اتحاد الشغل التونسي يحاول التغطية على أزمته الهيكلية بالمفاوضات الاجتماعية

يخشى الاتحاد العام التونسي للشغل من تعاظم ارتدادات أزمته الداخلية على مكانته في المشهد التونسي، خصوصا بعد تراجع تأثيره في الساحة السياسية، وذلك عبر التغطية بالمفاوضات الاجتماعية ولعب دوره النقابي في الظرف الراهن.
تونس - يسعى الاتحاد العام التونسي للشغل، (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، إلى التغطية على خلافاته الداخلية عبر الاهتمام بالمفاوضات في الوظيفة العمومية في الوقت الراهن.
ويقول مراقبون، إنه على الرغم من أن المفاوضات في الوظيفة العمومية استحقاق شرعي ويشمل عدة مرجعيات، لكنها لا علاقة لها بالأوضاع الداخلية المأزومة للاتحاد.
ويضيف المراقبون، أن اتحاد الشغل يشهد حالة من العجز والهوان بعد إجراءات الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021، والأزمة الحقيقية الآن تتعلق بالدور الجديد للاتحاد، بعدما كان يلعب دورا سياسيا في السابق.
وأكد سامي الطاهري الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل ضرورة مراجعة الجانب الترتيبي للمفاوضات الاجتماعية في الوظيفة العمومية وذلك بمراجعة القانون العام للوظيفة العمومية والقوانين الخاصة للقطاعات بصفة تشاركية وعدم التركيز على الجانب المالي فقط.
وأوضح الطاهري أن هناك تفاصيل مهمة في الجانب الترتيبي لأنّه طويل الأمد ويحافظ على الحقوق وله تبعات مالية مهمة قد تفوق الزيادات الموجودة.
ودعا في كلمة خلال حضوره في ندوة للإطارات النقابية حول المفاوضات الاجتماعية بالوظيفة العمومية من تنظيم الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة (شرق)، المشاركين في الندوة إلى التركيز أثناء النقاش على جملة من النقاط أبرزها “هل يمكن أن تقع المفاوضات الاجتماعية بالنظر إلى السياق السياسي الراهن في بلادنا والوضع الدولي والإقليمي؟ وهل يمكن للاتحاد أن يدخل في مفاوضات في ظل ما يشهده من خلافات داخلية؟ وكيف يمكن تجاوزها والخروج إلى مفاوضات تفضي إلى استحقاقات وتلبي الانتظارات؟”
واعتبر الطاهري أنّ المفاوضات الاجتماعية مهمة لإرجاع الحوار الاجتماعي والحق النقابي، كما تمثل فرصة لتوحيد النقابيين في ميدان النضال ولتأجيل الخلافات.
وحول جاهزية الاتحاد للانطلاق في المفاوضات الاجتماعية في خضم الأزمة الداخلية التي يعيشها، قال الطاهري “لعل هذه المفاوضات تؤجل الخلافات وتكون عامل قوة للدفاع عن العمال،” مضيفا أن “المفاوضات يجب أن تحسم في أذهان النقابيين ولا نقبل بإقصاء الاتحاد من دوره الاجتماعي.”
وتعاظمت في الفترة الأخيرة بوادر الغضب بين قيادات من الاتحاد وأمينه العام نورالدين الطبوبي الذين حمّلوه مسؤولية القطيعة بين المنظمة والسلطات التونسية من خلال التعامل السلبي معها، ما جعل دور المنظمة مهمّشا بعد أن كانت طرفا رئيسيا في المشهد قبل سنوات.
ومنذ ما يزيد عن سنتين، تقلّص دور المنظمة النقابية بعد أن خصّص لها الرئيس قيس سعيد إطارا واضحا تنشط فيه لا يتجاوز الدور النقابي مع عدم الاقتراب من المربّع السياسي، خلافا لما كانت تتمتع به سابقا من مشاركة في صنع القرار السياسي والتدخل للعب دور الوساطة في الأزمات والتفاوض مع السلطة بصبغة سياسية.
وقال المحلل السياسي المنذر ثابت إن “المفاوضات استحقاق وطني له مرجعيات محددة من ضمنها الوضع المالي للدولة والمقدرة الشرائية ومستوى الأسعار والتضخم، وهي مرجعيات لا علاقة لها بالأوضاع الداخلية للمنظمة.”
وأكد في تصريح لـ”العرب”، “سامي الطاهري حريص على توحيد المنظمة النقابية في هذا الظرف، والاتحاد بصدد عبور الصحراء، وهو في حالة عجز خصوصا بعدما قطع جسور التواصل مع المعارضة بعد إجراءات 25 يوليو 2021.”
ولفت ثابت إلى أن “السلطة ظلت محايدة وهناك تعدد للمعارضات داخل الاتحاد التي تفيد القيادة، كما أن المنظمة خارج دائرة الفعل، والاتحاد يفتقد للدور التحكيمي والمرجعي الذي كان يلعبه قبل 25 يوليو 2021، وهو الآن يحتاج إلى مؤتمر لا لحسم دور الأفراد في القيادة والحسابات، بل لإعادة صياغة الأدوار بعد لعب دور سياسي، وبالتالي الأزمة الحقيقية تكمن في دور الاتحاد.”
وكان 5 أعضاء من المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل وهم أنور بن قدور والطاهر المزي وصلاح الدين السالمي وعثمان الجلولي ومنعم عميرة قد أعلنوا في 14 ديسمبر من العام الماضي إثر اجتماع نقابي عام الدخول في اعتصام مفتوح بداية من 25 ديسمبر من السنة الماضية رفضا للوضعية التي آلت إليها المنظمة والمطالبة بتقديم المؤتمر الوطني من 2027 إلى 2025.
وعقد اتحاد الشغل مؤتمرا استثنائيا في يوليو 2021 صادق فيه على تنقيح الفصل 20 من النظام الأساسي، والذي تم بمقتضاه فسح المجال أمام أعضاء المكتب التنفيذي الوطني للترشح لأكثر من دورتين متتاليتين.