الفنون والتراث جواز سفر السعودية لتحقيق التنمية والتعريف بثقافاتها

الرياض - تساؤلات هامة وعديدة يطرحها الكاتب يوسف الحربي في إصداره الثالث الذي سيبصر النور قريبا بعنوان “السياحة الثقافية.. عندما تصبح الفنون جواز السفر”، ويضيء في كتابه على الترابط الوثيق بين السياحة والثقافة من أجل تقديم منتج ثقافي وفني ذي خصوصية جمالية.
وحيث أن التنوع الثقافي والفني الزاخر والثري في المملكة العربية السعودية مرتكز على معرفة وثيقة قادرة على الترويج للسياحة السعودية بشكل كثيف متعدد التخصصات، فإنه يستقطب كل المهتمين وله دوافع تعريفية ومعرفية بكل ما تزخر به المملكة من تاريخ في أعماق الماضي وأصالة الحاضر وجذور الموروث الشعبي الذي يخوض في رحلة تاريخ تطور القطاعين ودوافع التطوير على المستوى المعنوي.
وبات الكثير من السياح يفضلون الإقامة المتواضعة والاختلاط بالسكان المحليين والعيش معهم لاكتشاف ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم وتدوينها في كتب أو التقاط الصور ونشرها، وهو ما يمثل فرصة هامة للتعريف بالتراث الثقافي لكل بلد.
ويتوفر لدى المملكة العربية السعودية ما يقرب من 150 موقعًا أثريًا وتراثيًا وتاريخيًا، ناهيك عن تلك المناطق السعودية التي تضيفها اليونسكو إلى قائمة التراث العالمي يومًا تلو آخر، وهو ما يجعلها معدة لتكون من أبرز وجهات السياحة الثقافية في العالم، ويهيئ هذه السياحة لتكون رافدا هاما للصناعات الثقافية وتأكيدا على أهمية القوة الناعمة.
وتعمل السعودية على دعم السياحة الثقافية، حيث تم تأسيس ودعم عدد من المهرجانات الثقافية والتاريخية، مثل سوق عكاظ أحد أبرز أسواق العرب. إضافة إلى مهرجان جدة التاريخية ومهرجان الصحراء في حائل، ومهرجان الصقور، والمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، والمهرجانات الفنية وغيرها من التظاهرات التي تستقطب العديد من محبي الثقافة والفنون.
كما طورت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية عددًا من الوجهات السياحية وبعض الأسواق التاريخية والقرى التراثية. وشهد توثيق الفولكلور الشعبي والمأكولات الشعبية اهتمامًا ملحوظًا من جهة التوثيق، ابتغاء ضمان استمراره، وحفاظًا على رأس المال الثقافي للمملكة.
وتجتذب المواقع التاريخية المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد زوارا مختلفين، إذ لم تعد القصور الأثرية والمواقع التاريخية في مختلف مناطق المملكة مواقع شاهدة على زمن مضى وتاريخ عريق يقصدها الباحثون والمهتمون فقط لأجل المتعة البصرية أو الدراسة العلمية، بل تحول العديد منها إلى مواقع جذب سياحي لجميع فئات المجتمع خلال العام الجاري.
ومنذ إعلان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عن إنشاء المملكة بإذن منه لهيئة عامة للترفيه، سجل مراقبون تغيرا واضحا في السياسة السعودية الموجهة للثقافة والتراث والفنون، الأمر الذي شجع عددا من المستثمرين المحليين على إعادة إثارة موضوع المواقع الأثرية السعودية والقرى المتميزة في خطوة لتحفيز الإنفاق الداخلي وتشجيع السياحة في إطار تغيير نمط اعتماد الاقتصاد على النفط فقط بل تنويع مداخيله.
وعن الدافع إلى إصدار الكتاب يوضح يوسف الحربي أن الارتباط الوثيق بين الثقافة والسياحة يُعتبر رؤية منهجية وتخطيطاً لبناء روح وعمق عمل يخدم المجالين، لأن السياحة لا تكون مفتوحة إلا بالتعمق الثقافي بكل معانيه المادية واللامادية وكل جمالياته، وبكل موروثه المعلن والمرئي والمحسوس والمتوارث، لذلك تبدأ السياحة في العمل إذا اطّلعت على الثقافة تاريخا وانتماء وهويّة وماضيا وحاضرا، فالعمل الاستشرافي للسياحة يبدأ من التركيز على الملامح التي تتميّز بها كل دولة على مستوى الثقافة.
ويضيف الحربي أن المملكة أصبحت في واجهة السياحة الثقافية بفضل رؤيتها القائمة على التعريف بكل مجالاتها المتنوعة، وخصوصاً الثقافة والفنون، ومواقعها المميزة وتفاصيلها؛ فالعمل السياحي في المملكة كان منذ الماضي البعيد يحمل سمة ثقافية مبنية على الموروث الذي يميّز هذا الوطن.
ويركز الإصدار على الفنون كونها محركا للسياحة وبيئة جاذبة للإبداع والتأثير الاقتصادي للسياحة الثقافية والفنية، ويتطرق إلى دور التراث الثقافي والفنون الشعبية والحرف اليدوية والفنون الأدائية ومساهمتها في جذب السياحة التي تعتبر محركا للحفاظ على هذا التنوع، علاوة على تثمين الحربي للمهرجانات والفعاليات الدولية المساهمة والترويج للسياحة الثقافية وتعزيز التبادل الثقافي بين السياح والمجتمع، وكيفية بناء جسور بين الثقافات المختلفة.
يذكر أن يوسف الحربي أصدر قبل كتابه هذا عددا من الكتب الهامة نذكر منها “الفيديو آرت، التأثير والتأثر في التجربة الخليجية والعربية” بطبعتين 2018 و2021، وكتاب “حين يُباع الفن”، وهو مدير لجمعية الثقافة والفنون بالدمام، وكاتب في المجال الثقافي والفني، قدم العديد من الورش واللقاءات المختصة بهذا المجال، وحاصل على عدة تكريمات، وهو كاتب في صحف ومجلات محلية وخليجية.