موريتانيا تشرع في ترحيل المهاجرين وسط مخاوف من توطينهم

حملة أمنية واسعة تفضي إلى إلقاء القبض على المئات من المقيمين غير نظامية، تمهيدا لترحيلهم عبر حافلات إلى بلدانهم الأصلية.
الأحد 2025/03/02
المهاجرون عبء يثقل كاهل موريتانيا

نواكشوط - شرعت السلطات الموريتانية السبت في تنفيذ إجراءات ترحيل عشرات المقيمين في البلاد بصفة غير نظامية، وفقا لما أوردته وسائل إعلام محلية، وذلك بعد أن تحولت موريتانيا من مجرد معبر نحو القارة الأوروبية، قبل أن تساهم عوامل جديدة في تغيير ذلك الواقع، لتصبح وجهة نهائية.

وذكرت صحيفة "تقدمي" المحلية أن الشرطة الموريتانية أطلقت حملة تفتيش تستهدف المقيمين الأجانب، وقد أسفرت عن القبض على المئات من المهاجرين تم احتجازهم بمركز في الميناء تمهيدا لترحيلهم.

وأشارت إلى أن فريق من وكالة الحالة المدنية يتولى داخل المركز إجراءات التحقق من بصمات المرحلين قبل نقلهم في حافلات تابعة للشرطة إلى بلدانهم الأصلية، في خطوة تهدف إلى منع عودتهم إلى البلاد قبل مرور عامين من تاريخ ترحيلهم.

وتأتي هذه الإجراءات بعد زيارة أداها رئيس حكومة جزر الكناري فرناندو كلافيخو مؤخرًا إلى نواكشوط التقى خلالها عددا من المسؤولين في الحكومة، وكان ملف الهجرة من بين العناوين الكبرى للزيارة، حيث صرح الضيف الإسباني بأن "حوالي نصف مليون مهاجر سري يقيمون في موريتانيا".

كما أُثيرت نقاشات حول تحول موريتانيا من مجرد نقطة عبور إلى وجهة إقامة دائمة للمهاجرين غير النظاميين القادمين من دول جنوب الصحراء، فيما تنتقد نواكشوط ضعف الاستجابة الأوروبية في دعم جهودها للتعاطي مع هذه المعضلة المتفاقمة، والتي باتت تثقل كاهلها، خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها.

ووقعت موريتانيا في 7 مارس 2024 اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي حول "الهجرة غير الشرعية"، تحصل بموجبها موريتانيا على تمويل تزيد قيمته على 80 مليار أوقية (أكثر من 200 مليون يورو)، مقابل العمل على الحد من موجات الهجرة المتدفقة من أفريقيا باتجاه أوروبا.

وكانت هذه الاتفاقية، وما رافقها من غموض، بداية لخلاف عميق ظهر بين الموريتانيين الذين رأى بعضهم في الاتفاقية تهديدا للأمن والسلم الاجتماعيين، وتغييرا للتركيبة الديموغرافية، ومجازفة غير محسوبة النتائج، ستشكل ضغطا على الخدمات العمومية العاجزة أصلا عن استيعاب حاجة المواطنين.

وتحول الطريق الغربي الذي يعرف بطريق الصحراء انطلاقا من موريتانيا في السنوات الأخيرة إلى مقصد للكثير من الباحثين عن اللجوء والهجرة غير النظامية.

ويتوجه الآلاف من دول مثل مالي والسنغال وغينيا وكوت ديفوار وغامبيا إلى موريتانيا للعبور عبر المحيط الأطلسي إلى جزر الكناري، أو اختيار الطريق البري للوصول إلى المغرب وتحديدا إلى مدينة الناظور (نحو 500 كلم شمالي العاصمة الرباط) ومن هناك يتم التسلل إلى مدينة مليلية (قرابة 10 كيلومترات غرب الناظور).

ويرى متابعون لمسارات الهجرة غير النظامية أن مدينة نواذيبو المطلة على ساحل المحيط الأطلسي، أصبحت وجهة مفضلة للمهاجرين غير النظاميين الراغبين في العبور إلى أوروبا.

وشددت السلطات الموريتانية الرقابة على منافذ العبور وهو ما يضطر الآلاف إلى الإقامة في هذا البلد، بانتظار تحين فرصة المغادرة.

وكان رئيس الوزراء الموريتاني المختار ولد أجاي قد أعلن في يناير الماضي في كلمة ألقاها أمام البرلمان خلال تقديمه حصيلة أداء حكومته للسنة 2024 وخطتها للعام الجاري 2025 عزم حكومته تشييد "حزام أمني إلكتروني" بالعاصمة نواكشوط، في إطار مكافحة الهجرة غير النظامية في البلاد.

وفي ديسمبر الماضي، كشف وزير الداخلية الموريتاني عن تفكيك عدة شبكات تهريب واتجار بالبشر، وأوضح أن السلطات ضبطت منذ عام 2019 أفواجا من المهاجرين غير النظاميين عن طريق البحر والبر و"تتكفل الدولة بخدماتهم الضرورية من إيواء ونقل".

وذكر ولد محمد الأمين أن نواكشوط ماضية في تنفيذ التزاماتها الدولية المتعلقة بمحاربة ظاهرة الهجرة غير القانونية، لكنه حث الشركاء الأوروبيين على ضرورة الاضطلاع بمسؤولياتهم في دعم بلاده.

وتشير التقارير إلى أن ما يقارب تسعين في المئة من زوارق الموت التي تقل مهاجرين غير نظاميين انطلقت من السواحل الموريتانية باتجاه أرخبيل الكناري الإسباني وأن ما لا يقل عن عشرة آلاف مهاجر قضوا غرقا في مياه الأطلسي أثناء رحلتهم خلال العام الماضي.

وشهدت البلاد خلال الأشهر الأخيرة موجة “غير مسبوقة” من المهاجرين غير النظاميين واللاجئين الأفارقة نحو الأراضي الموريتانية ومنها إلى أوروبا.

وباتت شواطئ مدينتي نواكشوط (غرب) ونواذيبو (شمال غرب) وجهة مفضلة للآلاف من المهاجرين الأفارقة الحالمين بالعبور إلى أوروبا.

ومطلع نوفمبر 2024، قال وزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي إن تدفق المهاجرين واللاجئين نحو بلاده وصل إلى “عتبة حرجة".

وكثف خفر السواحل الموريتاني خلال الأشهر الأخيرة دورياته في المياه الإقليمية للبلاد ما أسفر عن توقيف عشرات القوارب المحملة بالمهاجرين غير النظاميين أثناء عبورهم نحو أوروبا.