيتم متابعتها بشكل مشترك. وتمّ الاتفاق بين الجانبين على استمرار التواصل والتنسيق للتقدّم في الاقتراحات التي تمّ طرحها.
ومنذ سنوات يكافح تلفزيون لبنان من أجل البقاء بالحد الأدنى من المقومات، إذ انعكس الانهيار المالي بشكل مباشر على الموظفين الذين يتقاضون رواتب متدنية مقارنة مع المؤسسات الأخرى، فيما لوح الموظفون بالإضراب في العديد من المرات بعد أن فشلوا في التوصل إلى حل مع القائمين على التلفزيون المهدد بالانهيار.
وبالنسبة للمسؤولين فإن تلفزيون لبنان يساهم في نقل الصورة الحقيقية للبلاد، ويؤدي دورًا توعويًا وتثقيفيًا يعكس التنوّع الثقافي اللبناني وينقل التراث اللبناني الغني من خلال البرامج الثقافية والفنية، ويساهم في تعزيز الهوية الوطنية. كما يلعب دورًا أساسيًا في تغطية الأخبار المحلية والقرارات الحكومية، مما يجعله مصدرًا موثوقًا للمعلومات.
لكن المشكلة الأساسية هي الأزمة المالية التي يعاني منها التلفزيون بسبب نقص التمويل، مما يؤثر على جودة المحتوى والقدرة على مواكبة التطورات التكنولوجية. لذلك يواجه صعوبة في منافسة القنوات الخاصة التي تمتلك إمكانيات مالية وتسويقية أكبر.
تلفزيون لبنان من أقدم المحطات التلفزيونية في العالم العربي، حيث يعود تأسيسه إلى خمسينيات القرن الماضي
ويحتاج التلفزيون إلى تحديث البنية التحتية والتقنيات المستخدمة ليتمكن من الوصول إلى جمهور أوسع، خاصة عبر المنصات الرقمية. وتمويل حكومي مستدام لضمان استمرار عمل القناة وتحسين جودتها.
ومن الضروري إدخال تقنيات حديثة لمواكبة التطورات الرقمية والبث عبر الإنترنت. ودعم إنتاج محتوى جذاب يعكس تطلعات الجمهور اللبناني ويعزز الإعلام الوطني. ويؤكد متابعون الحاجة إلى تحقيق توازن بين الدعم الحكومي والاستقلالية التحريرية لضمان تقديم محتوى موضوعي وهادف.
وسبق أن وصف وزير الإعلام زياد مكاري السابق تلفزيون لبنان الرسمي بأنه “مديون ومنهوب،” لافتا إلى أن ميزانيته الشهرية تبلغ 15 ألف دولار. وأشار إلى أنه “يحصل على مساهمة شهرية من الوزارة بما يقارب المليار و500 مليون ليرة،” وقال “كان قبل الأزمة يحصل على مبلغ مليون دولار شهريا. واليوم أصبح المبلغ 15 ألف دولار شهريا.”
ولفت في مؤتمر صحفي إلى أن “تلفزيون لبنان تتم إدارته بـ240 موظفا، في ظل هذه الأزمة الاقتصادية، من دون أي إيرادات أو مداخيل أخرى، لاسيما أن الإنتاج ونسبة المشاهدين تراجعا في السنوات الأخيرة.”
كما لفت إلى أن “حجم الديون فيه وصل إلى مليونين و343 ألف دولار و354 ألف فرنك سويسري و17540 يورو،” مشيرا إلى أن “حساباته موجودة في 3 مصارف لبنانية، وتبلغ قيمة ودائعه حوالي 12 مليار ليرة و57 ألف دولار.” وطالب كثيرون بإغلاق التلفزيون. لكن فئة أخرى ليست بالقليلة تعتبر أن هذا الطرح يسيء للبنان وليس فقط لتلفزيونه الرسمي.