توسيع العقوبات الأميركية يقوض قطاع الطاقة في إيران

طهران - تستشعر إيران مدى التأثيرات القاسية التي قد تخلفها أحدث جولة من الحظر الأميركي على قطاعها للطاقة، وتحديدا النفط، في الوقت الذي يكافح فيه البلد لإنقاذ اقتصاده المنهك وسط تضخم مرتفع وانهيار في العملة المحلية.
وفي أحدث موقف بهذا الخصوص، حذر وزير النفط محسن باك نجاد من أن فرض عقوبات أحادية على منتجين كبار من شأنه أن يزعزع استقرار أسواق الطاقة، في أحدث تحرك ضد سياسات الولايات المتحدة.
وجاءت تعليقاته التي أوردها الموقع الإخباري لوزارة النفط (شانا) على الإنترنت الأربعاء، بعد أن استأنف الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياسة “أقصى الضغوط” على إيران والتي تشمل محاولات لخفض صادراتها النفطية إلى الصفر.
وأبلغ نجاد الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هيثم الغيص أن “نزع الطابع السياسي عن سوق النفط قضية حيوية لأمن الطاقة.”
وأطلق ترامب هذه الحملة للمرة الأولى أثناء ولايته الرئاسية الأولى في 2018 وتسببت في انخفاض حاد في صادرات النفط الإيرانية إلى ما يصل إلى 200 ألف برميل يوميا في بعض أشهر عام 2020.
وفي عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن، انتعشت صادرات النفط الإيرانية لتبلغ نحو 1.5 مليون برميل يوميا وتذهب غالبية التدفقات إلى الصين.
وقال نجاد الذي انتخب في ديسمبر رئيسا لمؤتمر أوبك لعام للتلفزيون الرسمي الأربعاء إن طهران “أعدت استراتيجيات لأي موقف يتعلق بالعقوبات الأميركية.”
وفيما يتعلق بقضايا الطاقة عموما، أكد أن التحدي الأكثر أهمية الذي تواجهه سوق النفط العالمية في الأمد المتوسط إلى الطويل، هو قضية الاستثمارات في التنقيب والإنتاج.
وأضاف “إذا كان بعض كبار مستهلكي النفط اليوم يشعرون بالقلق بشأن إمدادات الخام، فإن هذا نتيجة لأفعالهم السياسية التي تضغط على أوبك+ وتدفع إلى فرض قيود تنظيمية على الاستثمارات الجديدة في التنقيب والإنتاج.”
وإيران هي ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وتنتج حوالي 3.3 مليون برميل من النفط يوميا أو ما يعادل ثلاثة بالمئة من الإنتاج العالمي.
وتظهر بيانات أوبك أن إنتاج النفط الإيراني وصل إلى ذروته في سبعينيات القرن الماضي وسجل مستوى قياسيا بلغ ستة ملايين برميل يوميا في 1974، بما يعادل أكثر من 10 في المئة من الإنتاج العالمي في ذلك الوقت.
وفرضت الولايات المتحدة في 1979 أول حزمة من العقوبات على طهران وأصبحت إيران منذ ذلك الحين هدفا للعقوبات الأمريكية والأوروبية.
وشددت واشنطن العقوبات في 2018 بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى. وانخفضت صادرات النفط الإيرانية إلى ما يقرب من الصفر خلال بعض الشهور.
وارتفعت الصادرات بشكل مطرد في ظل إدارة بايدن، إذ أكد محللون أن تنفيذ العقوبات كان أقل فاعلية وأن إيران نجحت في الالتفاف عليها. وإيران معفاة من القيود التي تفرضها أوبك على الإنتاج.
وارتفعت صادرات إيران من الخام إلى أعلى مستوى لها منذ عدة سنوات عند 1.7 مليون برميل يوميا في الأشهر القليلة الماضية، وهو أعلى مستوى منذ 2018، مدفوعة بالطلب القوي من الصين.
وتقول بكين إنها لا تعترف بالعقوبات المفروضة على شركائها التجاريين. والمشتري الرئيسي للنفط الإيراني هو مصافي التكرير التابعة للقطاع الخاص في الصين، والتي لديها انكشاف مالي ضئيل على الولايات المتحدة.
وتمكنت إيران من الالتفاف على العقوبات لسنوات عبر نقل الشحنات من سفينة إلى أخرى وإخفاء مواقع الناقلات.
وتقول شركة أف.جي.إي للاستشارات أن إيران تكرر ما يعادل 2.6 مليون برميل يوميا من النفط والمكثفات وتصدر 2.6 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات ومنتجات التكرير.
ووفقا لشركة إف.جي.إي، تنتج إيران أيضا 34 مليار قدم مكعبة من الغاز يوميا، وهو ما يعادل 7 في المئة من الإنتاج العالمي. ويجري استهلاك الغاز بالكامل محليا.
وتتركز مرافق إنتاج النفط والغاز الإيرانية بشكل أساسي في الجنوب الغربي، إذ تقع مرافق النفط في إقليم خوزستان والغاز في إقليم بوشهر والمكثفات من حقل بارس الجنوبي العملاق. وتصدر إيران 90 في المئة من نفطها الخام عبر جزيرة خرج.
ويقول محللون إن السعودية ودولا أعضاء أخرى في أوبك يمكنها تعويض انخفاض الإمدادات الإيرانية باستغلال الطاقة الإنتاجية الفائضة لضخ المزيد من الخام. ومع ذلك، فإن تطبيع العلاقات بين طهران والرياض يشير إلى أن السعودية قد تكون أقل استعدادا للقيام بذلك.