خيبة أمل معارضين جزائريين بسبب قانون الأحزاب السياسية

الجزائر - عبر حزب جيل جديد الجزائري المعارض، عن رفضه الرد على مشروع قانون الأحزاب السياسية، بسبب أن المسائل التفصيلية لا تستدعي النقاش، في ظل نوايا المشروع لتطويق التعددية السياسية، وتحويل الأحزاب السياسية إلى أجهزة خاضعة للإدارة، وهو الموقف الذي يتقاسمه مع قوى حزبية أخرى، بما فيها الموالية للسلطة كحركة البناء الوطني.
ورفض رئيس حزب جيل جديد المعارض جيلالي سفيان، مشاركة حزبه في أي نقاش يتعلق بقانون الأحزاب السياسية، الذي وزعته الحكومة على الأحزاب الناشطة في البلاد من أجل الإثراء والنقاش، في إطار ما يصفه خطاب السلطة بحزمة الإصلاحات السياسية التي جاء بها مشروع الرئيس عبدالمجيد تبون.
ويعد هذا الموقف الخارج عن توقعات السلطة، أول رد فعل صريح يصدر عن أحد الفاعلين السياسيين حول مشروع قانون الأحزاب السياسية، الذي تسعى الحكومة إلى تمريره مدعومة من طبقة الموالاة، حتى وأن المخاوف حول مصير ومستقبل التعددية في البلاد، أثيرت من طرف العديد من القوى السياسية، بما فيها الداعمة للسلطة.
حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، حذر في بيان له، من أن المشروع سينهي خيار التعددية السياسية
وبرر رئيس الحزب موقفه، بكون مشروع الإصلاح السياسي كما هو معروض هو “مزيج من القوانين القمعية والتنظيمية التي تحوّل الأحزاب السياسية وكذلك الجماعات المحلية إلى مجرد ملحقات إدارية.”
وقال: “بدلا من تنظيم حياة سياسية حرة ومسؤولة، فإن هذه القوانين تقيد الأحزاب السياسية في لائحة داخلية قاتلة على أكثر من صعيد. ولن تستمر سوى الأحزاب السياسية التي تجعل دعمها مصدرًا للربح. أما الأحزاب السياسية المبدعة، التي تحمل التجديد والانفتاح، فسيتم محاربتها، مختنقةً بتدابير أكثر صرامة وتعسفية.”
وأضاف: “عند إعلان الحوار الوطني من قبل رئيس الجمهورية ونية مراجعة القوانين المنظمة للحياة المدنية، كان لدينا بصيص من الأمل، ولكن للأسف تم دحض ذلك بسرعة من خلال هذه المشاريع. كنا نأمل في رؤية أكثر توازنًا، لكننا حصلنا على وصاية إدارية. فما الذي يبرر مثل هذا النهج؟”
ولفت إلى أنه، إذا كانت الفوضى باسم الحرية والانحرافات الناجمة عن التساهل غير مقبولة، فإن العكس هو أيضا ضار بالأمة، وهذه المشاريع، كما هي مصاغة، ستزيد من الفجوة بين المواطنين والدولة، وستعزز تضخم البيروقراطية التي ستصبح في النهاية هيمنة وموئلًا للفساد، وستلغي في النهاية جميع هياكل تشكيل القيادات السياسية للمسؤولين المستقبلين في الأمة.
ورسم جيلالي سفيان، صورة سلبية عن تداعيات المشروع، وتوقع أن “يدخل البلد في مرحلة من الإحباط والتمزق مع الدولة، مما سيطرح تساؤلات خطيرة بشأن المستقبل.”
وفي هذا الشأن، عبر رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، الذي دعم الرئيس عبدالمجيد تبون، خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت مطلع شهر سبتمبر الماضي، عن “استغرابه من محتوى المشروع، الذي يحول الأحزاب السياسية من مؤسسات مجتمعية، إلى أجهزة تخضع للإدارة، بعد إعراب الأخيرة عن نيتها في بسط هيمنتها المالية والإدارية وحتى العمل الميداني.”
أما حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، فقد حذر في بيان له، بأن المشروع سينهي خيار التعددية السياسية، عبر خلق مشهد سياسي تهيمن عليه الإدارة وتوجهه بحسب إرادة السلطة، وهو ما يضع مكسب الديمقراطية في الجزائر شيئا من الماضي، إذا لم تتحرك القوى الفاعلة لإنقاذ البلاد من مشروع سياسي شمولي أحادي.
رئيس حزب جيل جديد المعارض جيلالي سفيان يرفض مشاركة حزبه في أي نقاش يتعلق بقانون الأحزاب السياسية الذي وزعته الحكومة على الأحزاب الناشطة في البلاد
ولفت رئيس حزب جيل جديد، في مساهمة نشرها في الموقع الرسمي للحزب، إلى أن “مشروع قانون الأحزاب السياسية من مبادرة من السلطة التنفيذية ولم يكن بناء على طلب من المعنيين أنفسهم، وهو بالطبع جزء من عملية إصلاحية شاملة للنشاط السياسي في البلاد، والواقع مشاريع قوانين الجماعات المحلية، البلديات والمجالس الولائية، ثم الجمعيات في المجتمع المدني وكذلك الأحزاب السياسية، تدفعنا إلى النظر في الإصلاحات المقترحة بشكل كلي وعدم الاقتصار على تعديل بعض النصوص لتصحيح الخلل هنا أو هناك.”
وذكر بأن تحليل الحزب لقوانين الجماعات المحلية، أفضى إلى إثارة قلق بشأن الأهداف الحقيقية لهذه السياسة. وقد أكد مشروع القانونين الخاصين بالجمعيات والأحزاب السياسية هذه المخاوف بشكل كبير.
وخلص إلى أنه من غير المجدي مناقشة هذه المشاريع في تفاصيل موادها وأحكامها، حيث أن الفلسفة والنهج الذي أنشأها بعيدان عن قناعاتنا وفهمنا لما يمكن ويجب أن تكون عليه دولة القانون التي تحكمها الديمقراطية، وأنه من الممكن الاتفاق على قواعد توافقية تضمن حماية مؤسسات البلاد وتجنب تدخل المال سواء كان محليا أو دوليا في الخيارات الانتخابية. في المقابل، يجب أن تنتظر الأحزاب بشكل مشروع تنظيما ماليا عادلا ومتوازنا، يسمح لها بالعمل بحرية في إطار القوانين المعمول بها وفي إطار تمثيلها.
والتقى الرئيس تبون، خلال الأسابيع الأخيرة، بعدد من قادة الأحزاب السياسية، في إطار ما وعد به حول فتح حوار سياسي شامل، خلال خطاب التنصيب كرئيس للجمهورية بعد انتخابات شهر سبتمبر الماضي، وهو ما فاجأ الطبقة السياسية التي كانت تنتظر حوارا شاملا يجمع كل الطيف السياسي، بمن فيهم غير المرخص لهم بالنشاط، كالاتحاد الديمقراطي الاجتماعي الذي يرأسه المعارض كريم طابو، الأمر الذي شكل خيبة أمل سياسية، كون السلطة لا زالت متمسكة بالحوار مع الموالين لها وليس مع من يعارضونها.