المركبات الحديثة تتزاحم لتبني أنظمة التشغيل المتقدمة

فرض صعود المركبات الكهربائية والقيادة الذاتية والمتصلة تحولا في تصنيع السيارات، حيث يبرز الاندفاع إلى الابتكار في أنظمة تشغيل الإدارة الفعّالة لأنظمة نقل الحركة والبطاريات، والتكامل السلس لأنظمة القيادة الذاتية مع نظام تشغيل المركبة، والدعم الآمن والموثوق به لميزات وخدمات السيارات المتصلة.
لندن- تعمل شركات السيارات العالمية على مواصلة تطوير أنظمة التشغيل المختلفة، والتي باتت عنصرا أساسيا في الطرز الحديثة، لاسيما مـــع ما تفرضه التقنيات المتقدمة لجعل المركبات أكثر انسجاما مع العصر، وأيضا لتكون أكثر انسيابية وأمانا وراحة.
وعندما أطلقت شركة نيو سيارتها إي.تي 5 على الطرقات لأول مرة قبل عامين، كانت تتمتع ببعض المزايا الخاصة بعيدا عن رتابة السيارات المتعددة الأغراض (أس.يو.في) للموديلات المنافسة، ولكن السيارة الصينية الأنيقة لم تكن تشبه أداء موديلات الصالون في بعض الأحيان.
وفي حالة تفعيل مساعد الحفاظ على المسار تتأرجح السيارة بين الحدود اليمنى واليسرى لحارة السير، وكان يصدر عنها صوت تنبيه هيستيري يزعج الركاب كثيرا مع أقل تغيير في المسار، ولكن بعد مرور أقل من عامين تظهر السيارة بشخصية واثقة في منتصف حارة السير المحددة.

وعند المناورة بالسيارة لن تصبح رسائل التنبيه المفرطة، التي تصدر باستمرار، مزعجة للسائق. وهنا يتعين عليه الإعجاب بمجهودات رفيق الطريق “نومي” في لوحة القيادة، ومدحه بعبارات مثل: “مرحبا نومي، التحديث الأخير يجعل إي.تي 5 رائعة حقا.”
وبحسب خبراء في مجلة “أوتو غازيته” الألمانية، يرجع التحسن، الذي شهدته السيارة، إلى الاتصال الدائم بسحابة المبرمجين، والتي تصل إليها تعليقات أصحاب السيارات من أول مركبة تم بيعها، ما أدى إلى إجراء تحسينات مستمرة بشكل عميق على نظام التشغيل.
وأوضحت نيو أن الإصدار الحالي من نظام التشغيل بانيان يتضمن أكثر من 50 تحديثا، الأمر الذي يواكب احتياجات المستخدمين.
وبفضل هذه التحديثات أصبح نظام التحكم الصوتي يفهم السائق بصورة أفضل، كما يقوم نظام المعلومات والترفيه بعرض مقاطع الفيديو من عروض ديزني أو تقوم كشافات ماتريكس بحجب الضوء العالي بشكل أكثر دقة لعدم تعرض حركة المرور القادمة في الاتجاه المقابل للإبهار.
وهناك الكثير من الشركات العالمية تعد المستخدمين وزبائنها بمثل هذه التحسينات، حتى بدون الحاجة إلى زيارة الورش الفنية أو مراكز الصيانة.
ويتم نقل هذه الوظائف الجديدة إلى السيارات عن طريق وظيفة التحديث عبر الأثير “أوفر ذا أير” عن طريق الخدمات السحابية التابعة لشركات السيارات، والتي تكون مؤمنة بشدة.
واقتصرت معظم الشركات على التحسينات في وظائف الراحة أو المعلومات والترفيه أو الملاحة أو في واجهات المستخدم.
ولكن بالمقابل يمكن لبعض الشركات الأخرى الوصول إلى نظام التحكم في المحرك أو إدارة مجموعة نقل الحركة أو أنظمة مساعدة السائق أو خصائص السلامة أو إدارة البطارية.
ولا يتحقق ذلك إلا عندما تترابط البرمجيات والمستشعرات وأجهزة التحكم بعمق مع بعضها البعض على أساس “العقل السوبر المركزي”، وتقترب عمليات التطوير من الوصول إلى “السيارة المحددة بالبرمجيات”.
ويمثل نظام تشغيل سيارات تسلا أو.أس النموذج بالنسبة لقطاع صناعة السيارات، ولكن يرجع الفضل في ذلك إلى الشركات العملاقة المتخصصة في إنتاج الهواتف الذكية مثل سامسونغ وشاومي.

◄ نظام تسلا أو.أس النموذج بالنسبة للقطاع، ويرجع الفضل في ذلك إلى شركات الهواتف الذكية مثل سامسونغ وشاومي
وأثبتت مثل هذه الشركات التكنولوجية أنه يمكن تحسين وظائف الأجهزة دون الحاجة إلى تفكيكها بشكل باهظ التكلفة، ويمثل نظام لينوكس المجاني الأساس لكل هذه التطورات.
ولا يزال هذا النظام، الذي يمثل أساس أنظمة التشغيل للسيارات، متوفرا بشكل مجاني؛ حيث قام المبرمجون المستقلون بتطويره كبديل مجاني لنظام تشغيل مايكروسوفت.
ولكن من هذا البرنامج المجاني تم تطوير نظام تشغيل غوغل أندرويد، والذي يعمل حاليا على أكثر من 90 في المئة من الهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم، ويتم الاعتماد عليه أيضا كنظام تشغيل أندرويد أوتوموتيف في موديلات رينو أو أم.جي أو بوليستار.
وتحاول شركات السيارات، مثل تسلا ونيو وبي.واي.دي، تطوير أنظمة تشغيل خاصة بها اعتمادا على قاعدة لينوكس والحفاظ عليها وحماية ضد هجمات القراصنة، لأنهم يريدون كسب المزيد من الأموال نظير الأعمال الإضافية.
وبعض الترقيات ليست مجانية، حيث تطلب شركات أودي وبي.أم.دبليو نفقات إضافية عند طلب تجهيز سياراتهم الحديثة لاسلكيا بكشافات أفضل أو تدفئة مقود.
وتسعى الكثير من شركات إلى طلب رسوم مقابل الوصول إلى أحدث إصدار من نظام التشغيل، والذي بدونه لا يمكن الحفاظ على نظام الملاحة في أحدث وضع له، أو الاحتفاظ بالتطبيقات الشائعة على الشاشة اللمسية، على غرار ما يحدث في الهواتف الذكية القديمة، التي لم يعد يتم تزويدها بقاعدة البرمجيات الحالية.
ويساعد نظام التشغيل الخاص بشركة السيارات على تحقيق مكاسب إضافية، حيث تكسب شركتا أبل وغوغل أموالا مع كل عملية تنزيل من متجر التطبيقات الخاص بها.
وتظل هذه المصادر بعيدة عن الشركات الأخرى، التي ليس لها نظام تشغيل خاص بها، فإذا رغب المرء في استعمال تطبيق سبوتفاي في سيارة رينو فإنه يساعد شركة ألفابت المطورة لنظام أندرويد أوتوموتيف في جني الأموال إلى جانب الشركة المطورة للتطبيق.
وعند استعمال تطبيق يوتيوب على الشاشة اللمسية بسيارة بيجو عن طريق نظام أبل كار بلاي، فإن شركتي غوغل وأبل تكسبان المزيد من الأموال.
وإلى جانب المكاسب الإضافية، هناك سبب آخر يدعو شركات السيارات إلى استعمال أكبر عدد ممكن من البرامج والاعتماد على نظام تشغيل مركزي في سياراتها.
ويتمثل ذلك في أن المفهوم الشامل يتيح دورات ابتكار أسرع مع تطوير وظائف مرنة ومصممة لتلبية الاحتياجات عن طريق البرنامج المركزي.
الإصدار الحالي من نظام التشغيل بانيان يتضمن أكثر من 50 تحديثا، الأمر الذي يواكب احتياجات المستخدمين
ويمكن تطوير قاعدة نظام التشغيل بشكل مستمر دون الارتباط بموديل سيارة معين أو حتى جيلها، حيث وصلت شركة مايكروسوفت إلى الإصدار 11 من نظام التشغيل ويندوز، وأطلقت غوغل نظام أندرويد 15.
وترى شركة سوناتوس المتخصصة في برمجيات السيارات أن الصيانة المستمرة لنظام التشغيل تحد من التكاليف الإجمالية بصورة كبيرة.
ويقول مطورو الشركة إن الكابلات في هذه السيارات تمتاز بأنها أقل تعقيدا وأخف وزنا، وهو ما يساعد في خفض تكاليف الإنتاج وتقليل وزن السيارة وتسهيل عمليات الإصلاح والصيانة.