ظاهرة الفساد تتفشى في المؤسسات الليبية

ليبيا تحتل المرتبة الـ173 من أصل 180 دولة في الترتيب العالمي لمؤشر الفساد عام 2024.
الخميس 2025/02/13
المراقبة لا تكفي

طرابلس - تزايدت ممارسات الفساد المالي والإداري في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، ما جعلها تحتل مرتبة متقدّمة في الترتيب العالمي لمؤشر الفساد.

ويقول مراقبون إن تفشّي الفساد في ليبيا يطرح تساؤلات عن جدية الإجراءات المحلية والدولية للتصدي للظاهرة، لاسيما أن أغلب أصحاب القرار السياسي في البلاد مرتبطون ببارونات وأباطرة الفساد أو متحالفون معهم على أساس المصالح المشتركة.

واحتلت ليبيا المرتبة الـ173 من أصل 180 دولة في الترتيب العالمي لمؤشر الفساد عام 2024 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.

وقد تقدّم ترتيب ليبيا ثلاثة مراكز في المؤشر مقارنة بعام 2023، الذي حلّت فيه في المركز 170.

متابعون يقولون إن الفساد ضرب مؤسسات الدولة في ليبيا وتحول إلى عنصر أساسي في الحراك السياسي والاجتماعي

وفي 2024 تذيلت دولة جنوب السودان الترتيب بمعدل 8 نقاط، خلف الصومال الذي جاء في المرتبة 179 عالميا بمعدل 9 نقاط، ثم فنزويلا في المرتبة 178 بمعدل 10 نقاط، وسوريا في المرتبة 177 بـ12 نقطة، ثم كل من ليبيا واليمن وإرتريا وغينيا الاستوائية بمعدل 13 نقطة.

واكتمل عقد أكثر عشر دول فسادا بكل من نيكاراغوا بـ14 نقطة والسودان 15 نقطة وكوريا الشمالية 15 نقطة.

ويصنف المؤشر 180 دولة حول العالم بناء على مستويات الفساد في القطاع العام وفقا للعديد من المؤشرات، من بينها الشفافية والمساءلة وإنفاذ القانون وحرية الصحافة واستقلال القضاء، ويجرى منح كل دولة درجة من 0 “شديدة الفساد” إلى 100 “لا تشهد فسادا.”

وأفادت منظمة الشفافية الدولية بأن النتائج “مثيرة للقلق”، حيث لم تحرز معظم الدول تقدما يذكر في معالجة الفساد بالقطاع العام.

ويقول متابعون إن الفساد ضرب كل مؤسسات الدولة في ليبيا وأصبح ظاهرة واسعة النطاق، وتحول إلى عنصر أساسي في الحراك السياسي والاجتماعي وفي بنية الدولة، وهو اليوم المتحكم الفعلي في مراكز القرار بينما يصنف 40 في المئة من الشعب تحت خط الفقر.

ويضيفون أن الحديث عن مقاومة الفساد أصبح يتردد في حالات كثيرة على ألسنة متورطين رئيسيين في الفساد وفي نهب المال العام وإهداره والعبث بمقدرات الدولة عبر العقود والصفقات المشبوهة وظهور الحيتان الكبيرة بشكل متواتر في محيط السلطات السياسية ودوائر الأسر الممسكة بمقاليد السلطة في طرابلس وبنغازي.

وفي وقت سابق قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إن “المجلس ينظر بقلق إلى ما ألحقه الفساد من أضرار في البلاد، وأن مكافحته ليست مجرد ضرورة أخلاقية فحسب بل هي شرط أساسي لتحقيق التنمية الشاملة، وحماية مقدرات الشعوب.”

وأكّد في تصريح صحفي أن “الفساد بصوره المعقدة وتأثيراته العميقة يهدر الموارد المالية والبشرية ويعوق التقدم في المجالات كافة.”

بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تشدد على أن مكافحة الفساد تتطلب جهودا منسقة بين السلطات الوطنية والمؤسسات السيادية والمجتمع المدني وجميع الليبيين

ورصدت تقارير عديدة حالات فساد بالملايين من الدولارات داخل قطاعات الدولة الليبية، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية وظروف معيشية صعبة، بينما يتساءل المتابعون: كيف يمكن وقف سرطان الفساد المنتشر في مفاصل الدولة؟

وكشفت النيابة العامة الإثنين واحدة من أبرز قضايا الفساد، المتهم فيها رئيس لجنة إدارة شركة الواحة، وتتعلق بتحقيق منافع غير مشروعة لنفسه ولغيره، من خلال تعاقدات على تنفيذ أعمال بميناء السدرة وحقل الظهرة النفطي شملت حفر آبار نفط، وتعديل قيمة عقود خدمات وأعمال حفر، بإجمالي مبالغ قدر بملايين الدولارات.

وسبق أن أعلن مصرف ليبيا المركزي في بيان له تحقيق إيرادات بلغت 86.3 مليار دينار ليبي، بينما بلغ إجمالي الإنفاق العام 84.6 مليار دينار، كما سجل عجزا في ميزان المدفوعات قدره 6.1 مليار دولار حتى نهاية نوفمبر 2024، نتيجة انخفاض إيرادات النقد الأجنبي التي بلغت 17.1 مليار دولار مقارنة بـ22.3 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

وشددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على أن مكافحة الفساد تتطلب جهودا منسقة بين السلطات الوطنية والمؤسسات السيادية والمجتمع المدني وجميع الليبيين، وخاصة الشباب.

وفي بيان بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة الفساد، سلطت البعثة الضوء على الحاجة الملحة إلى الحكم الرشيد والمسؤولية والمساءلة المالية والشفافية والرقابة والإدارة العادلة للموارد لصالح جميع الليبيين، واعتبرت هذه المبادئ، التي أقرتها قرارات مجلس الأمن، أساسية لجعل ليبيا أكثر استقرارا وازدهارا وعدالة للجميع، مؤكدة أنها ستواصل دعم الجهود الليبية لتعزيز هذه المبادئ من خلال العملية السياسية والبرامج الأخرى، وفق تعبير البيان الصادر عنها.

4