تحركات لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا رغم صعوبة إزاحة الدبيبة

القاهرة - قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح إن هناك توافقا متزايدا بين مجلسي النواب والأعلى للدولة بشأن تشكيل حكومة جديدة تكون مهمتها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت، وذلك رغم صعوبة إزاحة رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، الذي يرفض التعاطي مع هذا الاتفاق.
ودعا صالح خلال لقاء خاص على قناة "القاهرة الإخبارية" الأحد إلى ضرورة الاتفاق الداخلي بين الليبيين، دون السماح لأي أطراف خارجية بفرض حلول أو تأجيج الخلافات.
وأشار إلى أن السنوات الماضية شهدت خلافات كبيرة بين المجلسين، إلا أن العام الجاري شهد "تقاربا ملحوظا" بينهما، في ظل تفهم متزايد للأوضاع الراهنة، ومحاولات جادة للخروج من الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد.
واعتبر أن اتفاق المجلسين على إعادة تشكيل مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي وتعيين محافظ جديد، على الرغم من الخلاف القائم على رئاسة مجلس الدولة يعد مؤشرا على التقارب بينهما.
وأكد أن "جميع الأعضاء يدركون أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة هو الاتفاق بين المجلسين، وفقا لما ينص عليه الاتفاق السياسي، ما يمهد الطريق نحو تشكيل سلطة تنفيذية جديدة قادرة على قيادة البلاد في هذه المرحلة الحساسة".
وأوضح صالح أن زيارته الراهنة للعاصمة المصرية القاهرة جاءت لحضور اجتماع البرلمان العربي، وليس للمشاركة في اجتماعات مجلسي النواب والدولة، مشيدا بدور القاهرة، في "دعم الحوار الليبي - الليبي، وسعيها لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الفاعلة".
ويمثل هذا التوافق خطوة هامة نحو حل الأزمة السياسية في ليبيا، وتحقيق الاستقرار في البلاد، والمساهمة في تهيئة الظروف المناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وإنهاء حالة الانقسام في المؤسسات الليبية، وتمهيد الطريق نحو تشكيل سلطة تنفيذية جديدة قادرة على قيادة البلاد في هذه المرحلة الحساسة.
وتأتي تصريحات صالح تزامنا مع اختتام اجتماع تشاوري بالقاهرة شارك فيه نحو 96 عضوا من مجلس النواب و73 عضوا من المجلس الأعلى للدولة، وقد شهد محاولة جديدة لإيجاد حلّ للقضايا الخلافية والبحث عن توافقات وتفاهمات، تعالج حالة الجمود السياسي في البلاد.
واتفق المشاركون في ختام اجتماعاتهم في القاهرة على مدى يومين على ضرورة إبقاء العملية السياسية بيد المؤسسات الرسمية، وإعادة تشكيل السلطة التنفيذية.
وأكد البيان الختامي الذي جاء في أعقاب اللقاء الثلاثي الذي رعته جامعة الدول العربية في مارس 2024، على ضرورة أن تبقى العملية السياسية في ليبيا بيد المؤسسات الرسمية مع استمرار التنسيق بين المجلسين عبر قنوات مشتركة.
كما شدد على دعم إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وفقا لما تم الاتفاق عليه خلال اللقاء الثلاثي في القاهرة.
وأكد على ضرورة التزام بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بدورها المحدد في قرار إنشائها، والمتمثل في دعم المؤسسات الليبية ضمن الإطار السياسي المتفق عليه.
واتفق الطرفان على عقد اجتماع لاحق في إحدى المدن الليبية، بهدف استكمال المشاورات ووضع آليات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع.
وبحسب البيان فإن هذا الاجتماع الذي لم تشرف عليه البعثة الأممية، لم ينتج عنه أي مخرجات جديدة، بل كانت تأكيدات على توافقات سابقة لم يتم تنفيذها على أرض الواقع ولم تشكل أي تأثير على العملية السياسية المتعثرّة، بسبب التعقيدات التي تواجهها لا سيما في ظل الانقسام وحالة الاستقطاب بين القادة الرئيسيين، وهو ما جعل الليبيين يشككون في نجاعة هذه الاجتماعات وإمكانية توصلها إلى نتائج قد تحقق نقلة في مسار الأزمة.
ومنذ مارس 2023، اتفق رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي والبرلمان عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، على ضرورة تشكيل حكومة موحدة تشرف على الانتخابات، لكن هذا التوافق لم يشكل أيّ تأثير يذكر.
ويأتي هذا بينما يرفض الدبيبة، تشكيل حكومة جديدة في البلاد، ويقول إنّه لن يسلمّ السلطة إلاّ لحكومة منتخبة، معتبرا أنّ الأولوية هي إقرار قواعد دستورية عادلة وواضحة لإجراء الانتخابات.
ويرى مراقبون أن الخطر الحقيقي يتمثل في وجود رغبة واضحة لدى طرفي النزاع في طرابلس وبنغازي بعرقلة الجهود الأممية الحالية والعمل على تكريس حالة الانقسام السياسي والاجتماعي وتغليب المصالح الشخصية والفئوية والجهوية على المصالح الوطنية العامة.
وتعاني ليبيا انقسامات سياسية ووضعا أمنيا هشا، إذ تدير شؤون البلاد حكومتان: الأولى في طرابلس برئاسة الدبيبة، والثانية في شرق البلاد يترأسها أسامة حمّاد، وتحظى بدعم البرلمان.