نيجيرفان بارزاني يدعو إلى مساندة جهود الشرع في حل الأزمة السورية

رئيس إقليم كردستان يؤكد استعداده لمساعدة دمشق في دفع الحوارات، داعيا حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح والدخول بحوار مع أنقرة.
الأربعاء 2025/02/19
نيجيرفان بارزاني يقود جهودا لمشاركة أكراد سوريا في الحكومة المقبلة

أربيل (كردستان العراق) - أكد رئيس اقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، استعداد الإقليم لمساعدة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع في جهوده لحل الأزمة في البلاد، والتوصل إلى نظام سياسي يمثل كل مكونات المجتمع، داعيا حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح والدخول في حوار لحل مشكلة الأكراد في تركيا.

وقال بارزاني في مقابلة مع شبكة "رووداو" الاعلامية الكردية العراقية مساء الثلاثاء "كانت لدينا هذا العام محادثات كثيرة حول سوريا، وطرحنا وجهة نظرنا بخصوص المستجدات والوضع في سوريا وناقشناها مع الأطراف المعنية سواء مع الدول الأوروبية أو أميركا أو دول الشرق الأوسط. كانت سوريا المحور الأول وكانت لها الأولوية في اجتماعاتنا المتعلقة بالمنطقة".

وأضاف "خلال المحادثات التي أجريتها مع وزير خارجية سوريا (أسعد الشيباني)، شددنا على أنّ سوريا الجديدة يجب أن تكون دولة مدنية قائمة على تعدد القوميات واللغات والثقافات، وأن يشعر جميع المكونات فيها من كرد وعرب ومسيحيين وعلويين ودروز بأنهم مواطنون سوريون".

وأوضح أن "سوريا بلد لا يمكن إدارته بأيديولوجية واحدة محددة"، لافتا إلى أن "سوريا بلد متعدد القوميات واللغات والثقافات، يحتاج إلى أن يشعر الجميع فيها بأنهم مواطنون سوريون، لذلك لا يمكن أبدا إدارة سوريا بطريقة تفرض فيها أيديولوجية واحدة".

وعبر رئيس إقليم كردستان عن اعتقاده من خلال ما لمسه في وجهات نظر رئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرع أنه يسعى فعلا إلى إيجاد حلول ناجعة لأزمات البلاد.

وقال بارزاني "إذا كانت هذه حقاً سياستهم التي تركز على سوريا وحل مشاكل البلاد، فإنها تستحق الدعم، وليس الاكتفاء بالمراقبة فحسب، بل يجب أن نكون مساعدين، لأنني أعتقد أن هذه فرصة كبيرة للسوريين وإذا ضاعت فليس من الواضح ماذا سيكون البديل في سوريا".

ويأتي موقف بارزاني الداعم للسطات السورية الجديدة مخالفا لمواقف الحكومة الاتحادية في بغداد التي تتحكم في قراراتها قوى الإطار التنسيقي الشيعي المدعومة إيرانيا.

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قدم شروطه لتعزيز العلاقات مع حكام سوريا الجدد خاصة محاربة تنظيم داعش ومواجهة التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية.

وقد أثار عدم تهنئة الحكومة العراقية أو اي جهة رسمية أخرى أحمد الشرع على تنصيبه رئيسا لسوريا للمرحلة الانتقالية، تساؤلات حول طبيعة العلاقة المستقبلية بين البلدين الجارين وما إذا كان موقف العراق يتناغم مع موقف إيران حليفة الرئيس السوري بشار الأسد وتأثير ذلك على علاقات التعاون الأمني بين بغداد ودمشق.

وفيما يتعلق بدور إقليم كردستان في الحد من التصعيد داخل سوريا على وجه التحديد، نوّه نيجيرفان بارزاني قائلا "كان من الطبيعي بالنسبة لنا أن نتحرك في إقليم كردستان، خصوصا أنّ ما حدث في سوريا جاء سريعا ومفاجئا للجميع، لذلك ركّزنا في البداية على كيفية حماية الكرد هناك، وأجرينا اتصالات مستمرة مع تركيا وأميركا ودول أوروبية لتحقيق هذا الهدف، أعتقد أننا استطعنا المساهمة في تهدئة الأوضاع في بعض المناطق".

وتابع "المرحلة الثانية الآن تتمثل في كيفية ضمان مشاركة الكرد في بناء سوريا الجديدة، والتوجه إلى دمشق ليكونوا جزءا من عملية تشكيل حكومة جديدة في سوريا.

وأكد بارزاني أنّ "إقليم كردستان سيواصل لعب دور مساعد وداعم لأي جهد يهدف إلى ترسيخ السلم والاستقرار وإشراك مختلف مكونات الشعب السوري في رسم مستقبل البلاد".

وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة المرجع الكردي المخضرم مسعود بارزاني قد بادر إلى محاولة تجنيب أكراد سوريا صداما أوسع مع القوات التركية بعد النقلة التي حدثت في البلد بسقوط نظام آل الأسد وانتقال السلطة إلى حلفاء أنقرة بقيادة أحمد الشرع.

جاء ذلك في ظلّ إصرار تركي شديد على نزع سلاح الأكراد السوريين الذين تصنّفهم أنقرة كامتداد لحزب العمال الكردستاني الإرهابي وفق توصيفها، وإنهاء سيطرتهم على أجزاء من المناطق السورية.

وانطلق ذلك الحراك بعملية جس نبض واختبار للنوايا عبر إيفاد ممثل بارزاني حميد دربندي إلى شمال شرق سوريا حيث عقد لقاءين منفصلين مع قيادتي قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، والمجلس الوطني الكردي في سوريا.

وتلا ذلك قيام القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي بزيارة إلى أربيل حيث التقى الرئيس مسعود بارزاني وبحث معه "الأوضاع في سوريا وآخر التطورات الأمنية والسياسية،” بالإضافة إلى “التباحث حول الإطار العام لتعامل القوى الكردية مع الوضع الجديد وكيفية اتخاذ موقف مشترك للأحزاب الكردية في سوريا"، بحسب بيان لمقرّ بارزاني.

وتستند قسد في سيطرتها على مناطق سورية إلى دعم من الولايات المتحدة باعتبارها في نظر واشنطن قوة مضادّة لتنظيم داعش.

وتتجه وساطة قيادة إقليم كردستان العراق في الملف الكردي بسوريا باتجاه دعم وتشجيع التواصل الذي بدأ فعلا بين القيادة السورية الجديدة والذي تمثّل في اجتماع عقد بين الشرع وعبدي في مطار ضمير العسكري الواقع بشمال شرق العاصمة دمشق.

وأعرب عبدي عن تقديره لجهود الرئيس بارزاني معتبرا أن "المرحلة الحالية تتطلب تضافر الجهود بين جميع الأطراف الكردية لتحقيق الاستقرار وضمان حماية مصالح الشعب الكردي".

ويتمثّل الهدف النهائي للحزب الديمقراطي الكردستاني وقيادته في إنهاء الحرب الممتدة منذ سنوات بين تركيا وحزب العمال الكردستاني ووقف الصراع بينها وبين أكراد سوريا كمقدمة لإنجاز مصالحة تاريخية بين الطرفين.

وحملت اتّصالات قسد مع قيادة الحزب الديمقراطي ملامح تزايد ثقة أكراد سوريا في حزب بارزاني وقدرته على تجنيبهم خطر الصراع المسلح ضدّ أركان الحكم الجديد في سوريا ومن ورائه تركيا.

وتزامنا مع الحراك السلمي الذي تنخرط فيه في سوريا، فتحت قيادات إقليم كردستان العراق الباب لأكثر المحاولات جدية لحلحلة الصراع الطويل والمزمن بين تركيا والمسلحين الأكراد، بعد استقبالها يومي الأحد والاثنين وفدا من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب التركي المناصر للأكراد حاملا رسالة من عبدالله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني، وذلك في إطار مساع لإطلاق عملية سلام مع أنقرة.

وقال رئيس إقليم كردستان في المقابلة التلفزيونية "بدأت عملية جادة في تركيا  وأجرينا العديد من اللقاءات في أنقرة حول هذه المسألة في الفترة الماضية، ونرى أن هذه العملية جادة وستسفر عن خير، للأتراك وللكرد ولجميع المكونات التي تعيش في تركيا".

وأضاف أن "المسألة تتوقف على ما سيحدث بعد ذلك. نحن نتوقع أن يوجه عبدالله أوجلان رسالة، وأعتقد أنه بعد رسالته يجب على القوات، وخاصة حزب العمال الكردستاني، أن ترحب بتلك الرسالة، لأنني أعتقد أن في الترحيب برسالة أوجلان خير للكرد".

وأكد "العملية واضحة يجب على حزب العمال الكردستاني أن يلقي السلاح فإلقاء السلاح لا يعني الاستسلام بل يعني أن السلاح والقوة المسلحة لن تحل أي مشكلة للكرد في تركيا في هذا الوقت".

وأوضح "إذا كانت هناك مشكلة للكرد، يجب حلها بالحوار داخل تركيا". مؤكدا نحن مع أن يرحب حزب العمال الكردستاني بدعوة السيد أوجلان، وما علينا وما يمكننا فعله هو لعب دور لكي تسير هذه العملية بشكل سلس. كل ما هو ضروري وأي دور يُسند إلينا في إقليم كردستان، نحن مستعدون للعب هذا الدور من أجل السلام".

ويخوض حزب العمال الكردستاني نزاعا مسلحا منذ أربعة عقود مع السلطة المركزية التركية، وتصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون منظمة "إرهابية".

وتقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية في شمال العراق لمواجهة متمردي الحزب المنتشرين في مواقع ومعسكرات في إقليم كردستان.

وفيما كانت جهود السلام مجمدة منذ حوالي عقد، أطلق معسكر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مبادرة قام حليفه الرئيسي القومي دولت بهجلي بطرحها في أكتوبر الماضي على أوجلان المحكوم بالسجن مدى الحياة. ودعا بهجلي حينها أوجلان إلى نبذ العنف وحلّ حزبه، لقاء الإفراج المبكّر عنه.

ومن المتوقّع أن يُوجه أوجلان نداء تاريخيا خلال الأسابيع المقبلة يأمل العديدون أن يشكل مدخلا لحلّ ديمقراطي للقضية الكردية.

ورغم أنّ موعد رسالته المرتقبة لم يُحدّد بعد، يقول زعماء سياسيون أكراد إنّها وشيكة ويؤكدون أنّها ستصدر في شهر مارس القادم قبل عيد النوروز الذي يمثّل رأس السنة الكردية.