نوري المالكي يحذر من نزاعات طائفية لإسقاط النظام في العراق

زعيم ائتلاف دولة القانون يتحدث عن استنجاد شيعة سوريا بالعراق ومحاولات من وصفهم بالطائفيين للالتفاف على العملية السياسية في البلاد.
السبت 2025/02/01
عبارات محشدة حول الفتنة الكبرى في سوريا

بغداد - تتصاعد المخاوف في العراق من احتمالات نشوب نزاعات وصدامات ذات صبغة طائفية في البلاد على غرار ما حدث عام 2006، وذلك بعد تولي أحمد الشرع سدة الحكم في سوريا عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد، وتباين آراء القوى السياسية في العراق من التغيير السوري.

وفي هذا الإطار، حذر زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، اليوم السبت، بعبارات محشدة حول "الفتنة الكبرى" في سوريا، مشيرا إلى محاولات للالتفاف على العملية السياسية في العراق، فيما أكد أن الفتنة إذا وقعت ستكون لها عواقب وخيمة.

وكانت الجامعة القومية للدفاع في الولايات المتحدة قد حذرت من انزلاق العراق الى حافة الحرب الأهلية بسبب ما وصفته بالتقلبات السياسية وأعمال العنف المتواصلة.

وقال المالكي، في كلمة خلال المؤتمر التأسيسي لمجلس عشائر كربلاء إنه "يجب الحذر من بقايا تنظيم داعش وحزب البعث المنحل"، مؤكدا أن "هؤلاء يشكلون أدوات للفتنة التي تهدد منجزات الشعب العراقي بعد التخلص من حقبة الدكتاتورية".

وأضاف المالكي أن "هناك ضغوطا تمارس لغرض إلغاء هيئة المساءلة والعدالة والسماح بخروج الإرهابيين من السجون"، مؤكدا أن "ائتلافه لن يسمح بذلك".

والشهر الماضي، أقر البرلمان العراقي قانونا للعفو العام يمكن أن يؤدي إلى إطلاق سراح آلاف السجناء بمن فيهم عراقيون أدينوا بشن هجمات على جنود أميركيين وأشخاص قاتلوا في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.

وتظهر نسخة من القانون أن من ثبتت إدانتهم بالإرهاب الذي أدى إلى القتل أو الإعاقة، والقتل الخطأ، وتخريب المؤسسات الحكومية، والتجنيد لصالح منظمات إرهابية أو الانضمام إليها، يمكنهم طلب إعادة المحاكمة إذا ذكروا أن الاعتراف انتزع منهم تحت الإكراه.

وأكدت مصادر قضائية ونواب أن المدانين بتنفيذ هجمات ضد القوات الأميركية في العراق يمكن أن يستفيدوا من القانون.

وأكدت مصادر قضائية ونواب أن المدانين بتنفيذ هجمات ضد القوات الأميركية في العراق يمكن أن يستفيدوا من القانون.

وضغطت كتل سُنية في البرلمان العراقي من أجل إقرار هذا القانون، إذ إن العديد من المسجونين بمثل هذه التهم هم من السنة، وأدين معظمهم بالانتماء إلى تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وتنفيذ هجمات ضد القوات العراقية والمدنيين، معظمها بين عامي 2004 و2018. ويقدر نواب سنة أن ما لا يقل عن 30 ألف سجين سني ستتاح لهم فرصة إعادة المحاكمة.

وتقول مصادر قضائية إن نحو 700 عضو من فصائل مسلحة شيعية يقبعون في السجن أيضا بتهمة الإرهاب، بعد أن ألقت القوات الأميركية القبض عليهم بين عامي 2004 و2008 بتهمة شن هجمات على جنود أميركيين.

وشدد المالكي على ضرورة "الوقوف في وجه من يحاولون تكرار التجربة السورية في العراق"، مشيراً إلى أن "العراق بلد مستقر وديمقراطي، رغم وجود بعض الثغرات والاختراقات التي يجب الانتباه إليها".

وأكد أن من وصفهم بـ"الطائفيين والبعثيين" بدأوا يتحركون في غفلة من الأجهزة الأمنية، لكنه أضاف "ما دمنا موجودين والسلاح بيدنا، فسيندمون".

وحول سوريا، أشار المالكي إلى أنه "تم استهداف أتباع أهل البيت ويوميا نشاهد مقاطع فيديو عن مجازر تطالهم"، مبينا أن "الاخوان في سوريا يبعثون فيديوهات يستنجدون أين شيعة العراق والحشد الشعبي وإيران وأين العشائر؟".

وأضاف أنهم "لم يسفكوا الدماء فحسب بل اعتدوا حتى على الاعراض"، متسائلا: "أليست هذه فتنة كبرى ان لم نقف امامها ستعم هذه الفتنة حتى العراق".

وحثّ محمد الحسان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، الجمعة، العراقيين على المشاركة في الانتخابات المقبلة واختيار قيادات جدد للبلاد "بعيداً عن المسميات الطائفية".

وتدرس حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إرسال وزير الخارجية فؤاد حسين في زيارة رسمية إلى سوريا، في خطوة مكملة لسياسة الانفتاح على الدول الإقليمية، لاسيما بعد تولي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الرئاسة في سوريا.

وترأس قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، في 29 يناير الجاري، بقصر الشعب في دمشق اجتماعا موسعا للفصائل العسكرية والثورية، تقرر فيه أن يتولى الشرع رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية وإلغاء العمل بدستور سنة 2012، فضلا عن حل حزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس الشعب والجيش والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الرئيس بشار الأسد.

وتباينت المواقف السياسية حول تولي الشرع سدة الحكم في سوريا، إذ تبارى الزعماء السنة في العراق على إعلان التأييد والفرح بالمتغير السوري، على عكس القوى الشيعية تماما التي أبدت تحفظا، بل وأسفا على ما حدث في سوريا، إذ يرون في السقوط المفاجئ لحليفهم خسارة إستراتيجية تعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة، بما لا يخدم مصالحهم.

وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في 26 يناير الماضي، زيارة سريعة إلى العاصمة بغداد وأربيل هي الثانية له إلى البلاد منذ توليه منصبه في حزيران يونيو 2023، حيث تركزت على الأحداث في سوريا.

وشكلت الأوضاع والتطورات التي تشهدها سوريا واستمرار مكافحة تنظيم داعش، أبرز الملفات التي بحثها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال لقائه في بغداد، في 26 يناير الجاري، مع كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي.

وكان مدير جهاز المخابرات حميد الشطري الذي تولّى قيادة جهاز المخابرات، قد ترأس في 26 ديسمبر الماضي، وفدًا عراقيا أمنيا إلى سوريا، حيثُ التقى الشرع في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، وبحث معه جملة ملفات مشتركة.

وأثار وجود مسدس تحت سترة البدلة الرسمية التي كان يرتديها قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، الملقب بـ"أبومحمد الجولاني"، أول وفد عراقي بدمشق بعد سقوط نظام الأسد، ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتباينت آراء المدونين، ما بين من وصف الأمر بالطبيعي كونه قائد عسكري، وما بين من ربطه بالمخاوف من الوفد العراقي القادم.

وتشهد الساحة العراقية حالة من الجدل والنقاش حول كيفية التعامل مع الوضع الجديد في سوريا، خاصة في ظل الموقف الإيراني الذي بدا ناقما على هذا التغيير، مع إطلاق مسؤولين إيرانيين تصريحات مناهضة للتحولات السياسية هناك.

وجاءت زيارة الشطري للتأكيد على موقف العراق الثابت بعدم التدخل بالشؤون الداخلية السورية، والتأكيد بأن الحكومة العراقية لن تسمح للفصائل المسلحة العراقية بأي تدخل مستقبلا في سوريا، مقابل عدم تحرك الجماعات المسلحة نحو العراق وضبط الحدود بشكل جيد من داخل العمق السوري، بحسب مصادر مطلعة.

وأعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في 22 ديسمبر الماضي، أن حكومته بادرت بإجراء اتصالات وزيارات مع الدول الشقيقة، وأطلقت مبادرة لإرساء الأمن في سوريا، وقدمت ورقة عراقية في مؤتمر العقبة بالأردن بشأن سوريا، وحظيت بترحيب جميع الأشقاء.

ورغم تصريح السوداني إلا أن المسؤولين الحكوميين، سواء في وزارة الخارجية، أو على مستوى الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء، لم يتحدثوا عن طبيعة تلك المبادرة، واقتصروا على التصريحات العمومية، وكذلك الأمر مع ما ورد في ورقة العقبة، وهو ما يؤكد طبيعة الحذر الذي تمارسه بغداد حيال الحدث السوري.

ومع سقوط النظام السوري والتوجه نحو تشكيل حكومة بديلة، يواجه العراق تحديا إستراتيجيا يتمثل في الحفاظ على مصالحه الوطنية وبناء علاقات إيجابية مع القيادة السورية الجديدة، بشكل يخدم استقرار المنطقة ورفاهية شعوبها.

ويسعى السوداني إلى إبعاد الساحة العراقية عن أن تصبح ساحة لتصفية الحسابات، بالإضافة إلى محاولاته لموازنة الوضع الجديد في سوريا، والانخراط العراقي في الجهود الدبلوماسية العربية والدولية. كما يسعى إلى إبعاد إيران، التي تمتلك أذرعاً قوية في العراق، عن الشأن السوري، بحسب مختصين.

ويخشى العراق من عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.

وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري بقيادة نظام الأسد أمام المجاميع المسلحة لغاية ان تمكنت من إسقاط النظام في 8 ديسمبر الماضي.