قرار قضائي بالإفراج عن بن سدرين مع منعها من السفر

القضاء التونسي يبقي المعارضة السابقة والرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة على ذمة التحقيقات في ملف التعويضات للمتضررين من نظام بن علي.
الأربعاء 2025/02/19
بن سدرين تتمسك ببراءتها وتعتبر اتهامها بالتزوير والتلاعب في ملف التعويضات "باطلا"

تونس - قررت محكمة الاستئناف في تونس الأربعاء الافراج عن المعارضة التونسية السابقة والرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين الموقوفة في قضية "تزوير" تقرير الهيئة الدستورية التي كانت تترأسها والتي تم تشكيلها على إثر ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي.

وقال الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف الحبيب الطرخاني "قررت دائرة الاتهام الافراج عن المتهمة سهام بن سدرين"، على أن تبقى ملاحقة في القضية وممنوعة من السفر.

وفي أغسطس من العام الماضي أصدر القضاء التونسي مذكرة توقيف بحق بن سدرين  بشبهة تزوير في ملف التعويضات للمتضررين من النظام الأسبق.

ويتابع القضاء التونسي منذ أشهر طويلة ما يعتقد أنه أحد أكبر ملفات الفساد وإهدار المال العام في ما يتعلق بقضية التعويضات للبنك الفرنسي التونسي وللمتضررين في عهد نظام بن علي وبينهم العشرات أو المئات من حركة النهضة الاسلامية التونسية التي اتهمها معارضون في السابق حين قيادتها لحكومتي الترويكا بعد ثورة 2011، باختراق هيئة الحقيقة والكرامة.

ويقول هؤلاء إن النهضة حصلت على تعويضات ضخمة، لكن يبقى هذا الرأي على عهدة المدعين إلى حين انتهاء التحقيقات في قضية التزوير والتلاعب في ملف التعويضات وتثبيت الاتهامات أو دحضها.

وفي 7 مارس 2023، أعلنت بن سدرين أن السلطات القضائية "بدأت ملاحقتها في قضية تزوير، كما منعتها من السفر خارج البلاد"، على خلفية الدعوى المرفوعة ضد الدولة التونسية أمام المركز الدولي للنزاعات، فيما يعرف بقضية البنك الفرنسي.

وفي 22 ديسمبر من العام 2023 أعلنت وزارة أملاك الدولة التونسية في بيان، أنه بعد أربعة عقود تمّ الحسم في أكبر قضية تحكيمية في تاريخ تونس والمتعلّقة بالنزاع القائم بين الدولة التونسية والشركة العربية للاستثمار الشريك الأساسي في البنك الفرنسي التونسي.

وبمقتضى الحكم القضائي، تعين على الدّولة التونسية دفع تعويض قدره ما يعادل نحو 400 مليون دولار، بينما ناهزت طلبات الخصم ما يعادل نحو 12 مليار دولار في تلك الفترة.

والبنك الفرنسي التونسي مصرف تجاري تأسس عام 1879 وأصبح منذ عام 1983 محل تحكيم وتقاض دولي بعد إجراءات لزيادة رأسماله، سرعان ما تحولت إلى قضية مالية دولية بين تونس والشركة العربية للاستثمار.

وتم إيقاف بن سدرين وقتها في إطار تحقيق في شأن تقرير عن جرائم ارتكبت إبان النظام الأسبق أعدّته الهيئة التي كانت قد تترأسها والتي لاحقتها اتهامات بالفساد خلال فترة إدارتها للهيئة حتى من قبل أعضاء فيها استقالوا أو جرى استبعادهم.

وترأست بن سدرين الهيئة التي أنشأت في العام 2014 في أعقاب ثورة يناير 2011 وكانت مكلّفة بإعداد قائمة بأعمال العنف التي ارتكبها مسؤولون حكوميون بين العامين 1955 و2013، أي إبان رئاسة الحبيب بورقيبة (1957-1987) وخلفه زين العابدين بن علي (1987-2011) وصولا إلى الاضطرابات التي شهدتها البلاد في مرحلة ما بعد الثورة.

في العام 2018 ومع انتهاء مهمّتها، أعدّت الهيئة تقريرا موسّعا نشر في الجريدة الرسمية في العام 2020.

وتوصلت الهيئة التي اختتمت أعمالها نهاية 2018، إلى إحالة 72 لائحة اتهام للقضاء وأكثر من 80 لائحة اتهام لم يستكمل فيها التحقيق، كما سلمت تقريرها الختامي للرئيس السابق الراحل الباجي قايد السبسي مطلع يناير 2019.

في تقريرها النهائي دعت هيئة الحقيقة والكرامة التي استجوبت نحو 50 ألف شخص ممن يعتقد أنهم ضحايا وأحالت على القضاء 173 ملفا، إلى "تفكيك نظام الفساد والقمع والديكتاتورية" القائم في مؤسسات الدولة.

وفي يناير من العام 2024 اعتبرت بن سدرين أن تهمة التزوير التي تلاحقها في قضية الاستيلاء والفساد المرتبط بالبنك الفرنسي بالبلاد "باطلة".

وجاء ذلك خلال مؤتمر صحفي نظمته المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بالعاصمة تونس، لعرض رد الدولة التونسية على تقارير المقررين الأمميين الأربعة، بشأن الملاحقات القضائية ضد أعضاء في هيئة الحقيقة والكرامة بتهمة "الحصول على فوائد غير مبررة"، و"إلحاق الضرر بالدولة" و"التزوير".