وزير الاتصال الجزائري يطالب الصحافيين بالمهنية متجاهلا أداء الوكالة الرسمية

العديد من المتابعين يرون أن الإعلام في الجزائر أصبح مجرد منابر تروج لخطاب السلطة حيث يفتقر إلى المهنية والموضوعية.
الجمعة 2025/02/28
إعلام تحت الطلب

الجزائر - شدد وزير الاتصال الجزائري محمد مزيان، الخميس على أهمية احتكام الصحافي للموضوعية واكتسابه للمهارات الميدانية التي تسمح له بأداء واجبه ودوره على أكمل صورة، في تصريحات أثارت استغرابا نظرا لأداء وسائل الإعلام الرسمية خصوصا وكالة الأنباء الجزائري الذي يبتعد عن المهنية خلال تناول قضايا حساسة واعتمادها لغة أقرب إلى الشتم.

وفي كلمة له خلال إشرافه على افتتاح دورة تكوينية متخصصة لفائدة عدد من الصحافيين من مختلف وسائل الإعلام الوطنية، تتمحور حول “تقنيات الاتصال أثناء ممارسة المهنة الصحفية،” شدد مزيان على “أهمية وضرورة امتلاك الصحافي الجزائري للآليات الموضوعية والمهارات الميدانية التي تسمح له بأداء واجبه ودوره على أكمل صورة”.

ونوه بمكانة الصحافيين باعتبارهم “قادة الرأي لما لهم من تأثير بالغ في النفوس،” مبرزا أن “ماهية الإعلامي ودوره يتمثلان في تنوير المجتمع.”

واعتبر الكثيرون أن تصريحات الوزير منفصلة عن الواقع، إذ لا يملك الصحافيون الحرية الكافية ليمارسوا دورا مهما كقادة رأي، ولا وسائل الإعلام في البلاد يسمح لها بممارسة دور مهني قادر على التأثير بسبب القيود المفروضة عليه.

ويرى العديد من المتابعين أن الإعلام في الجزائر أصبح مجرد منابر تروج لخطاب السلطة حيث يفتقر إلى المهنية والموضوعية. ويعاني من ممارسات غير مهنية عديدة تتعلق بتشويه الحقائق وتزوير الأحداث، سواء داخل البلاد أو في ما يتعلق بتغطية الشؤون الإقليمية.

وأشار صحافي فضل عدم الكشف عن اسمه أن وكالة الأنباء الجزائرية تستعمل لغة بعيدة كل البعد عن المهنية في هجومها على الدول الأخرى رغم أنها تحت سلطة الوزير الذي يطالب بالمهنية، وضرب مثالا بأحد المقالات حيث شنت هجومًا لاذعاً على قناة “فرانس 24” من خلال نشر مقال مطول تحت عنوان “الجزائر لم تعد محميتَكم.”

◙ الإعلام الجزائري أصبح أداة للهجوم على الدول المجاورة مع دعم مستمر للمنظمات الإرهابية والانفصالية

وجاء في مقال وكالة الأنباء، “لقد أصبح موضوع الجزائر واحد من الطقوس، بل واحد من الثوابت التي باتت تستنفر الصحافة الفرنسية التي تحولت إلى جوق إعلامي يحترف كل الممارسات العدائية ضد الجزائر ومن أبرزها ‘قناة القمامة’ فرانس 24.“

وأضافت “ينطبق على كل هذا تلك المشكلة الأبدية للجمل الذي يبحث عن حدبة فوق ظهر جمل آخر دون أن يكلف نفسه عناء الالتفات لرؤية حدبتيه، فقد بات الشغل الشاغل للصحافة الفرنسية السعي لتعتيم الصورة بالاعتماد على نبرة التهويل المليئة بالأكاذيب.”

وسبق وأن نشرت وكالة الأنباء الجزائرية، مقالاً انتقدت من خلاله القناة الفرنسية المهتمة بالشأن الدولي “فرانس 24” على خلفية هجومها المتكرر على الجزائر حيث وصفتها حينها بقناة “الحثالة.”

وعلق الصحافي على هذه المقالات قائلا: “هل تليق هذه العبارات بوكالة أنباء رسمية تمثل الدولة”.

كما يشير الكثيرون إلى أن الإعلام الجزائري أصبح أداة للهجوم على الدول المجاورة، مع دعم مستمر للمنظمات الإرهابية والانفصالية. وهذا الوضع يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة ويزيد من تعقيد العلاقات الإقليمية والدولية.

◙ انتقادات لتصريحات الوزير "المنفصلة عن الواقع"، إذ لا يملك الصحافيون ولا وسائل الإعلام الحرية الكافية ليمارسوا دورا مهما

والمفارقة أن الوزير لفت إلى الأهمية والمسؤولية الاجتماعية الواقعة على عاتق الصحافيين، بالقول أن “وسائل الإعلام لاسيما السمعية البصرية بإمكانها تقديم قيمة مضافة في تثقيف المواطن وإعلامه،” معتبرا أن التكوين “يعد آلية أساسية في دعم الصحافي والمؤسسة الإعلامية على حد سواء.”

وأضاف الوزير أن “ترقية عمل وأداء المؤسسات الإعلامية مرتبط بأبعاد مختلفة منها سياسية تخص مرافقة البرامج الكبرى التي تعنى بها مختلف المؤسسات الوطنية، علاوة على البعد الخاص بالجانب المادي والذي يحتاج في بعض الحالات إلى دعم الدولة.”

ويؤكد المتابعون للإعلام الجزائري ابتعاده عن المهنية وهموم المواطنين، مقابل تكريس مساحة واسعة للترويج للسلطة في الداخل وشن هجمات وحملات إعلامية ضد المغرب، رغم أن هذه الممارسات أفقدته المصداقية أمام الرأي العام، وهو ما يحاول الوزير تداركه بالحديث عن آداب الأخلاقيات والابتعاد عن التضليل والأخبار الكاذبة، لكنه في نفس الوقت لا يملك الصلاحيات لتطبيق هذه الدعوات على المواضيع التي تتناول القضايا الخارجية نظرا لأن تعليمات السلطات العليا تخالف هذه المنهج.

وفي معرض حديثه عن ترقية الأداء الإعلامي، ركز مزيان على “أهمية مرافقة العنصر البشري، لا سيما من خلال عمليات التكوين المتواصل،” مبرزا أن “هذا هو الغرض الأساسي من هذه الدورة، التي ترمي لأن يكون الصحفي نيرا ومستنيرا.”

تجدر الإشارة إلى أن الدورة التكوينية التي ستمتد لستة أسابيع، ستكون باللغة الانجليزية، وتندرج ضمن البرنامج التكويني المسطر من قبل الوزارة لفائدة الصحافيين والإعلاميين الجزائريين، وذلك في إطار التجسيد الفعلي لمخطط عمل الحكومة المتعلق بتطوير الاتصال المؤسساتي، بحسب ما ذكر موقع التلفزيون الجزائري.

5