مزاد التحالفات السياسية الظرفية ينشط في العراق مع بدء الاستعدادات للانتخابات البرلمانية

النجيفي والسامرائي ينشئان ائتلافا جديدا لتقوية حظوظهما الانتخابية في الموصل.
السبت 2025/02/22
اجتماع ومجاملات وخطبة رنانة ويكتمل التشكيل

إنشاء تحالف سياسي دون الإعلان عن أي برامج له، وإطلاق تسمية فضفاضة وشعاراتية عليه، تحوّلا إلى ممارسة سياسية معهودة في العراق تبرز بشكل أكبر قبل كل مناسبة انتخابية وتمارَس بدرجة كبيرة من الاستسهال حيث باتت الساحة مزدحمة بكم هائل من الائتلافات المتداخلة التي لا يلمس لغالبيتها العظمى أي أثر على أرض الواقع سوى كونها أدوات لخوض الصراعات ومكايدة الخصوم.

الموصل (العراق)- تجد القوى السياسية العراقية في تشكيل التكتلات والتحالفات وسيلة سهلة لمواجهة الاستحقاقات الانتخابية التي تجري في البلاد كونها لا تتطلب بالضرورة وجود أفكار وبرامج مشتركة بين الأطراف التي تقوم بتشكيلها وتنخرط فيها بقدر ما تقوم على مصالح انتخابية آنية ومباشرة ما يفسّر من جهة كثرتها وتعدّدها، ومن جهة ثانية سرعة تفككّها واندثارها حالما تنقضي المواعيد الانتخابية وتستقر بعدها عملية تقاسم مناصب السلطة في ضوء النتائج التي تسفر عنها الانتخابات.

ومع دخول البلاد مرحلة الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقرّرة للربع الأخير من السنة الجارية عادت ظاهرة “فبركة” التحالفات السياسية إلى البروز مع قيام قوى شيعية وسنية بتشكيل تحالفات هي إلى حدّ الآن “التجمع المدني الوطني العراقي”، وتحالف “متحدون مع عزم”، وائتلاف “القيادة السنية الموحدة” بينما تتحدّث مصادر سياسية عراقية عن تسارع الاتصالات والمشاورات بين الكثير من قادة الأحزاب والفصائل لتشكيل المزيد من التحالفات استعدادا للموعد الانتخابي المهمّ لمختلف تلك القوى ضمن مسعاها للحفاظ على مواقعها في السلطة ومكاسبها التي تجنيها من ورائها، ومحاولة تدعيمها ما أمكن على حساب منافسيها.

العامل الرئيسي في إنشاء التحالفات السياسية في العراق هو خوض الصراعات ومكايدة الخصوم والمنافسين

وأُعلن في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى والتي تتخذ منها قوى سياسية سنية معقلا رئيسيا لها عن ائتلاف بين حزب متحدون برئاسة أسامة النجيفي الرئيس الأسبق لمجلس النواب وتحالف عزم برئاسة مثنى السامرائي.

ويعتبر الرجلان من القيادات السياسية السنية العراقية البارزة وسبق لهما أن دخلا في العديد من التحالفات والائتلافات الحزبية التي كثيرا ما يختفي أثرها وتضمحل دون أن يعلن بشكل رسمي عن حلّها.

فالنجيفي على سبيل المثال لا الحصر سبق له أن ترأس ما يعرف بجبهة الإنقاذ والتنمية وشارك في ائتلاف المشروع الوطني العراقي، بينما السامرائي لم يمض وقت طويل على دخوله في ائتلاف القيادة السنية المشار إليه إلى جانب العديد من الشخصيات الأخرى.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن النجيفي قوله في كلمته خلال اجتماع تأسيس الائتلاف الجديد “نعلن عن تحالف متحدون مع عزم لخوض الانتخابات النيابية المقبلة،” واصفا التحالف بأنّه “يمثل خطوة هامة نحو تحقيق تأثير سياسي كبير للموصل في مجلس النواب المقبل” بما “سيُسهم في رفع التهميش عن المدينة وإعادة التوازن لها على الساحة السياسية.”

كما نقلت عن السامرائي قوله إنّ التحالف “يهدف إلى تمكين أبناء نينوى ليكونوا أصحاب القرار الأول والأخير في الشأن المحلي والوطني،” وواعدا بأن يكون تحالف عزم الذي يقوده “شريكا قويا في دعم مصالح الموصل وأبنائها حيث يسعى ليكون لهم صوت مسموع في الساحة السياسية.”

ولا يحمل مثل ذلك الخطاب أي جديد إذ أن الدفاع عن المكون السني والحفاظ على مصالح أبناء بعض المناطق والمحافظات والتمكين لهم ودرء التهميش عنهم هي من الشعارات المكرّرة خلال الإعلان عن تأسيس أي تحالفات وائتلافات جديدة في ظل غياب كامل للبرامج الحزبية والخطوات التنفيذية الواضحة لها.

وكثيرا ما تُنتَقد الكتل السياسية السُنّية لجهة افتقارها إلى رؤية واضحة لحل الأزمات المتراكمة في المحافظات التي تحمل راية تمثيلها وهي أزمات تعيشها منذ غزو العراق من قبل الولايات المتّحدة وقد تعمقت بشكل أكبر خلال الحرب على تنظيم داعش التي دارت فصولها الدامية في تلك المحافظات وخلفت فيها أضرارا جسيمة بشرية ومادية.

إزاحة الحلبوسي من الساحة السنية وتقليص نفوذه في عدد من المحافظات تعتبر هدفا مباشرا ومعلنا لسياسيين مثل السامرائي والخنجر وغيرهما

وتُتَّهم القيادات السنية العراقية من قبل جمهورها بالاكتفاء بأدوار ثانوية تكفل لها حدا أدنى من الحصص في العملية السياسية الجارية بقيادة الأحزاب والفصائل الشيعية وبتوجيه بوصلة عملها السياسي واستهلاك جهودها في إدارة صراعاتها البينية والتكيف مع تطوراتها وتغيّر وجهاتها بتغيير التحالفات وتفكيكها وإعادة تركيبها كلّما اقتضت مصالح الأطراف المتصارعة ذلك.

ويظل العامل الرئيسي في إنشاء التحالفات السياسية في العراق هو خوض الصراعات ومكايدة بعض الخصوم والمنافسين ومحاولة إزاحتهم والحلول محلّهم في بعض المناصب والمواقع في مؤسسات الدولة الاتحادية وفي الحكومات المحلية للمحافظات.

ويدور منذ سنوات صراع رئيسي داخل “العائلة” السياسية السنية الموسّعة بين عدد من أقطابها وزعيم حزب تقدّم محمّد الحلبوسي الذي شكّل صعوده السريع على الساحة وحصوله في سنّ مبكّرة نسبيا على المنصب المرموق المتمثّل في رئاسة مجلس النواب، قبل أن يُستبعد منه بقرار قضائي، ظاهرة لافتة أثارت قلق العديد من السياسيين السنة وبينهم سياسيون مخضرمون أكبر من الحلبوسي سنا وأكثر منه قدما في العمل السياسي.

وتعتبر إزاحة الحلبوسي من الساحة السنية وتقليص نفوذه في عدد من المحافظات في مقدمها معقله الرئيسي محافظة الأنبار غربي البلاد هدفا مباشرا ومعلنا لسياسيين مثل السامرائي والخنجر وغيرهما.

وكان الخصوم الرئيسيون للرجل قد أعلنوا قبل فترة عن تشكيل ائتلاف القيادة السنية الموحدة الذي ضمّ كلا من رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر ورئيس تحالف عزم مثنى السامرائي ورئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري ورئيس كتلة المبادرة زياد الجنابي.

ولم يخرج بيان تشكيل الائتلاف عن الشعارات والوعود المعهودة والمكررة حيث ورد فيه أن ائتلاف يأخذ على عاتقه “المضي بإنجاز الملفات الإنسانية والحقوقية والقانونية والسياسية وتحصيلها لأبناء المكون السني في عموم العراق والمحافظات الشمالية والغربية على وجه التحديد.”

اقرأ أيضا:

3