"يونان".. حكاية من حياة المخرج أمير فخرالدين بعيدا عن وطنه

برلين - يشارك فيلم "يونان" للمخرج السوري أمير فخرالدين في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي الدولي، حيث ينافس 19 فيلما على جائزة الدب الذهبي الكبرى في المهرجان والتي سيعلن عن الفائز بها في 22 فبراير الجاري.
ويروي الفيلم قصة الكاتب والمثقف المغترب في ألمانيا منير، الذي يعيش في حالة من اليأس، مما يدفعه للانعزال في جزيرة نائية بحثا عن السكون للتأمل واتخاذ قرار مصيري. في تلك العزلة، تلاحقه ذكرى حكاية غامضة روتها له والدته في طفولته وتتشابك مع واقعه الحالي.
في الجزيرة النائية يلتقي منير بمالكة الفندق الذي يقيم فيه، فاليسكا وابنها الشاب كارل. ومن خلال لحظات بسيطة من اللطف وروابط إنسانية غير متوقعة، تبدأ عزلته بالتلاشي تدريجيا وتتحول حالة اليأس التي يعانيها إلى إحساس متجدد بالأمل، حيث يعيد اكتشاف جمال العلاقات الإنسانية ومعانيها، ويعيد التفكير في مفهوم الوطن والغربة.
وقال مخرج الفيلم وكاتب السيناريو أمير فخرالدين، الذي تنحدر عائلته من هضبة الجولان السورية المحتلة، إن فيلمه “يونان” مستوحى من تجربته الشخصية في المنفى وشوقه إلى وطن.
الفيلم من بطولة الممثل والكاتب اللبناني جورج خباز الذي يلعب دور منير، وهو جزء من ثلاثية بدأت بفيلم “الغريب” عام 2021. وبدأ المخرج في الآونة الأخيرة العمل على الجزء الأخير من ثلاثيته بفيلم “نوستالجيا”.
وأوضح فخرالدين أن “فيلم ‘يونان‘ بدأ كتأمل في النزوح، وفي المساحات الهادئة التي يخلقها النزوح داخلنا وحولنا. أردت استكشاف ما يحدث عندما يختفي المألوف، عندما ينكسر شعور الوطن والانتماء، تاركًا لنا مهمة الإبحار في الصمت الذي يليه.” وأضاف أن إيقاع قصته هو “الانغماس والفقد والعودة. ما يختفي لا يختفي إلى الأبد، لكنه لا يعود دون تغيير.”
وقال المخرج وهو من أصول فلسطينية وسورية “اقتطع مسقط رأسي من وطني.. من سوريا.. لا أستطيع الذهاب إلى هناك.”
وكانت هضبة الجولان الإستراتيجية تحت السيادة السورية حتى احتلت إسرائيل معظمها خلال حرب 1967 ثم ضمتها في 1981 في خطوة لم تحظ باعتراف دولي.
وأضاف ”هذا موطن لا أعرفه، ولم أزره قط. كان ذلك في الستينات من القرن الماضي لكني حلمت كثيرا بهذا الوطن.”
وأضاف فخرالدين الذي يعيش الآن في ألمانيا “تجربة المنفى هذه شكلت بطريقة ما فكرة الثلاثية بأكملها.. قلت لنفسي: سأستكشف موضوع الوطن.”
وقال خباز الذي نال الشهرة بعد أن قام ببطولة فيلم “تحت القصف” عام 2007، للصحافيين في العاصمة الألمانية إنه فوجئ عندما عرض عليه الدور لأنه لا يتحدث الألمانية. وأضاف “ساعدني البعد كثيرا، الغربة عن اللغة، والغربة عن المكان، والغربة عن الأشخاص.”
وتابع قائلا “كنت في حالة غربة فظيعة لما رحنا على الجزيرة. مثل ما شوفتو هذه الجزيرة القاحلة الغريبة اللي عندها طقوسها الطبيعية الغريبة. كانت كل حالة الغربة.. ساعدتني كثيرا في بناء الشخصية وفي الحالة التي رأيتموني عليها في الفيلم.”