تصريحات الوزير أتت بنتائج عكسية: الجزائر تعهد للوكالة الرسمية بالرد على "حملة معادية"

حالة من الاستياء الشعبي على أداء الإعلام في تقديم صورة حقيقية للبلاد، ودحض الحملات العدائية، التي تستهدف ضرب الدولة.
الأحد 2025/02/16
من يتحمل المسؤولية؟

الجزائر- تواصل وزارة الخارجية الجزائرية الصمت عمّا تردد من تقارير مختلفة حول رفض القيادة السورية تسليم عدد من أفراد الجيش الجزائري متواجدين كأسرى لدى قوات سوريا الجديدة، وتكتفي إلى حد الآن بالإيعاز لوكالة الأنباء الرسمية، بالرد عن تواتر معلومات حول ضعف الجهاز الدبلوماسي في مسألتي استعادة الأسرى أو تحصيل العضوية في مجلس الأمن والسلم الأفريقي.

وتعزو أوساط سياسية جزائرية ترك مهمة التوضيح والدفاع عن السياسة الخارجية للوكالة إلى النتائج السلبية لتصريحات وزير الاتصال محمد مزيان الذي يدير ملف الإعلام في الجزائر، عن وجود تسعة آلاف صحافي يهاجمون بلاده لتبدو الجزائر وكأنها مكروهة في أنحاء العالم.

وبدا أن الوزير الجزائري يريد منح بلاده شأنا كبيرا بالإيحاء بوجود لوبي عالمي مناوئ لها، لكن التضخيم والمبالغة أظهرا أن تصريحه تحول من دعاية وترويج إلى سبب في حملة معاكسة.

ما جدوى المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة التي تنفق عليها الجزائر 200 مليون دولار سنويا

وتزامن فشل الخروج الإعلامي لوزير الاتصال مع فشل دبلوماسي جزائري في العجز عن الحصول على عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، وهو اختبار أظهر تراجعا حقيقيا للجزائر في المؤسسات الأفريقية وأن الدبلوماسية الجزائرية في تراجع كبير، وهو أمر لم تقدر وزارة الخارجية على تفسيره فاختارت الصمت، والأمر نفسه بالنسبة إلى مؤسسة رئاسة الجمهورية، وترك الأمر بيد وكالة الأنباء، التي دأبت على قيادة حملات بصيغ فضفاضة وتحميل المسؤولية لـ”جهات معادية” دون أيّ إشارة إلى المسؤولية الرسمية في هذا التراجع.

وقدمت برقيات متتالية لوكالة الأنباء الجزائرية سردية مخالفة للروايات التي أوردتها مواقع وصحف إخبارية، حول وجود عشرات من منتسبي الجيش الجزائري كأسرى لدى قوات الإدارة الجديدة في سوريا، والفشل في افتكاك عضوية مجلس الأمن والسلم الأفريقي، لكن ذلك أبقى الانقسام لدى الشارع الجزائري بين مقتنع بالسردية المقدمة وبين مطالب بضرورة تقديم معلومات رسمية من طرف الجهات المعنية، ورفع اللبس عمّا يتردد في بعض الدوائر الإعلامية.

وتكفلت الوكالة الرسمية إلى حد الآن بمهمة الرد على قضية “رفض الرئيس السوري أبومحمد الجولاني تلبية طلب وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف تسليم أسرى من الجيش الجزائري لدى قوات الإدارة الجديدة،” وكذا “عدم افتكاك عضوية مجلس السلم والأمن في أفريقيا عن منطقة شمال القارة“.

وحمّلت الوكالة الجزائرية ما وصفته بـ”الحملة المعادية”، إلى لوبيات سياسية وإعلامية موالية للمغرب، تريد تقديم صورة مشوّهة عن الجزائر للرأي العام، بافتعال معلومات “مفبركة ومغلوطة.” لكن من دون تفسير لدور الرباط في فشل الجزائر في حوارها مع دمشق بشأن أسرى المؤسسة العسكرية وعناصر بوليساريو.

وتسود الشارع الجزائري حالة من الاستياء على أداء الإعلام في تقديم صورة حقيقية للبلاد، ودحض الحملات العدائية، التي تستهدف ضرب البلاد في صميم مؤسساتها الصلبة وعقيدتها التاريخية، كعدم خروج الجيش الجزائري خارج حدوده الإقليمية إلا في مهام إنسانية محددة ومعلومة، ويلقي هؤلاء باللائمة على الإستراتيجية التي تتبناها المؤسسات المتنفذة في إدارة المشهد الإعلامي.

وخص وزير الاتصال في مداخلة له أمام جمهور من المسؤولين وطلبة الإعلام والصحافيين مؤسسات إعلامية حكومية، كوكالة الأنباء الرسمية والتلفزيون الحكومي، وتلفزيون الجزائر الدولية، للاضطلاع بمهمة تسويق صورة إيجابية للرأي العام العربي والدولي، الأمر الذي طرح تساؤلا حول جدوى عشرات المؤسسات الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية خاصة المملوكة للقطاع الخاص، التي تنفق عليها الخزينة العمومية أموالا طائلة تقدر بـ200 مليون دولار سنويا في شكل إعلانات.

ودون أن تشير لا من بعيد ولا من قريب إلى الجهة الثقيلة التي تم الاستناد إليها في نقل تقارير الأسرى، وهي إذاعة “مونتي كارلو” الفرنسية التي نشرت تقريرها وفق ما أفاد به مراسلها في دمشق، فإن الوكالة الجزائرية أشارت فيها إلى أن “المملكة المغربية (…) روّجت منذ بضع أسابيع خلت عن وجود جنود من الجيش الجزائري ومن جبهة بوليساريو يقاتلون إلى جانب نظام بشار الأسد“.

وفي موضوع مجلس السلم والأمن الأفريقي، أوضحت الوكالة أن “الجزائر تتمتع بحظوظ كبيرة في الحصول على عضوية مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي عن منطقة شمال أفريقيا، في الانتخابات المؤجلة إلى الشهر المقبل، بعد حصولها على 30 صوتا من أصل 33 صوتا المطلوبة“.

1