الخلافات تقود الإطار التنسيقي لخوض الانتخابات العراقية المقبلة بسبع قوائم

برلماني بكتلة دعم الدولة يؤكد أن الإطار لن يشارك بقائمة واحدة وسيحدد تحالفاته وفق النتائج.
الأربعاء 2025/03/05
معالم الحركة الانتخابية داخل البيت الشيعي شائكة ومعقدة

بغداد – تدفع الصراعات والخلافات في وجهات النظر بين القوى السياسة الشيعية في العراق بشأن الانتخابات المقبلة، وعدم التوصل إلى رأي موحد حيال تعديل قانون الانتخابات لغاية الآن، إلى جعل معالم الحركة الانتخابية داخل البيت الشيعي شائكة ومعقدة، خصوصا مع ارتفاع مؤشرات عودة التيار الوطني الشيعي بزعامة مقتدى الصدر إلى المشهد السياسي عبر الاستحقاق التشريعي المرتقب في أكتوبر المقبل.

وتظهر نتائج هذه الخلافات في عدم توحيد الصفوف، حيث أكد النائب عن الإطار التنسيقي محمد الزيادي، اليوم الأربعاء، أن قوى الإطار التنسيقي لن تخوض الانتخابات المقبلة بقائمة موحدة، بل ستشارك عبر ست إلى سبع قوائم انتخابية.

وقال الزيادي وهو عضو كتلة دعم الدولة النيابية في تصريح لموقع "المعلومة" العراقي إن "مسألة تعديل قانون الانتخابات لا تزال غير محسومة، سواء بالإبقاء على القانون الحالي أو إجراء تعديلات على بعض فقراته"، مبينا أن "قوى الإطار التنسيقي، في كلتا الحالتين، لن تخوض الانتخابات المقبلة بقائمة موحدة، بل ستشارك عبر ست إلى سبع قوائم انتخابية، على أن تُحدد التحالفات لاحقًا وفق النتائج".

وأضاف أن "إصدار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات توجيهًا لفروعها في جميع المحافظات، بما فيها محافظات إقليم كردستان، يعني انطلاق العد التنازلي للعملية الانتخابية”، مشيرًا إلى أن “المفوضية لم تصدر أي توجيه حتى الآن، وربما تنتظر توافقًا سياسيًا بشأن تعديل قانون الانتخابات من عدمه".

وأوضح أن "جميع القوى السياسية، بما فيها المستقلة والناشئة، تجري حراكًا نشطًا لتشكيل التحالفات الانتخابية، لكن ذلك يجري بسرية وبأسلوب جس النبض".

وجاءت هذه التصريحات بالتزامن مع الحديث عن بدء الكتل السياسية بتقديم عروض وتنازلات لبعض أعضاء مجلس النواب قبيل اقتراب موعد الانتخابات العامة في البلاد.

وخلال الأيام الماضية، سرت العديد من الأنباء حول قرب الإعلان عن تشكيل تحالفات سياسية، وأن النقاشات بين الكتل وصلت إلى مرحلة متقدمة، خاصة مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات التشريعية في أكتوبر المقبل، وإعلان مفوضية الانتخابات إنهاء استعداداتها لهذه العملية الانتخابية.

وكشفت وكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية نقلا عن مصادر في الإطار التنسيقي، الذي يجمع القوى الشيعية، الأحد الماضي، عن توجه أبرز القوى فيه إلى تشكيل تحالف انتخابي واسع سيعلن عنه قريبا، ويضم شخصيات سياسية بارزة، بقيادة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم.

وأكد مقرر مجلس النواب السابق محمد عثمان الخالدي، في 1مارس الجاري، أن البيت السني سيشهد قبل الانتخابات انقسامات حادة بسبب الرؤى المختلفة، وسط توقعات بأن تؤدي انتخابات 2025 إلى الإطاحة بنسبة 50 بالمئة من الأسماء الموجودة حاليا.

وكان الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قس الخزعلي، أعلن أن كتلة صادقون (الجناح السياسي للحركة) ستخوض الانتخابات بقائمة مستقلة لتعزيز دورها السياسي، وبحسب تصريحه المتلفز، "نحن بعد دراسة دقيقة وحسابات كذلك دقيقة، وصلنا إلى قرار بأن تكون مشاركتنا في الانتخابات القادمة بقائمة مستقلة، وليس عبر تحالف مع قوائم أخرى بمعنى أن صادقون هي قائمة باسمها".

وخلال الفترة الماضية، وجه مقتدى الصدر، أنصاره إلى تحديث بياناتهم الانتخابية، سواء شارك تياره بالانتخابات أم لا، ولم تحسم حتى الآن عودة التيار الصدري للمشهد السياسي، بل صدر نفي عن أنباء تحدثت عن تسجيل كيانه لدى مفوضية الانتخابات.

وتثير إمكانية عودة زعيم التيار الوطني الشيعي عن قراراته السابقة هواجس حقيقية لدى أغلب القوى الشيعية الممسكة بزمام السلطة، نظرا إلى ما للرجل من شعبية وقدرة على تجييش الشارع واستمالة الناخبين وهو ما تأكّد عمليا خلال الانتخابات الماضية التي حصل فيها على عدد كبير من مقاعد البرلمان، وما منعه آنذاك من تشكيل الحكومة هو تحالف أبناء عائلته السياسية ضدّه وائتلافهم في تكتل مضيّق هو الإطار التنسيقي وآخر موسّع هو تحالف إدارة الدولة الذي ضمّ إلى جانب الأحزاب والفصائل الشيعية أحزابا سنية وكردية.

وسيزيد ارتفاع عدد القوى المتنافسة، من حدة وسخونة الانتخابات، فضلا عن صعوبة تحقيق أي تكتل سياسي الأغلبية، إذ إن التقارب سيكون كبيرا بين الجميع.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 10 فبراير الماضي، استعداداتها الفنية لإجراء انتخابات مجلس النواب 2025، مشيرة إلى أن مراكز التسجيل في المحافظات تجري حالياً التسجيل البايومتري للناخبين لغرض إنجاح عملية انتخاب مجلس النواب 2025، والتي ستجري قبل مدة (45) يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الحالية لمجلس النواب.

ويشار أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي.
وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.

وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.

وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.

يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في 27 مارس 2023 بحضور 218 نائبا على قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018.

وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.

وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.