ترامب يوجه تحذيرا أخيرا لحماس بشأن الرهائن ومغادرة غزة

واشنطن - وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء إلى حماس "آخر تحذير" من أجل أن تطلق "في الحال" سراح جميع الرهائن الأحياء والأموات الذين تحتجزهم وتغادر قيادتها قطاع غزة، متوعدا سكّان قطاع غزة بالموت "إذا احتفظتم بالرهائن"، في وعيد يأتي بعيد تأكيد واشنطن أنّها أجرت اتصالات مباشرة مع الحركة الفلسطينية.
وكتب ترامب في منشور على منصّته "تروث سوشل" للتواصل الاجتماعي "إلى سكّان قطاع غزة: هناك مستقبل جميل ينتظركم، لكن ليس إذا احتفظتم بالرهائن. إذا فعلتم ذلك أنتم أموات! خذوا القرار الصحيح".
وأضاف "إنّي أرسل لإسرائيل كلّ ما تحتاج إليه لإنهاء المهمة، وما من عضو واحد في حماس سيكون في مأمن إذا لم تفعلوا ما أقوله لكم (...) هذا آخر تحذير لكم! بالنسبة للقيادة، الآن هو الوقت المناسب لمغادرة غزة، بينما لا تزال لديكم الفرصة".
وجاء تحذير ترامب بمثابة تكرار لتهديدات سابقة صدرت عنه، كما لم يحدد هذه المرة أيضا بالضبط الإجراء الذي قد يتخذه إذا لم تمتثل حماس.
وقال المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم في بيان الخميس إن تهديدات الرئيس الأميركي "تشجع" إسرائيل على "عدم تنفيذ بنود" اتفاق الهدنة في غزة.
وأضاف في تصريح صحافي أن هذه التهديدات "تعقد المسائل (المتعلقة) باتفاق وقف إطلاق النار وتشجع الاحتلال على عدم تنفيذ بنوده"، طالبا من الإدارة الأمريكية "الضغط على الاحتلال للدخول في مفاوضات المرحلة الثانية حسب ما نص عليه الاتفاق" الذي "كانت واشنطن وسيطة فيه".
ويأتي هذا التهديد العالي النبرة بعيد تأكيد الولايات المتّحدة أنّها أجرت اتصالات سرية مباشرة مع حماس بالتشاور مع إسرائيل، فيما حذرت الدولة العبرية الأربعاء من أن مهمتها للانتصار على الحركة الفلسطينية في غزة لم تنته.
ويمثّل هذا الأمر قطيعة مع سياسة طويلة الأمد قضت بعدم إجراء الولايات المتحدة محادثات مباشرة مع مجموعات تعتبرها إرهابية.
وعندما سُئلت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت عن هذه الاتصالات المباشرة، والتي كشف عنها لأول مرة موقع أكسيوس، ردت بأن المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الرهائن آدم بولر، الذي "يشارك في المفاوضات، لديه السلطة للتحدث إلى أي كان".
وأضافت أنه "تم التشاور مع إسرائيل في هذا الشأن"، رافضة تقديم تفاصيل عن هذه المناقشات، ومؤكدة ان "أرواح الأميركيين على المحك".
وعلى الاثر، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مقتضب "خلال المشاورات مع الولايات المتحدة، أبدت إسرائيل رأيها بشأن إجراء مناقشات مباشرة مع حماس".
كذلك، أكد مسؤول في حماس اجراء اتصالات مباشرة مع الموفد الاميركي.
وبحسب موقع أكسيوس، أجرى المبعوث الأميركي الخاص هذه المشاورات في الأسابيع الأخيرة في العاصمة القطرية الدوحة. وركزت على إطلاق سراح خمسة رهائن أميركيين ما زالوا محتجزين لدى حماس في قطاع غزة، أربعة منهم تأكد مقتلهم ويعتقد أن خامسا لا يزال على قيد الحياة.
وأضاف الموقع نقلا عن مصدرين لم يكشف عن هويتيهما أن المحادثات تناولت أيضا مسألة اوسع تتمثل في إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين وإمكان التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وكان رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زامير أكد الأربعاء أن "مهمة إسرائيل ضد حركة حماس لم تنته بعد" فيما الهدنة التي أوقفت القتال منذ 19 يناير مهددة.
وأوضح زامير خلال مراسم تنصيبه في تل أبيب "هذه ليست عملية تسليم وتسلم عادية هذه لحظة تاريخية ... حماس تعرضت بالفعل لضربة قاسية، لكنها لم تُهزم بعد". وتابع "المهمة لم تنته بعد".
وقال نتنياهو خلال المراسم متوجها إلى زامير "مسؤولية كبيرة جدا تقع على عاتقكم" مؤكدا أن "نتائج الحرب ستحمل أهمية لأجيال ونحن مصممون على تحقيق النصر"، بعد حرب مدمرة في قطاع غزة اندلعت إثر هجوم حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر 2023 واتسعت لتشمل عدة جبهات.
ومنذ الأحد، علّقت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية الحيوية لسكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة تقريبا.
وطالب وزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وفرنسا في بيان مشترك الأربعاء، الدولة العبرية بالوفاء بالتزاماتها الدولية بهدف إيصال المساعدة الإنسانية إلى سكان غزة "في شكل كامل وسريع وآمن ومن دون معوقات".
وخطف خلال هجوم حماس 251 شخصا، من بينهم 58 لا يزالون في غزة، وتقول إسرائيل إن 34 من بين هؤلاء قتلوا.
وبعد أكثر من 15 شهرا على بدء الحرب، سمحت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بعودة 33 رهينة إلى إسرائيل بينهم 8 قتلى، فيما أفرجت إسرائيل عن نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها، فضلا عن دخول مساعدات إنسانية إلى القطاع المحاصر والمدمر جراء الحرب العنيفة.
ووفقا للاتفاق، من المفترض أن تسمح المرحلة الثانية بالإفراج عن جميع الرهائن الأحياء المحتجزين في غزة مقابل إفراج إسرائيل عن المزيد من المعتقلين الفلسطينيين.
أما المرحلة الثالثة للاتفاق الذي تم التفاوض بشأنه بواسطة أميركية وقطرية ومصرية، فيفترض أن تكون مخصصة لإعادة إعمار القطاع الذي لحق به دمار هائل.
إلا ان المراحل المقبلة من اتفاق الهدنة تصطدم بمواقف الطرفين المتعارضة.
وتريد إسرائيل تمديد المرحلة الأولى حتى منتصف أبريل للسماح بالإفراج عن الرهائن المتبقين من غزة وتطالب بـ"نزع كامل للسلاح" في القطاع والقضاء على حركة حماس.
في المقابل، تطالب حماس بالانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق التي يفترض أن تفضي إلى وقف إطلاق نار دائم مع إصرارها على البقاء في القطاع الذي تسيطر عليه منذ 2007.
وأقر القادة العرب في إطار قمة طارئة عقدت في القاهرة الثلاثاء، خطة لإعادة اعمار غزة تستبعد عمليا حماس وتنص على عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع الذي طردتها منه الحركة في العام 2007.
إلا أنّ إسرائيل التي تستبعد أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة مستقبلا، سارعت الى رفض الخطة العربية.
وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن الخطة تضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم في غزة. وتشكل الخطة ردا على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لغزة الذي ينص على تهجير أبناء القطاع إلى مصر والأردن لتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وحذر البيان الختامي للقمة العربية من "أيّ محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني"
وتستند الخطة إلى مشروع مصري قدرت نسخة أولى منه كلفة إعادة أعمار قطاع غزة على خمس سنوات ب53 مليار دولار وهي مماثلة لتقديرات الأمم المتحدة. إلا ان هذا المبلغ لا يرد في الإعلان الختامي.
وتركّز المرحلة الانتقالية في هذه الخطة على رفع الأنقاض وإزالة الألغام وتركيب مساكن موقتة لأكثر من 1.5 مليون شخص في القطاع.
وستتبع ذلك مرحلتان من إعادة الإعمار، تشمل الأولى بنى تحتية أساسية ومساكن دائمة، بينما تشمل المرحلة الثانية ميناء تجاريا ومطارا.
وأسفر هجوم 7 أكتوبر 2023 في جنوب إسرائيل عن مقتل 1218 شخصا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية، تشمل الرهائن الذين قُتلوا في الأسر.
وأدّت الحرب في قطاع غزة إلى مقتل 48405 أشخاص على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.