ماذا يحدث لمبيعات تسلا ولماذا الانخفاض

تأثيرات ماسك وليس السوق تتسبب في تراجع ولاء المستهلكين للعلامة التجارية واختيار غيرها.
الثلاثاء 2025/02/18
إعادة البريق مهمة مضنية

يؤكد تقهقر تسليمات تسلا لعام 2024 بنسبة مزدوجة الرقم، أنها تفقد الزخم في سوق السيارات الكهربائية، ليس بسبب طبيعة المنافسة، ولكن الخبراء يرون أدلة متزايدة على أن تصرفات إيلون ماسك وشخصيته العامة ردعت المشترين، الأمر الذي ولد تحديات لإعادة بناء الثقة مع المستهلكين.

لندن - تواجه شركة تسلا، وهي عملاق تصنيع السيارات الكهربائية في العالم، فترة من التعثر على ما يبدو جراء مزيج من الأسباب السياسية والتنافسية والاقتصادية، التي جعلت أعمالها تنحسر على غير العادة.

ورجح روبرت رابير وهو مهندس كيميائي في صناعة الطاقة قبل ما يزيد قليلا عن عامين بأن حصة تسلا في السوق من المرجح أن تنخفض بسبب تصرفات مؤسسها الملياردير إيلون ماسك.

وأشار في ذلك الوقت إلى أسباب عديدة من بينها المنافسة المتزايدة وتحديات سلسلة التوريد. كما ركز على عامل لم يكن متداولا بين المحللين، وهو قرار ماسك شراء تويتر.

وقال رابير في تقرير على منصة “أويل برايس” الأميركية، لقد “كنت أتوقع أن سلوكه (ماسك) على المنصة سينفر الزبائن الذين من المرجح أن يشتروا سيارات كهربائية، وهو ما من شأنه أن يضر بمبيعات تسلا على المدى الطويل.”

روبرت رابيير: رواية قوة علامة تسلا تنهار اليوم بسبب تسييس ماسك
روبرت رابيير: رواية قوة علامة تسلا تنهار اليوم بسبب تسييس ماسك

وذكر حينها أن بروز هذه التأثيرات قد يستغرق بعض الوقت، مع الأخذ في الاعتبار مكانة تسلا الشركات في ظل المنافسة المحدودة وتراكم الطلبات. وكان على قناعة بأن تصرفات ماسك ستنفر الزبائن في نهاية المطاف.

ورأى بعض المنتقدين أن رابيير بالغ في هذا التوقع. ووصفه أحد المعلقين بأنه “تحليل غبي وأحادي الجانب،” قائلا “تجعل هذه المقالة الأمر يبدو وكأن إيلون ماسك يدمر شركة تسلا عبر تحركاته المرتبطة بتويتر، لكن ارتفاع الإيرادات يتواصل سنويا.”

والآن تثبت البيانات الحديثة صحة التحليل السابق للخبير الأميركي. وتكشف آخر الإحصائيات أن نمو سوق السيارات الكهربائية خلال العام الماضي لم يمنع تراجع مبيعات تسلا بأرقام مضاعفة مقارنة بتلك المسجلة خلال 2023، مما يشير إلى تباطؤ واضح.

ولا يرجع هذا إلى مجرد توسع سوق السيارات الكهربائية وتدفق المنافسين الجدد، بل تُبرز أدلة متزايدة أن سلوك ماسك هو ما جعل المشترين المحتملين يختارون البدائل.

وصدرت أحدث التقارير ربع السنوية مؤكدة انخفاضا ملحوظا في مبيعات تسلا، وأصبح من الصعب تجاهل تأثير صورة ماسك العامة على الشركة. ومع أنها لا تزال تحقق أرقام إيرادات قوية، لكن الانخفاض في الولاء للعلامة التجارية بدأ يظهر.

ولاحظت جمعية تجار السيارات الجديدة في كاليفورنيا أن التوقعات ليست مشرقة بالنسبة لشركة تسلا في الولاية الذهبية لمبيعاتها.

وتظهر قيادة تسلا لسوق السيارات الكهربائية المزيد من علامات التراجع، حيث أعلنت الشركة خلال الربع الخامس على التوالي بنهاية 2024، عن انخفاض التسجيلات.

وشهدت انخفاضا بنسبة 7.8 في المئة في التسجيلات خلال الربع الرابع من سنة 2024، مما أدى إلى انخفاض إجمالي بنسبة 11.6 في المئة خلال كامل سنة 2024.

على الشركة ومن خلفها ماسك، الموازنة بين الحاجة إلى إعادة الاتصال بقاعدة زبائنها مع الاستمرار في دفع حدود الابتكار
على الشركة ومن خلفها ماسك، الموازنة بين الحاجة إلى إعادة الاتصال بقاعدة زبائنها مع الاستمرار في دفع حدود الابتكار

وانخفضت المبيعات السنوية للشركة لأول مرة منذ أكثر من عقد، حيث أعلنت مطلع يناير الماضي، أنها باعت 1.79 مليون سيارة، وهو أقل بقليل مما سلمته في عام 2023 وأدنى أيضا من متوسط توقعات المحللين.

وتشير هذه النتائج إلى التحديات الهائلة التي تواجه صانعي المركبات الكهربائية، رغم الضجة المحيطة بالسيارات ذاتية القيادة وعلاقة ماسك الوطيدة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب المثير للجدل، وهو ما دفع سهم الشركة بشكل كبير على مدار الأشهر الماضية.

وكان يُنظر إلى منتجات تسلا على أنها رائدة ثورة السيارات الكهربائية على مستوى الأداء والابتكار، كما كانت أيقونة العلامات التجارية الطموحة. لكن رابيرة قال “يبدو أن هذه الرواية تنهار اليوم بسبب تسييس ماسك المتزايد.”

ويجادل بعض المنتقدين بأن تقلص حصة تسلا في السوق كان ببساطة نتيجة لنمو سوق السيارات الكهربائية، حيث يطلق كل من صانعي السيارات التقليديين والوافدين الجدد عروضا تنافسية. وتؤكد الأرقام أن السوق ينمو، ويمثل هذا تحديات لأي مؤسسة بالطبع.

لكن يوجد سياق إضافي تجب مراعاته. فليس انخفاض الحصة مجرد نتيجة للمنافسة الشديدة أو قيود الإنتاج، بل يشير أيضا إلى أن المستهلكين يتفاعلون مع خيارات القيادة التي تبدو منفصلة بشكل متزايد عما يتوقعه الزبائن أساسا.

ولم يكن تحليل رابير السابق لهذا مجرد وجهة نظر مناقضة لاتجاهات السوق، بل كان عبارة عن لفتة تحذيرية تؤكد على أهمية حوكمة الشركات وإدارة العلامات التجارية.

1.79

مليون مركبة كهربائية باعتها الشركة في 2024 بتراجع قدره 11.6 في المئة بمقارنة سنوية

وأعادت تصرفات ماسك تشكيل التصور العام لشركته بطرق تتجاوز منصات التواصل الاجتماعي. وأدى ذلك إلى خسارته ثقة بعض عملاء تسلا الأقدم، وهو ما يتضح الآن في انخفاض إيرادات الشركة، رغم التوسع المستمر الذي يشهده سوق السيارات الكهربائية.

وتظل تسلا في طليعة الابتكار التكنولوجي. لكن البيانات الحديثة تؤكد بلوغها نقطة تحول حاسمة. ولا يقتصر التحدي القادم على الحفاظ على تفوقها الابتكاري، بل في استعادة الاتصال العميق مع المستهلكين الذي دفع في الأصل صعودها السريع.

وتعد قصة الشركة في جوهرها المتطور بمثابة تذكير قوي مفاده أنه يجب على أقوى قادة السوق التعامل مع المتطلبات المعقدة التي تفرضها بيئة الأعمال اليوم، حيث تلعب جودة المنتج والصورة العامة وسلوك القيادة أدوارا أساسية.

وربما قلل البعض في البداية من تأثيرات أنشطة ماسك على تويتر باعتبارها لا تمس قطاع السيارات الكهربائية، لكن أرقام أداء تسلا الأخيرة تشير إلى خلاف ذلك، حيث تؤثر تصرفاته بشكل متزايد على مسار الشركة في السوق.

ويتواصل ارتفاع أسعار أسهم تسلا، لكن انخفاض المبيعات يشير إلى تزايد الضغط على العلامة التجارية. ويسلط هذا التناقض الضوء على حقيقة مهمة، وهي أن التكنولوجيا المتطورة وحدها لم تعد كافية لضمان الهيمنة.

ويرى رابير أن الشركة، ومن خلفها ماسك، يجب أن تحاول الموازنة بين الحاجة إلى إعادة الاتصال بقاعدة زبائنها مع الاستمرار في دفع حدود الابتكار.

ومع تقييم المستثمرين للتأثير الأوسع لخيارات القيادة والتصور العام، ستكون الأشهر القليلة القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الشركة تسلا قادرة على عكس هذا الاتجاه واستعادة ريادتها.

10