الذكاء الاصطناعي يعيد رسم طبيعة الاستثمار التكنولوجي عالميا

الاتحاد الأوروبي يتعهد بتقديم تمويلات بقيمة 50 مليار يورو.
الأربعاء 2025/02/12
فرصتكم لاختبار مستقبلكم

يتابع المحللون تأثيرات الذكاء الاصطناعي في إعادة رسم ملامح الاستثمار التكنولوجي عالميا مع تقديم أوروبا مزيجا من التمويلات مع الاستثمارات الخاصة بالمليارات من اليوروهات، وسط مساع لفهم طبيعتها حتى يمكن معرفة تأثيرها مستقبلا على القطاع الذي يشهد تنافسا كبيرا على الابتكار فيه وتبنيه.

باريس - يتطلع الأوروبيون مع إسدال الستار على قمة باريس للذكاء الاصطناعي إلى القطاع الخاص للمساعدة في تمويل البنية التحتية للحوسبة واسعة النطاق في القطاع، والمعروفة باسم “مصانع الذكاء الاصطناعي العملاقة”، لدعم تطوير النماذج المتقدمة.

ولتسريع تبني هذه التقنية وبناء مرافق حوسبة واسعة النطاق، تعهد التكتل الثلاثاء، بتقديم تمويلات بقيمة 50 مليار يورو، بالإضافة إلى التزام بقيمة 150 مليار يورو من شركات القطاع الخاص بموجب مبادرة أبطال الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي.

والهدف هو حشد حوالي 200 مليار يورو من إجمالي الاستثمار، مما يجعلها أكبر شراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير الذكاء الاصطناعي في العالم.

ويبحث المحللون عن طبيعة هذه الاستثمارات، مقارنة مع تلك التي ستخصصها الإمارات في شراكتها مع فرنسا، والتي تتراوح بين 30 و50 مليار دولار، أو تلك التي كانت عنوان شراكة هذا الأسبوع بين نيوم السعودية وداتا فولت بقيمة 5 مليارات دولار.

أورسولا فون دير لاين: نحتاج إلى حوسبة قوية لتمكين الشركات من المنافسة
أورسولا فون دير لاين: نحتاج إلى حوسبة قوية لتمكين الشركات من المنافسة

والأمر لا يقتصر على مثل هذه النوعية من التمويلات الضرورية لنشر هذه التقنية بلا حدود، بل ثمة فرص استثمارية كثيرة بالمليارات من الدولارات ستكون محور منافسة شديدة خلال السنوات القليلة المقبلة.

وفي حديثها خلال اليوم الثاني في قمة عمل الذكاء الاصطناعي في باريس، أكدت رئيسة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين على الحاجة إلى موارد حوسبة قوية لتمكين الشركات الناشئة الأوروبية من المنافسة عالميًا.

وبالفعل تم تخصيص “مبادرة استثمر في الذكاء الاصطناعي” للمساعدة في تعزيز بناء المصانع العملاقة المطلوبة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المعقدة داخل الكتلة.

وتهدف هذه الاستثمارات إلى مساعدة الاتحاد على اللحاق بالريادة التي اكتسبتها الصين والولايات المتحدة في تطوير البنية التحتية المتقدمة للذكاء الاصطناعي، وإطلاق نماذج الدردشة الآلية الشهيرة، مثل تشات جي.بي.تي وديب سيك الصيني.

وتقود شركة الاستثمار جنرال كاتاليست مبادرة “أبطال الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي”، وذلك بمشاركة شركات كبرى في قطاعات مختلفة، من بينها أيرباص وأي.أس.أم.أل وسيمنز وإنفينيون وفيليبس وميسترال وفولكسفاغن.

ويأتي إعلان التكتل بعد أن أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اليوم الأول من القمة أنه سيتم استثمار 109 مليارات يورو في الذكاء الاصطناعي في فرنسا.

ووصف هذا الرقم بأنه “معادل” لمشروع مركز بيانات الذكاء الاصطناعي “ستارغيت” الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب والبالغة كلفته نصف تريليون دولار.

ومع استثمار الولايات المتحدة والصين بكثافة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، تتعرض أوروبا لضغوط لمواكبة ذلك، ولكن تبقى طبيعة الإقبال على الاستثمار في هذه التكنولوجية المتقدمة محل تساؤل بين المحللين.

ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستوجه تلك المبالغ الضخمة، كون القطاع يتضمن العديد من المجالات المهمة، مثل مراكز البيانات وتخزين الطاقة والبرمجيات التي تعتمد على الذكاء التوليدي وغيرها.

ولكن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يشير عموما إلى تخصيص رؤوس الأموال لشراء وتطوير التقنيات والمنصات، التي تستخدم هذه التكنولوجيا، وأيضا التعلم الآلي لتحسين العمليات وزيادة الكفاءة في مختلف الصناعات.

200

مليار يورو تعهدات لتنمية القطاع في أوروبا، منها 150 مليار يورو سيوفرها القطاع الخاص

وقد يشمل ذلك تمويل شركات ناشئة تعمل في هذا المجال الجديد، أو في البحث والتطوير لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وكذلك شراء أسهم في شركات متخصصة في التقنيات المتقدمة.

ويمكن أن تسهم هذه التقنية المتقدمة في تعزيز الكفاءة والإنتاجية بطرق عديدة، كما يمكن أن تساعد في استحداث منتجات ونماذج تجارية وخدمات جديدة.

ويرى الخبراء أنه من المهم أن تعتمد الحكومات والشركات مقاربات تحليلية وأن تعمل على وضع إستراتيجيات واضحة لتقييم العرض والطلب واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ويؤكدون أن الهدف من ذلك ضمان إمكانية استخدام هذه التقنيات على نطاق واسع بفاعلية وتعزيز قدرتها على معالجة التحديات وإنتاج عائد جيد على الاستثمار.

ووفقا لوكالة الطاقة الدولية تستهلك مراكز البيانات حاليا ما بين 1 إلى 1.3 في المئة من الطلب العالمي على الكهرباء. ومع تقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي، من المتوقع أن ينمو استهلاك الطاقة بشكل كبير على مدى العقد المقبل.

وتتطلب الطبيعة كثيفة الاستهلاك للطاقة لمراكز البيانات والتأثير التراكمي للانبعاثات الكربونية المرتبطة بها الحاجة السريعة للتحول إلى حلول نظيفة ومستدامة.

وكان الاتحاد الأوروبي أحد القوى العالمية الأولى التي قدمت لوائح شاملة حول هذه التكنولوجيا، مما أدى إلى دخول قانون الذكاء الاصطناعي حيز التنفيذ العام الماضي.

وزعمت فون دير لاين أن النهج التعاوني الأوروبي في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، والذي يركز على موارد الحوسبة المشتركة والبيانات الفيدرالية، من شأنه أن يوفر ميزة تنافسية.

وأكدت أن مصانع الذكاء الاصطناعي العملاقة ستكون متاحة للباحثين والشركات الناشئة والصناعات، مما يضمن بقاء أوروبا لاعباً رئيسياً في سباق الذكاء الاصطناعي.

وقالت فون دير لاين “نريد أن تكون أوروبا واحدة من القارات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذا يعني تبني أسلوب حياة حيث يكون الذكاء الاصطناعي في كل مكان.”

وأضافت “في الكثير من الأحيان أسمع أن أوروبا متأخرة عن السباق حيث تقدمت الولايات المتحدة أو الصين بالفعل. أنا لا أتفق، لأن سباق الذكاء الاصطناعي لم ينته بعد.”

11