جهود ليبية مكثفة للحاق بطفرة مشاريع الطاقة المتجددة

هدف تنويع مزيج الكهرباء مرتبط بالإسراع في بناء محطات شمسية وأخرى للرياح.
الثلاثاء 2025/02/04
في الخلفية صحراء شاسعة لمشاريعكم، فاستغلوها

تبذل ليبيا جهودا لتنويع مزيج الكهرباء عبر خطط واعدة لتثبيت ركائز الطاقة البديلة، وجعله مزدهرا بالشراكة مع مستثمرين أجانب، خاصة وأن المجال لا يزال يسيطر عليه بطء، رغم الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها البلاد لإنجاز مشاريع لمحطات شمسية وأخرى للرياح.

لندن- مر قطاع الطاقة في ليبيا بسنوات مضطربة، بسبب التوترات السياسية والأمنية، والتحول الكبير في الاستثمار الأجنبي في قطاع الوقود الأحفوري، بينما يحاول المسؤولون بشق الأنفس اليوم لإنعاشه حتى ينهض من جديد، ويدر المكاسب المالية.

وفي حين تكافح صناعة النفط والغاز من أجل التعافي إلى مجدها السابق، هناك إمكانات كبيرة لتطوير قطاع الطاقة المتجددة في الدولة العضو في منظمة أوبك.

وتقول فيليسيتي برادستوك الكاتبة في منصة “أويل برايس” الأميركية أن تضاريس ليبيا الصحراوية الشاسعة تظهر إمكانات كبيرة لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وأظهرت الحكومة التزاما أكبر بإزالة الكربون والتحول الأخضر خلال السنوات الأخيرة، وهو “ما يمكن أن تساعد مستويات أعلى من الاستثمار الأجنبي ليبيا في تحقيقه،” بحسب برادستوك.

والدولة التي عانت من حرب طاحنة بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011 مقسمة بين حكومتين متنافستين، إحداهما في العاصمة طرابلس في الغرب والأخرى في الشرق.

فيليسيتي برادستوك: التزام الدولة بإزالة الكربون يساعد في جذب المستثمرين
فيليسيتي برادستوك: التزام الدولة بإزالة الكربون يساعد في جذب المستثمرين

ولطالما عُرفت البلاد بأنها قوة كبرى في هذا القطاع باعتبارها تملك أكبر احتياطي في أفريقيا بنحو 50 مليار برميل، وفق بيانات أوبك، حيث ضخت ما يقرب من 3.4 مليون برميل يوميا خلال فترة ذروة إنتاجها في السبعينيات.

ومع ذلك، ولأنه في قلب الصراع السياسي انخفض إنتاجها السنوي الخام بشكل كبير، إلى حوالي 32 في المئة من ذروتها، مما يضعها في المرتبة 18 في العالم من حيث الإنتاج.

وتهدف الحكومة الآن إلى إنتاج مليوني برميل يوميًا بحلول عام 2030، بعد أن فشلت في تحقيق هدفها الطموح المتمثل في 2.2 مليون برميل يوميا بحلول عام 2023. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عدة سنوات من الاضطرابات السياسية وسوء الإدارة.

ومنذ العام 2011، تنافست عدة مجموعات على السلطة السياسية. والآن، تسيطر الحكومة المكلفة من مجلس النواب، بقيادة أسامة حمّاد، والتي تدعمها مصر وروسيا والإمارات، على المناطق الشرقية والجنوبية الغربية، حيث تقع معظم حقول النفط الليبية.

وتسيطر حكومة حمّاد المدعومة من الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر على محطات رئيسية، مثل السدرة وراس لانوف، والتي تمثل 42 في المئة من قدرة ليبيا على تصدير النفط.

في المقابل، تتولى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة من العاصمة طرابلس، والتي تدعمها تركيا والعديد من القوى الغربية، وأيدتها الأمم المتحدة، إدارة منشأتين للتصدير، هما الزاوية ومليتة، وتساهمان بنحو 28 في المئة من صادرات ليبيا من النفط.

وقد قامت كلتا الحكومتين بفرض حصار أو إغلاق للإنتاج، مما أعاق إنتاج النفط وأثبط عزيمة القوى الأجنبية عن الاستثمار في صناعة الوقود الأحفوري في البلاد.

وقالت برادستوك “رغم الإمكانات النفطية الضخمة التي تتمتع بها ليبيا، إلا أن الصراع السياسي المستمر والافتقار إلى الاهتمام من جانب المستثمرين الأجانب كشفا عن الحاجة إلى تنويع مزيج الطاقة في البلاد.”

ويواصل النفط المساهمة بنحو 98 في المئة من عائدات الحكومة و60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يدل على أن ليبيا تعتمد بشكل مفرط على الوقود الأحفوري ويمكن أن تستفيد من تنويع اقتصادي أكبر. وبالإضافة إلى ذلك، ترى برادستوك أن تطوير قطاع قوي للطاقة المتجددة من شأنه أن يساعد البلد على ضمان أمنه من حيث الطاقة في المستقبل.

وفي عام 2013، أعلنت الحكومة الليبية عن خطتها الإستراتيجية للطاقة المتجددة التي تستمر حتى نهاية عام 2025، والتي تهدف إلى تحقيق مساهمة الطاقة المتجددة بنسبة 7 في المئة من مزيج الطاقة الكهربائية بحلول عام 2020 و10 في المئة بحلول عام 2025.

وركزت الخطة على تطوير قدرة الطاقة المتجددة بالبلاد، حيث نحو 88 في المئة من الأراضي صحراوية، مع إمكانات كبيرة لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية.

22

في المئة من مزيج الكهرباء تستهدف ليبيا إنتاجها من المصادر البديلة بحلول 2030

وتهدف ليبيا العضو بالمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة منذ 2008، لتوليد 22 في المئة من الكهرباء عن طريق الطاقة المستدامة بحلول عام 2030، ولديها طموحات لزيادة الإنتاج بحلول منتصف العقد المقبل. وحاليا، تعمل شركة البناء باور تشاينا مع شركة المرافق الفرنسية إي.دي.أف لتطوير محطة للطاقة الشمسية بقدرة 1500 ميغاواط في شرق البلاد.

وفي الوقت نفسه، تقوم شركة توتال إنيرجيز الفرنسية ببناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 500 ميغاواط في السدادة. وبالإضافة إلى ذلك، تقوم الشركة العامة للكهرباء الليبية (جيكول) وأي.جي إنيرجي ببناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 200 ميغاواط في غدامس. كما تعمل جيكول مع شركة ألفا أبوظبي هولدينغ لتطوير محطتين أخريين للطاقة الشمسية، بقدرة إجمالية تبلغ إثنين غيغاواط.

وفي يناير الماضي، وقعت الحكومة الليبية مذكرة تفاهم مع تركيا للتعاون في مجال الطاقة المتجددة. وصرح عبدالسلام الأنصاري، رئيس هيئة الطاقة المتجددة في ليبيا، “نحن نتعاون مع شركات تركية مختلفة في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة.”

وأضاف “لقد بدأنا برنامجًا لبناء القدرات لتدريب شعبنا مع شركة تركية في مجال الموارد البشرية والطاقة المتجددة والطاقة المتجددة التقنية وتوصيل الكهرباء والتميز في الأداء وقطاعات التعاون الأخرى.” وفي الوقت نفسه، أكد أسامة الدرة، مستشار رئيس الوزراء الليبي لشؤون الكهرباء والطاقة المتجددة، أن بلاده تقيم إمكانية ربط شبكة الكهرباء الخاصة بها بالدول المجاورة.

وقال “يتم تشكيل لجنة لتعزيز الربط الكهربائي عبر الحدود. لقد وقعنا اتفاقيات مع العديد من دول جنوب أوروبا والبحر المتوسط.” وأوضح الدرة أنه “بالنسبة لتركيا، فنحن نعتقد أنه يمكن تسهيل الاتصال من خلال دولة مجاورة، مما يتيح نقل الطاقة بين ليبيا وتركيا.”

وتعتقد برادستوك أن الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها ليبيا في مجال الطاقة المتجددة قد تساعد في جذب المزيد من الاهتمام من جانب شركات الطاقة الدولية التي تتطلع إلى الاستثمار في المنطقة.

وكانت شركة إيني الإيطالية قد أبرمت في عام 2023 مذكرة تفاهم مع ليبيا لتحديد الفرص المتاحة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وتطوير قدرة البلاد على إنتاج الطاقة المتجددة، لدعم أهداف الحكومة في مجال إزالة الكربون والتحول الأخضر.

ومع إظهار الحكومة اهتماما أكبر بتطوير قطاع الطاقة الخضراء، فإن المستويات الأعلى من الاستثمار الأجنبي قد تساعد ليبيا في تسريع توسع قطاع الطاقة المتجددة لديها، مما يساهم في تنويع الاقتصاد وأمن الطاقة على المدى الطويل.

10