العاهل المغربي يدعو لعدم ذبح أضاحي العيد هذا العام بسبب الجفاف الحاد

الملك محمد السادس يؤكد أن القيام بهذه الشعيرة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء الشعب، ولا سيما ذوي الدخل المحدود.
الخميس 2025/02/27
قرار ملكي حكيم وإنساني يخفف الأعباء ويحمي الاقتصاد

الرباط - طلب العاهل المغربي الملك محمد السادس من المغاربة مساء الأربعاء الامتناع عن طقس ذبح الأضاحي في عيد الأضحى الذي يحل في يونيو هذا العام بسبب انخفاض عدد رؤوس الماشية والأغنام في البلاد بسبب جفاف استمر لسنوات.

ويتمتع العاهل المغربي بصلاحيات في الشؤون الدينية فهو صاحب القرار بصفته "أمير المؤمنين" وتمكنه هذه الصلاحيات من اجراء اصلاحات دينية والقيام بخطوات تهدف في النهاية للحفاظ على مصالح الشعب المغربي.

وتشير أرقام رسمية إلى انخفاض عدد رؤوس الماشية والأغنام في المغرب 38 بالمئة في 2025 منذ آخر تعداد قبل تسع سنوات بسبب موجات الجفاف المتتالية.

وقال العاهل المغربي في رسالة قرأها نيابة عنه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق ونقلتها القناة التلفزيونية المغربية الأولى "من منطلق الأمانة المنوطة بنا، كأمير للمؤمنين والساهر الأمين على إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، وما يقتضيه واجبنا في رفع الحرج والضرر وإقامة التيسير، والتزاماً بما ورد في قوله تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج"، فإننا نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة".

وربط العاهل المغربي عدم أداء شعيرة أضحية العيد لهذه السنة بـ"تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية"، مؤكدا أن" القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضرراً محققاً بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، ولا سيما ذوي الدخل المحدود".

وتابع "سنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا وسيراً على سنة جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: هذا لنفسي وهذا عن أمتي".

وانخفضت نسبة هطول الأمطار هذا العام 53 بالمئة مقارنة بمتوسط السنوات الثلاثين الماضية، وهو ما تسبب في عجز بمراعي تغذية الماشية. وانخفض إنتاج اللحوم، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في السوق المحلية وزيادة واردات الماشية والأغنام الحية واللحوم الحمراء.

ووقعت البلاد مؤخرا صفقة لاستيراد ما يصل إلى 100 ألف رأس من الأغنام من أستراليا.

وفي ميزانية 2025، علق المغرب رسوم الاستيراد وضريبة القيمة المضافة على الماشية والأغنام والإبل واللحوم الحمراء للحفاظ على استقرار الأسعار في السوق المحلية.

وليست المرة الأولى التي تُلغى فيها شعيرة الأضحية في تاريخ المغرب الحديث، إذ سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن أوصى بعدم ذبح الأضاحي ثلاث مرات في الأعوام 1963 و1981 و1996 لأسباب مشابهة.

وأشاد المحلل الاقتصادي محمد جدري بالقرار الملكي القاضي بعدم القيام بشعيرة عيد الأضحى لهذه السنة، معتبرا إياه خطوة حكيمة تستند إلى معطيات اقتصادية واجتماعية واضحة.

وأوضح جدري، في تصريحات لصحيفة "24 ساعة" المغربية، أن "السنوات الثلاث الماضية لم تكن كافية لاستعادة عافية القطيع بسبب استمرار الظروف المناخية الصعبة، مما يجعل من إلغاء الأضحية هذا العام إجراءً ضرورياً للحفاظ على الثروة الحيوانية".

وأشار إلى أن القدرة الشرائية للمواطنين تأثرت بشكل ملحوظ، إذ تشكل تكاليف عيد الأضحى عبئا إضافيا على الأسر ذات الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، خصوصا في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.

وحذر جدري من أن أسعار اللحوم وصلت إلى مستويات قياسية، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد 120 درهمًا، مشيرًا إلى أن الإبقاء على الأضحية قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار لما يقارب 200 درهم أو أكثر بعد العيد، مما سيؤثر على القدرة الشرائية للأسر وعلى قطاعي المطاعم والمقاهي، اللذين يعتمدان بشكل أساسي على اللحوم.

وشدد المحلل الاقتصادي على "ضرورة وضع آليات لدعم المربين والكسبة حتى يتمكنوا من الحفاظ على قطيع الماشية وضمان استمرارية نشاطهم الاقتصادي"، متوقعًا أن تتخذ الحكومة المغربية إجراءات بهذا الشأن خلال الأسابيع المقبلة.

ومن جانبه، أكد مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، أن قرار الملك محمد السادس "يأتي استجابة للوضعية الحالية التي يعيشها المغرب، خاصة فيما يتعلق بالقطيع الوطني، بالإضافة إلى تدهور القدرة المعيشية للمواطنين بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية".

وأضاف بنحمزة، في تصريح لصحيفة "العمق المغربي"، أن "القرار سيقلل شيئا ما من صناعة الاحتكار والتربص بأضحية العيد، لكن هذا الإجراء ليس إلغاء، وإنما هو تفويت الفرصة على الكسابة الذين يستغلون مثل هذه المناسبات من أجل التضييق على المواطنين وأيضا على قدرتهم الشرائية".

وتابع أن "المواطنين المغاربة سيشعرون قريبا بتداعيات قرار إلغاء عيد الأضحى المبارك، من خلال انخفاض أسعار اللحوم الحمراء التي تشهد ارتفاعات قياسية غير مسبوقة، علاوة على انهيار القطيع الوطني واستيراد المواشي من البلدان الأجنبية".

وأشار رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق إلى أن "هذا القرار له طابع اجتماعي وإنساني يراعي وضعية الطبقة الفقيرة، الذين باتوا على مسافة كبيرة من اللحوم الحمراء بسبب غلائها، ومن المنتظر أن تشهد الأسواق الوطنية انخفاضًا في هذه المادة".