الصين تعيد إحياء مشروع تطوير ميناء تجاري ضخم في الكويت

كسرت الكويت أخيرا طوق الجمود عن مشروع تطوير ميناء ضخم يعود إلى أكثر من عقد بالشراكة مع الصين، والذي تعول عليه الحكومة ليكون نقطة تجارية رئيسية من الطرف الشمالي لمنطقة الخليج، بينما تسعى بكين إلى ربطه بمبادرة الحزام والطريق.
الكويت - أبرمت وزارة الأشغال الكويتية الأحد، عقدا لدراسة وتصميم وتقديم خدمات ما قبل التنفيذ لاستكمال مشروع ميناء مبارك الكبير مع شركة للبناء والمواصلات تابعة لوزارة النقل الصينية.
ووافق مجلس الوزراء الكويتي في شهر يناير الماضي على المضي في إتمام التعاقد المباشر مع الشركة الصينية لتنفيذ وإدارة وتشغيل مشروع ميناء مبارك الكبير بكافة مراحله.
ويعد ميناء مبارك الكبير تطويرا وإعمارا لجزيرة بوبيان وهدفا تنمويا سواء في عملية الاستثمارات التجارية أو عملية الإسكان أو إقامة المشاريع السياحية تنفيذا للرغبة السامية بالاستفادة من موقع الجزيرة والطبيعة الفريدة لها.
كما يشكل أحد أكبر موانئ الشرق الأوسط، ويستهدف آسيا الوسطى وشرق آسيا، وأيضا إحياء طريق الحرير من خلال بوابة الكويت، بالإضافة إلى تعظيم حجم الاستثمارات المحلية واستقطاب الشركات والمستثمرين الأجانب.
ويقول الخبراء إن هذا المشروع يأتي مع سعى الكويت للقيام به منذ سنوات كمحطة رئيسية في مسالك طريق الحرير الجديد الذي تريد الصين مده صوب عدد من مناطق العالم.
وتدور في الأروقة السياسية الكويتية منذ سنوات مشاريع تنمية عملاقة لتكون بوابة لانفتاح البلاد على العالم والمنطقة وإخراجها من الركود الاقتصادي، لكنها ضاعت في دروب التقاطعات بين الأطراف السياسية.
وتهدف الكويت من وراء تعزيز شراكاتها مع الصين في هذا التوقيت بالذات إلى أمرين مهمين، وهما إعطاء التنمية الاقتصادية دفعا جديدا، وبناء مدينة الحرير عبر جذب الشركات الأجنبية الكبرى وفي مقدمتها الصينية.
ونسبت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية إلى وزيرة الأشغال نورة المشعان قولها إن “المشروع يهدف إلى إنشاء ميناء تجاري في الكويت ليكون مركزا إقليميا للنقل ضمن رؤية التحول الاستراتيجي لكويت جديدة 2035.”
وأوضحت أن الهدف هو تطوير المنطقة الشمالية للبلد الخليجي كمنظومة اقتصادية وعمرانية متكاملة انطلاقا من “النظرة التنموية الشاملة والمتكاملة لتطوير الدولة، والتي تأخذ بعين الاعتبار كل الجوانب الاقتصادية والعمرانية.”
ومن المتوقع أن يسهم المشروع بشكل كبير في تنويع وزيادة الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الكويت لدورها التجاري والمالي الإقليمي، حيث يعد مشروع ميناء مبارك الكبير البحري في جزيرة بوبيان أحد الركائز الرئيسية للتطوير.
وأكدت المشعان أن الميناء سيساعد على توسيع النشاط الاقتصادي والتجاري في مجال التصدير والاستيراد، وضمان الموارد اللازمة للنهوض بالناتج المحلي الإجمالي والارتقاء بدور الدولة وصولا إلى أقصى درجات الكفاءة في إدارة عملية التنمية.
كما أنه سيوفر مجموعة كبيرة من الفرص التجارية والتطوير المهني وتوليد الوظائف للكويتيين عن طريق إيجاد أنواع مختلفة من الوظائف التي ستكون ضرورية لنجاح الميناء، سواء أثناء تأسيس وبناء المشروع أو في مراحل التشغيل والإنتاج.
وتعد الكويت واحدة من أغنى بلدان العالم بفضل احتياطياتها الوفيرة من النفط. ومع ذلك، تتراجع أهدافها التنموية منذ فترة طويلة بسبب تردي الأداء السياسي، الذي أكد عليه العام الماضي، قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بحل البرلمان.
وجاء إحياء المشروع بعد 10 سنوات من توقف البناء عندما كان مكتملا جزئيا فقط، حيث تأثر بخطة العراق الطموحة لإنشاء شبكة طرق وسكك حديد بقيمة 17 مليار دولار لتعزيز التجارة في المنطقة، والتي تشارك فيها أيضا تركيا وقطر والإمارات.
وتقول الكويت إنها نفذت خمسين في المئة من المرحلة الأولى للميناء، دون توضيح طبيعة هذه المرحلة وما بقي منها. ولم يتم الكشف عن أي كلفة مالية للمشروع.
وفي شهر أبريل 2011، وضعت الكويت حجر الأساس لبناء ميناء مبارك الكبير الذي كانت تقدر كلفته في البداية بنحو 1.1 مليار دولار في جزيرة بوبيان. وكان يفترض أن يكتمل بناؤه في 2016، علما بأن الإعلان عن المشروع الضخم صدر أول مرة عام 2007.
وأثارت تلك الخطوة غضبا من جانب الجار العراق، الذي يعتبر أن موقع إنشاء الميناء في جزيرة بوبيان سيعرقل وصوله إلى مياه الخليج التي تعد منفذه الوحيد على البحر. وترفض الكويت تلك الاتهامات.
وخصصت الحكومة الكويتية قرابة 604 ملايين دولار لمصلحة وزارة الأشغال لاستكمال مشروع ميناء مبارك الكبير خلال السنة المالية الحالية التي تنتهي أواخر مارس المقبل، الذي يأتي تحت بند مصروفات المشاريع الرأسمالية.
وبحسب دراسة الجدوى لمشروع ميناء، تبلغ تكلفته 3.2 مليار دولار، وسيقام على مساحة تبلغ 1161 هكتارا تقريبا، حيث تبلغ سعة الحاويات 8.1 ملايين حاوية.
3.2
مليار دولار كلفة تشييد ميناء مبارك الكبير، بحسب ما تظهره دراسة سابقة لجدوى المشروع
وبلغت كلفة المرحلة الأولى من المشروع، والتي أنجزت في العام 2014 حوالي 1.2 مليار دولار، وتضمنت تسوية الموقع وتطوير المارينا وجدران الرصيف والأرصفة ومحطة ملاحية ومباني الموانئ.
ووقعت الكويت في عام 2023 عددا من مذكرات التفاهم مع الصين، خلال زيارة الشيخ مشعل الأحمد الصباح للعاصمة الصينية عندما كان وليا للعهد، للتعاون في تنفيذ عدة مشاريع أهمها مشروع ميناء مبارك الكبير.
واتفق الطرفان في ذلك الوقت على دعم الشركات من كلا البلدين في إقامة تعاون مفيد للطرفين على أساس مبادئ السوق والعدالة والمنفعة المتبادلة ووفقا لقوانينهما وأنظمتهما.
ورغم أهمية مشروع الميناء، لكن لا تزال هناك العديد من العقبات التي قد تواجهه، حيث يضم الخليج العربي العديد من الموانئ الرئيسية بالفعل، بما في ذلك الموجودة في دبي وأبوظبي.
كما تضررت اقتصاديات سوريا وإيران التي كان من المفترض أن يخدمها الميناء في البداية بسبب الحرب والعقوبات الغربية، الأمر الذي حد من فوائد أي ممر تجاري معهما.
وعلاوة على ذلك، يشكل ميناء مبارك الكبير منافسة مباشرة لميناء الفاو العراقي القريب، وقد ألغت بغداد اتفاقية بحرية كانت تمنح الكويت حق الوصول عبر ممر خور عبدالله المائي، الأمر الذي تسبب في نزاع بين البلدين.
وتركز الكويت في تخطيطها الإستراتيجي على مشروع الميناء والمدينة الشمالي، والذي سيشجع التنمية التي تقودها التجارة وتأمل أن يعزز زعامتها في الخليج الشمالي.