استمرار الخلافات بين الفرقاء يضعف موقف الأكراد في سوريا

القامشلي (سوريا) – فشلت الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى تذليل الخلافات بين الفرقاء الأكراد في شمال شرق سوريا، والخروج بموقف موحد للتفاوض مع دمشق بشأن مستقبل المنطقة.
وسعت الولايات المتحدة وفرنسا والرئيس السابق لإقليم كردستان العراق، مسعود بارازاني، إلى استئناف الحوار المعطل منذ العام 2020 بين تحالف “الوحدة الوطنية” الكردية والمجلس الوطني الكردي، لكن تلك المساعي لم تلق طريقها للنجاح بسبب رفض الطرفين تقديم أية تنازلات، وهو ما من شأنه أن يضعف موقف الأكراد في المفاوضات مع الإدارة السورية الجديدة.
وذكرت مصادر محلية في مدينة القامشلي أن أحزاب “الوحدة الوطنية” التي يقودها الاتحاد الديمقراطي تجري تحضيرات لعقد مؤتمر تحت عنوان “المؤتمر القومي الكردي”، والذي سيجمع معظم القوى والأحزاب السياسية الكردية في شمال شرقي سوريا، باستثناء المجلس الوطني الكردي، الذي تم استبعاده من المشاركة.
ونقل موقع “كوردستريت” عن مصادر من اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أن الدعوات وجّهت إلى معظم الفعاليات السياسية والمجتمعية الكردية، مضيفة أن المجلس الوطني الكردي لم يكن ضمن المدعوين.
وأشارت المصادر إلى أن هذا الأمر “أثار تساؤلات حول مستقبل الحوار الكردي – الكردي، وإمكانية التوصل إلى توافق سياسي في المرحلة المقبلة.”
وهاجم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، غريب حسو، والقيادي البارز في الحزب، آلدار خليل، في وقت سابق المجلس الوطني، متهمان إياه بـ”خدمة أجندات تركيا.
كان من المفترض أن يعقد خلال الأيام الماضية لقاء بين قيادات تحالف الوحدة الوطنية الكردية والمجلس الوطني للاتفاق على تشكيل وفد مشترك للتفاوض مع دمشق
وانتقد رئيس الاتحاد الديمقراطي مطالبة المجلس الوطني بشراكة حقيقية “مناصفة” مع حزبه في الإدارة الذاتية، ووصف المجلس بأنه “يتكون من ثلاثة أشخاص فقط،” في حين انتقد حسو كل من يدعو حزبه إلى التوافق مع المجلس الوطني.
وكان من المفترض أن يعقد خلال الأيام الماضية لقاء بين قيادات تحالف الوحدة الوطنية الكردية والمجلس الوطني للاتفاق على تشكيل وفد مشترك للتفاوض مع دمشق.
وبدت الظروف مهيأة لنجاح اللقاء، في ظل التحديات التي تواجه الأكراد في شمال شرق سوريا، لكن الحسابات السياسية أعاقت على ما يبدو حصول ذلك.
وتشهد الساحة الكردية في سوريا انقساما عموديا بين الإدارة الذاتية التي يقودها الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، ومجلس الوطني الكردي، هو عبارة عن تحالف يضم عددا من الأحزاب والتنظيمات الشبابية ومستقلين، ومنخرط ضمن تحالف سياسي أوسع هو ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية.
وعمد الاتحاد الديمقراطي عبر ذراعه العسكري وحدات حماية الشعب، عقب تفجر الأحداث في سوريا في العام 2012، إلى السيطرة على مناطق في شمال شرق البلاد، بعد انسحاب القوات السورية آنذاك منها للتصدي لفصائل المعارضة.
وعزز الاتحاد الديمقراطي من وجوده في المنطقة مشكلا تحالفا أطلق عليه قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتمدد لمناطق في شرقي سوريا وشمال غربها، مستفيدا من دعم تحالف دولي تشكل في العام 2014 بقيادة واشنطن للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، وأعلن الاتحاد عن تأسيس إدارة ذاتية، تشمل أجزاء من ريف الرقة والحسكة وصولا إلى دير الزور.
وقد واجه حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكرية قسد ثلاث حملات عسكرية من قبل تركيا التي تعتبر الحزب امتدادا لحزب العمال الكردستاني، لكن ذلك لم يحل دون تكريس نفوذه في المعادلة السورية، مستفيدا أيضا من موقف الرئيس السابق بشار الأسد، الذي لم يكن يعتبر مواجهة قسد أولوية.
في المقابل خير المجلس الوطني الكردي منذ البداية الالتحام بالمعارضة السورية المدعومة من تركيا، وعانى من ملاحقات الإدارة الذاتية في المناطق التي تسيطر عليها، وقد جرت محاولات في السابق لرأب الصدع بين المكونين الكرديين لعل أبرزها في أبريل 2020، لكن دون نتائج.