حراك سياسي عراقي غير معلن لتغيير فقرات في قانون الانتخابات

المباحثات تجري حول أربعة نقاط في القانون لتغييرها، فيما يشير برلماني إلى مقترح لاستثناء رئيس الوزراء من تقديم الاستقالة عنده ترشحه للانتخابات.
الثلاثاء 2025/02/11
قانون الانتخابات محور صراع تتداخل فيه المصالح الحزبية والشعبية

بغداد - يستمر قانون الانتخابات في العراق بتصدر الملفات جدلية على الساحة السياسية، حيث يثير نقاشات حادة بين القوى السياسية والمجتمعية بشأن الحاجة إلى تعديله أو الإبقاء عليه كما هو رغم كونه ينظم العملية الانتخابية، إلا أنه أصبح محور صراع تتداخل فيه المصالح الحزبية والشعبية على حد سواء.

فبعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، استعداداتها الفنية لإجراء انتخابات مجلس النواب 2025، كشف مقرر مجلس النواب الأسبق، محمد عثمان الخالدي، الاثنين، عن اجتماعات غير معلنة للشروع بتغيير أربع نقاط من قانون الانتخابات.

وتجري العملية الانتخابية في العراق وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.

وقال الخالدي في تصريح لموقع "بغداد اليوم" إن "مساء الأحد، عقد أول اجتماع غير معلن بين ممثلي ثلاث قوى سياسية مهمة، من أجل وضع أولى اللبنات لتحرك سياسي يأخذ مداه بشكل أكبر خلال الفترة القادمة لتغيير قانون الانتخابات، وإعداد مسودة لمناقشتها مع باقي الكتل السياسية، تمهيداً لطرحها على مجلس النواب، وصولاً للتصويت عليها قبل إجراء الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها نهاية 2025".

وأضاف أن "هذا الاجتماع يدل على أن العديد من القوى المهمة في المشهد العراقي ترى أن تغيير قانون الانتخابات ضرورة، وبالتالي هنالك ثلاثة إلى أربعة نقاط من المتوقع أن يجري التوافق حول تغييرها".

وأكد الخالدي، أن "كل المؤشرات تشير إلى أن تغيير قانون الانتخابات ربما سيحظى بمقبولية من القوى السياسية، خاصة وأن هناك ضوء أخضر من كتل مهمة حيال تغيير بعض النقاط"، لافتاً إلى أن "القوى الكبيرة ترى ضرورة تجاوز سلبيات قانون الانتخابات التي برزت في انتخابات مجالس المحافظات عام 2023".

وأوضح أن "المرحلة المقبلة ستشهد تركيزا أكبر على هذا الملف، وأن كل المؤشرات تدل على أنه سيتم تقديم أكثر من مسودة خلال الأسابيع القادمة حول التغييرات، وبالتالي سيكون هناك حراك معلن حول هذا الموضوع في الأيام المقبلة"، مشيرا الى انه "تم طرح أكثر من مسودة، ولكن الاجتماع مساء الأحد أعطى إشارة للبدء في هذا الحراك باتجاهات متعددة".

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في وقت سابق الاثنين، استعداداتها الفنية لإجراء انتخابات مجلس النواب 2025، مشيرة إلى أن مراكز التسجيل في المحافظات تجري حالياً التسجيل البايومتري للناخبين لغرض إنجاح عملية انتخاب مجلس النواب 2025، والتي ستجري قبل مدة (45) يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الحالية لمجلس النواب.

وكان نائب رئيس لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية، جواد اليساري، كشف في 3 فبراير الجاري، عن التعديلات التي ستطال قانون الانتخابات في العراق أبرزها منح إجازة إجبارية للوزراء والمسؤولين التنفيذيين الذين يقدمون أوراقهم للترشح في الانتخابات التشريعية"، مشيرا إلى أن "هناك مقترح أيضاً يقضي بتقديم رئيس الوزراء والوزراء استقالاتهم من مناصبهم في حال كانت لديهم رغبة بالترشيح للانتخابات البرلمانية"، واستدرك قائلا "وهناك أيضا مقترح لاستثناء رئيس الوزراء من تقديم الاستقالة عنده ترشحه للانتخابات".

وتثير إمكانية عودة زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر عن قراراته السابقة هواجس حقيقية لدى أغلب القوى الشيعية الممسكة بزمام السلطة، نظرا إلى ما للرجل من شعبية وقدرة على تجييش الشارع واستمالة الناخبين وهو ما تأكّد عمليا خلال الانتخابات الماضية التي حصل فيها على عدد كبير من مقاعد البرلمان، وما منعه آنذاك من تشكيل الحكومة هو تحالف أبناء عائلته السياسية ضدّه وائتلافهم في تكتل مضيّق هو الإطار التنسيقي وآخر موسّع هو تحالف إدارة الدولة الذي ضمّ إلى جانب الأحزاب والفصائل الشيعية أحزابا سنية وكردية.

وأكد النائب هيثم الفهد، في 29 يناير الماضي، أن تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، لم يطرح بشكل رسمي داخل البرلمان ولجانه المختصة لغاية هذه اللحظة بشكل رسمي، وما يجري بشأن التعديل هو مجرد حوارات تحت الطاولة ما بين الزعامات السياسية فقط"، مبينا أن التعديل سيجري وفق هيمنة الزعامات ووفق ما تريده مصلحتها الحزبية والشخصية.

ومطلع الشهر الماضي، عقدت الرئاسات الثلاث، اجتماعا بحثت فيه جملة ملفات، أبرزها كان الاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية لسنة 2025 ووجوب توفير المستلزمات اللوجستية والفنية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

وفي 13 يناير الماضي، صوت مجلس النواب خلال جلسته الاعتيادية، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وذلك بعد أن قرر القضاء العراقي، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية الدورة الحالية لمدة سنتين.

وكان أمين تيار الحكمة في ديالى، فرات التميمي، كشف في 18 يناير الماضي، عن وجود ثلاث رؤى سياسية لتغيير القانون، مشيراً إلى أن “الأكثر ترجيحاً هو مقترح الدوائر الانتخابية لكونه يحد من استغلال السلطة في العملية الانتخابية ومن تأثير المال السياسي".

وقدم النائب عامر عبدالجبار، مقترح قانون "الحوافز الانتخابية" موقعاً من عشرة نواب، إلى رئيس البرلمان، الذي وافق بدوره على المقترح وأحاله إلى اللجنة القانونية.

ونصّ مقترح القانون على أن يُمنح الموظفون من المدنيين والعسكريين المشاركون في التصويت كتاب شكر مع احتساب خدمة إضافية لمدة ستة أشهر، أما المواطنون الذين يشاركون في الانتخابات ويدلون بأصواتهم فستُمنح لهم الأولوية في التعيين ضمن الوظائف الحكومية.

ويشمل المقترح منح كل مُصوّت من المشمولين بالالتزامات الضريبية من العاملين في القطاع الخاص بمختلف القطاعات إعفاءً ضريبياً يصل إلى مليون دينار عراقي للمشاركين في التصويت مما يخفف العبء المالي عليهم، وبالنسبة للمواطنين المشمولين بدفعات الضمان الاجتماعي المقدمة من وزارة العمل، فسيتم منحهم أولوية في إنجاز معاملاتهم الرسمية في الوزارة.

وكان عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، أكد في 14 يناير الماضي أن "الحديث عن نية مجلس النواب تعديل قانون الانتخابات لا يتعدى كونه تصريحات فردية وليس له وجود داخل المجلس أو اللجنة القانونية النيابية لغاية الآن"، مبينا أن "اللجنة لم يصل لها أي مقترح حول ذلك، وبحال وجود قرار سياسي أو اتجاه للتعديل، فبالتأكيد سيمر عبر اللجنة القانونية أولا، ثم يتم رفعه لرئاسة البرلمان ليوضع على جدول الأعمال".

وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.

وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.

وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.

وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.

وكان مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في 27 مارس 2023 بحضور 218 نائبا على قانون "التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018".

وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.

وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.