تركيا تعزز علاقاتها مع أفريقيا من بوابة الإعلام

أنقرة تدرك أهمية أن تدعم خطتها السياسية وتوجهها نحو دول أفريقيا بذراع إعلامية قوية ومؤثرة.
السبت 2025/03/01
تمدد إعلامي تركي ملحوظ

إسطنبول (تركيا) - شهد منتدى الإعلام التركي – الأفريقي الذي نظمته دائرة الاتصال لدى الرئاسة التركية في إسطنبول ندوة تناولت سياسة تركيا في التعامل مع أفريقيا “بمنظور أكثر إنسانية”، على عكس النظرة التقليدية والسلبية التي يتبناها الإعلام العالمي تجاه القارة.

وتدرك أنقرة أهمية أن تدعم خطتها السياسية وتوجهها نحو دول أفريقيا بذراع إعلامية قوية ومؤثرة. ويحسب لتركيا هذا التوجه لدعم أهدافها وتمويل تمددها الإعلامي بآلة ضخمة، بينما تنكمش مؤسسات دولية كبرى وتنغلق على نفسها بإغلاق العديد من أقسامها باللغات الأجنبية.

وناقش الخبراء المشاركون في الندوة، التي أدارتها المديرة العامة لشؤون شمال وشرق أفريقيا في وزارة الخارجية التركية أليف تشوم أوغلو، العلاقات الإعلامية بين تركيا ودول أفريقيا، وسبل تعزيز منظومة الإعلام والاتصالات بين الجانبين.

وقال الخبير تونج دميرطاش، من قسم السياسة الخارجية في مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا”، إن العلاقات التركية – الأفريقية تسير بشكل جيد في مجالات مختلفة، ومن بينها قطاع الإعلام والاتصالات.

وأكد دميرطاش أن تركيا لديها روابط اتصال مع كل دولة أفريقية على حدة، مشيرًا إلى أن “العلاقات التركية – الأفريقية والاتفاقية الموقعة بين إثيوبيا والصومال في 11 ديسمبر 2024، تظهران مدى أهمية الخطوة التي اتخذتها تركيا نحو الاستقرار والسلام والرفاهية.”

◙ الإعلام التركي يروج لرواية مفادها أن وسائل الإعلام التركية في أفريقيا تواجه تحديا يتمثل في كسر الصورة النمطية العنصرية

واستدرك قائلا “لكن من المهم أيضا طريقة نقلنا لهذه الرسالة إلى الطرف الآخر بشكل صحيح. لذلك يجب على المؤسسات الإعلامية أن تنقل رسالتنا بشكل صحيح وتعكس منظورنا، ليس فقط من خلال الأدوات التقليدية بل أيضًا عبر الإعلام الجديد والرقمي.”

ولفت دميرطاش إلى أن الكثير من موظفي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية “تي آر تي” ووكالة الأناضول يعملون في الميدان في العديد من دول القارة الأفريقية، مؤكدًا أهمية تعزيز المنصات الرقمية مثل “TRT Tabii” في القارة.

من جانبها قالت الصحافية غلاديس نجوروجي، وهي منتجة برامج في قسم أخبار أفريقيا لدى “تي آر تي”، “في 2025 سيكون واحد من كل أربعة أشخاص في العالم من قارة أفريقيا، وبالتالي أصبح التفاعل مع القارة أمرا ضروريا.” وأشارت إلى أنهم يعدون برنامجًا أسبوعيًا عن أفريقيا، وأن جميع الوثائق التي يتضمنها البرنامج تعكس الواقع.

وأضافت “نحن لا نعرض فقط الحرب والفقر. ما نراه في الميدان هو أن الناس يبحثون عن شركاء لإنقاذهم ومساعدتهم والقيام بأعمال مشتركة معهم. أحيانًا يتمثل هذا في رأس المال، وأحيانًا يكون في المعرفة التي يحتاجونها. وما تفعله تركيا في القارة مهم جدًا من هذه الناحية.”

بدوره قال الصحافي الموريتاني المصطفى ولد البو، من جريدة “الجديد نيوز”، إن “هناك شراكات بين أنقرة ونواكشوط في مجالات الاستثمارات الاقتصادية والعلاقات السياسية بالإضافة إلى الإعلام والاتصالات.”

◙ في الآونة الأخيرة كان هناك انتشار ملحوظ للأخبار والتحليلات المتعلقة بنفوذ تركيا المتزايد في القارة الأفريقية

وأشار إلى وجود مشاكل كبيرة في نظرة الإعلام العالمي لأفريقيا، مؤكدا أن شعوب القارة لا تستحق هذه الانطباعات الخاطئة بحقها. وتابع “يرون أفريقيا من منظور ضعيف وفقير لا يستطيع الوقوف على قدميه بمفرده، ويخلقون رواية بناءً على ذلك، وبالتأكيد هذه ليست نظرة ودية بل إنها نظرة مهينة ومذلة.”

وأكد أن تركيا تتعامل مع أفريقيا بمنظور تنموي، على عكس النظرة المتحيزة للإعلام الغربي، وأنها تفعل ذلك ليس فقط في سياق الإعلام والاتصالات، بل أيضًا من خلال الاقتصاد والسياسة والثقافة.

ويروّج الإعلام التركي لرواية مفادها أن وسائل الإعلام التركية في أفريقيا تواجه تحديا يتمثل في كسر الصورة النمطية العنصرية بشأن اعتبار الأفارقة “متوحشين سودا”، في تناقض فج وصارخ مع التغطية العنصرية التي يعتمدها الإعلام التركي للشأن الأفريقي. ويستخدم الإعلام التركي بمختلف أنواعه مصطلح “أفريكالي” (Afrikalı) للحديث تحديدا عن الأفارقة جنوب الصحراء، ورغم أن الكلمة تعني “أفريقي” فقد أصبحت في الإعلام التركي دلالة على “توحش الأفارقة وسوادهم”.

ومن جهته قال الصحافي الجيلالي بنحليمة، مدير مكتب جريدة “الأحداث المغربية”، إن هناك علاقات اقتصادية وثقافية وطيدة بين تركيا وشمال أفريقيا. ولفت إلى أن تركيا تقيّم أفريقيا بمنظور إنساني للغاية في سياق الإعلام، على عكس الإعلام الغربي. وأعرب عن اعتقاده أن هذه هي النظرة التي كانت تنتظرها القارة الأفريقية منذ وقت طويل، داعيا إلى استغلال هذا الأمر بشكل جيد.

وأكد غوكهان كاواك، مدير قسم أخبار أفريقيا في وكالة الأناضول، أن دول القارة السمراء لديها خصائص غنية في ما يتعلق بالأنشطة الإخبارية. وقال “بالإضافة إلى المؤسسات الإعلامية التقليدية مثل بي بي سي وفرانس برس، بدأ لاعبون من خارج القارة مثل الصين وروسيا إقامة علاقات وثيقة مع الدول الأفريقية في مجال الإعلام.”

ولفت إلى أن الشباب في بوركينا فاسو وإثيوبيا وزيمبابوي أصبحوا قادرين على التواصل بسهولة أكبر مع النظام العالمي والبلدان الأخرى في العالم من خلال تقنية الهواتف الذكية وشبكة الإنترنت. وفي وقت سابق الجمعة انطلقت بمدينة إسطنبول فعاليات منتدى الإعلام التركي ـ الأفريقي تحت إشراف دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، ويستمر يوما واحدا.

يذكر أنه كان هناك في الآونة الأخيرة انتشار ملحوظ للأخبار والتحليلات المتعلقة بنفوذ تركيا المتزايد في القارة الأفريقية. وذهبت بعض المقالات إلى أبعد من ذلك لتلمّح إلى أن تركيا يمكن أن تلعب دور الوسيط في الصراعات الأفريقية. وترحب أنقرة بهذه التغطية الإيجابية لبصمة تركيا الآخذة في الاتساع في أفريقيا بينما تتعرض الحكومة لانتقادات خارجية وداخلية قاسية.

5