مقترح أفريقي لطرح عملة مدعومة بالمعادن الأساسية

أبيدجان – اقترح بنك التنمية الأفريقي ترتيب إطلاق عملة جديدة على غرار “معيار الذهب” مدعومة بمعادن أساسية مثل الكوبالت والنحاس والليثيوم والمنجنيز وبعض المعادن النادرة التي تعد مفتاحا للتحول العالمي في مجال الطاقة والمركبات الكهربائية.
وتجتذب القارة، التي تضم 54 بلدا، 3 في المئة فقط من استثمارات الطاقة العالمية سنويا، واثنين في المئة فقط، أو ما يعادل 40 مليار دولار، من الاستثمارات الخضراء العالمية العام الماضي.
وتمتلك أفريقيا حوالي 30 في المئة من الاحتياطيات المعدنية في العالم، مثل النحاس والكوبالت والنيكل والليثيوم، ويُعَتبر العديد منها ضروريا للتقنيات المتقدمة ومنخفضة الكربون.
وقال البنك في تقرير حديث نشر قبل أيام إن “هذا يرجع جزئيا إلى تقلب أسواق العملات في القارة”، ويرى أهمية لاعتماد عملة جديدة “غير متداولة” تسمى وحدات الحساب الأفريقية (أي.يو.أي) والتي ستدعمها احتياطيات المعادن الأساسية.
وتحتاج أفريقيا ذاتها إلى مضاعفة استثماراتها في الطاقة النظيفة إلى متوسط 200 مليار دولار سنويا لخفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز إنتاج الكهرباء الحيوي.
وبموجب خطة البنك، ستجمع البلدان مبلغا متفقا عليه مسبقا من احتياطياتها المعدنية الحرجة المؤكدة، ومن ثم يمكن تحويل العملات المحلية بسعر متفق عليه.
وقال إن “الفكرة تستعير من معيار الذهب الذي رسخ استقرار العملة العالمية”، دون إعطاء جدول زمني لتقديم العملة.
وطرح بنك التنمية الأفريقي الذي يتخذ من أبيدجان مقرا له الفكرة لأول مرة في العام الماضي، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يضع فيها التفاصيل.
وأوضح أن الفكرة تبنى على ربط الفرنك الأفريقي باليورو في البلدان الناطقة بالفرنسية، والذي تدعمه تعهدات باحتياطيات خارجية، مشيرا إلى أن سلة من السلع الأساسية ستحافظ على قيمتها “أفضل من أي عملة أفريقية”.
وكانت هناك تحركات من جانب بلدان الأسواق الناشئة لإيجاد سبل للتنقل عبر المخاطر التي يفرضها اعتمادها على الدولار في التجارة والمعاملات الأخرى.
هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس بفرض تعريفات جمركية بنسبة 100 في المئة على دول مجموعة البريكس إذا تحركت لاستبدال الدولار كعملة احتياطية لها.
وزعم بنك التنمية الأفريقي أن العملة الجديدة يمكن أن تساعد الحكومات في جذب الأموال الدولية إلى مشاريع الطاقة الخضراء لأنها “ستخفف من مخاطر العملة وقابلية التحويل”.
وسوف يتم دفع العائدات الناتجة عن بيع الكهرباء بالعملات المحلية إلى وكيل تسوية معين، والذي سيبيع بعد ذلك الكمية المعادلة من المعادن لتوليد الدولارات لسداد أي مقرضين لمشاريع تطوير الطاقة.
وتعهد رؤساء الدول والحكومات الأفارقة خلال مؤتمر للطاقة احتضنته تنزانيا أواخر يناير بالقيام بإصلاحات وإجراءات ملموسة لزيادة توفير إمدادات الكهرباء الموثوقة والمستدامة لدفع عجلة النمو الاقتصادي، وتحسين جودة الحياة، وتوفير فرص العمل في القارة.
وجاء إعلان دار السلام بشأن الطاقة، الذي تمت المصادقة عليه في مؤتمر قمة “مبادرة المهمة 300 للطاقة في أفريقيا”، بمثابة علامة فارقة في معالجة فجوة الطاقة في القارة، حيث يعيش حاليا أكثر من 600 مليون شخص بدون كهرباء.
70
في المئة من احتياطات الكوبالت في العالم تنتجها الكونغو الديمقراطية وبحصة تبلغ 41 في المئة مع إنتاج نحو 95 ألف طن سنويا
وتشكل الالتزامات الواردة في الإعلان جزءا بالغ الأهمية من “مبادرة المهمة 300” التي تدعم تضافر جهود الحكومات وبنوك التنمية والشركاء والمؤسسات الخيرية والقطاع الخاص لتوصيل الكهرباء إلى 300 مليون أفريقي بحلول عام 2030.
وعلى هامش هذه القمة، تعهد الشركاء في مبادرة بتقديم أكثر من 50 مليار دولار دعما لزيادة توفير الطاقة في أفريقيا. وسيتم طرح هذا الإعلان في مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي المزمع عقده هذا الشهر لاعتماده.
وفي السنوات الأخيرة برزت الكونغو الديمقراطية كأحد أهم اللاعبين، فهي تنتج ما يقدر بنحو 70 في المئة من احتياطات الكوبالت في العالم وبحصة تبلغ 41 في المئة مع إنتاج نحو 95 ألف طن سنويا، ولطالما وصفتها حكومتها بأنها “منظمة أوبك للكوبالت”.
ويحظى الكوبالت باهتمام كبير بعدما أعلن عملاق تصنيع السيارات الألمانية بي.أم.دبليو في 2021 أنه سيشتري هذا المعدن مباشرة من المناجم في المغرب، الذي يعد تاسع منتج لهذا المعدن على مستوى العالم.
وهناك كميات متزايدة من النحاس والكوبالت تصل قيمتها إلى 1.5 مليار دولار تقريبا، عالقة في الكونغو الديمقراطية، وسط نزاع دائر حول مستقبل أحد أكبر مناجم التعدين التي تخدم صناعة البطاريات على مستوى العالم.
وهذه الكميات الهائلة من المعدنين، تمتلكها شركة كموك غروب الصينية، التي تخوض منذ مطلع 2023 نزاعا مع شريكتها الكونغولية المملوكة للحكومة، حول مدفوعات حقوق الامتياز في المنجم.