الشرع يتحدث عن رحلته إلى العراق لاكتساب الخبرة ورفضه للطائفية

الرئيس السوري الانتقالي يؤكد أنه يسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع القوى الإقليمية والدولية، بحيث أن لا تكون سوريا ساحة للصراعات.
الثلاثاء 2025/02/11
الشرع يدعو الغرب إلى إعادة النظر في رؤيته لسوريا

دمشق – قال الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في مقابلة تم بثها الاثنين إن ذهابه الى العراق وانضمامه الى تنظيم القاعدة هناك كان بهدف اكتساب الخبرة والدفاع عن أهل تلك البلاد، وانه كان رافضا للحرب الطائفية المندلعة في العراق في ذلك الحين.

جاء ذلك في مدوَّنة صوتية (بودكاست) مع أليستر كامبل، المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وروري ستيورات، الوزير البريطاني المحافظ السابق، اللذين التقيا الشرع مؤخرا في دمشق، وقدما للحوار بعبارة "كيف تحول أحمد الشرع من مقاتل سجين في تنظيم (القاعدة) إلى زعيم سوريا".

وقال الشرع وفق تصريحاته المترجمة إلى اللغة الإنكليزية "لم تكن لدينا الإمكانيات أو الخبرة الكافية، فقررت الذهاب إلى أي مكان يمكنني اكتساب الخبرة فيه".

وأضاف أن "التوقيت تزامن مع مقدمات دخول القوات الأميركية إلى العراق، وكان هناك تفاعل عربي وإسلامي كبير ضد هذا التدخل".

وأشار إلى أنه كان لديه هدفين من الذهاب إلى العراق، أولهما اكتساب خبرة من خلال مشاهدته لحرب كاملة، وثانيهما الدفاع عن أهل العراق.

وتابع "عملت مع فصائل متعددة، لكنها بدأت تتقلص حتى وجدت نفسي ضمن القاعدة في العراق".

وكان الشرع مقاتلا في العراق لمدة 3 سنوات، ثم قضى 5 سنوات في السجن.

وعن فترة سجنه، قال الشرع "دخلت السجن مبكرا، ومررت بسجون (أبوغريب)، ثم بوكا، ثم كروبر ثم التاجي. خلال هذه الفترة، بدأ الوعي يزداد لدي، وكنت ألاحظ اختلافا كبيرا في تكوين شخصيتي".

وأضاف "كنت أسمع أفكارا غريبة داخل السجن، وكنت أرفض الحرب الطائفية التي نشأت في العراق آنذاك".

وقال أيضا "بعض الأطراف داخل السجن كانت لديها ملاحظات علي لأنني لم أتبن أفكار داعش لاحقا".

أما عن عودته إلى سوريا، فقال الشرع "قبل يومين من بدء الثورة السورية، خرجت من السجن ورتبت أموري بسرعة للعودة".

وأكد أنه وضع شروطا مسبقة "أولها أننا لن نكرر تجربة العراق في سوريا. وثانيها لن نشارك في أي نوع من الحروب الطائفية، بل سيكون تركيزنا على قتال النظام".

وتابع "بدأنا بستة أشخاص فقط، لكن خلال عام واحد، أصبحنا خمسة آلاف، وانتشرنا في مختلف المحافظات السورية".

وأشار الشرع إلى أن "تنظيم القاعدة في العراق، تفاجأ من هذا النمو وحاول فرض تجربته، لكنني رفضت ذلك"، مؤكدا "رفضت تطبيق تجربة العراق في سوريا، فحصل الافتراق بيننا، واندلعت حرب كبيرة بيننا".

وتابع "خسرنا أكثر من 1200 مقاتل، وفقدنا 70 بالمئة من قوتنا، لكننا أعدنا بناء أنفسنا من جديد مع التركيز على قتال النظام، ومعالجة المخاطر الأخرى مثل داعش".

وحول المرحلة الحالية، أكد الشرع أن حكومته تعمل على تثبيت مؤسسات الدولة ومنع انهيارها، مؤكدا أنه سيتم الإعلان عن مؤتمر للحوار الوطني قريبا سيشمل مجموعة واسعة من الأطراف، بهدف وضع توصيات تمهد الطريق لإعلان دستور جديد. سيتم تشكيل برلمان مؤقت، وسيكون هذا البرلمان مسؤولا عن إنشاء لجنة دستورية تتولى صياغة الدستور الجديد".

كما أشار إلى أن الأولوية الآن هي إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية، مشدداً على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا.

وحول رؤيته للعلاقات الخارجية، أوضح الشرع أنه يسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع القوى الإقليمية والدولية، بحيث أن لا تكون سوريا ساحة للصراعات الدولية بعد الآن.

أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أشار إلى أنه استلهم من تجارب دول مثل سنغافورة والبرازيل ورواندا، لكنه يسعى إلى تطوير نموذج اقتصادي يناسب خصوصية سوريا.

وتحدث الشرع عن خططه لإعادة هيكلة الجيش السوري، وأشار بدوره إلى أنه جلب معه مؤسسة عسكرية منظمة، بديلة عن الجيش السابق الذي وصفه بأنه "مجرد ميليشيات تتبع لإيران وروسيا".

وأكد من جهته أن التجنيد في الجيش الجديد سيكون طوعيا، مع انضمام الآلاف من المتطوعين يومياً.

وأوضح الشرع أن جيش النظام السابق لم يكن يشبه الجيش العراقي. كان مجزئا، مع وجود عديد من الميليشيات والتدخلات الخارجية من إيران وروسيا. الجيش كان مفككاً وسقط. وكان العديد من الشبان يهربون من سوريا لتجنب التجنيد الإجباري، لذلك لم يكن للجيش أي أهمية كبيرة بالنسبة للسوريين.

وانتقد الشرع ضمن المقابلة، العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، معتبراً أنها لم تعد مبررة بعد سقوط النظام السابق.

كما أعرب عن قلقه من تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين، مؤكداً أن التاريخ أثبت أن محاولات التهجير القسري لن تنجح.

وأكد الشرع أن العقلية الثورية لا يمكنها بناء دولة، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية تتطلب تركيزاً على إعادة الإعمار والاستقرار السياسي. وأضاف "لم أسعَ للرئاسة، لكن المسؤولية فرضت نفسها، والهدف الآن هو بناء سوريا جديدة قوية ومستقرة".

وعن موقفه مما تقوله وسائل الإعلام الغربية عنه، عدّ أحمد الشرع أن سوريا بلد حاسم بموقع استراتيجي له تأثير عالمي. في الماضي، كان النظام يهدف عمداً إلى تهجير السوريين إلى أوروبا وتجارة الكبتاغون إلى أوروبا والمنطقة. كما استخدمت دمشق قاعدة لزرع مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة بسبب الدور السلبي للغاية الذي كانت تلعبه بعض الدول داخل سوريا.

غير أنه يشدد على أن وضع سوريا تغير بشكل جذري، وأصبحت منطقة جديدة بمستقبل واعد. وسوف تلعب سوريا دوراً كبيراً في استقرار المنطقة من خلال التنمية الاقتصادية. وستكون مركزاً رئيسياً في قطاعات مثل الزراعة والصناعة والتجارة، لافتاً إلى أن سوريا تقع على طريق الحرير التاريخي، ومن المتوقع أن يزدهر التبادل التجاري بين الشرق والغرب مرة أخرى.

وأنهى حديثه بالقول إنه يجب على الغرب إعادة النظر في رؤيته لسوريا من هذه الزاوية.