مبادرة عراقية لزيادة مساهمة قطاع الصناعة في الاقتصاد

بغداد - يسعى العراق إلى ضخ المزيد من الدعم للقطاع الصناعي خلال المرحلة المقبلة من خلال توفير تمويلات إضافية من أجل إطلاق مشاريع جديدة أو تحفيز مشاريع قائمة وذلك بالتعاون مع القطاع المصرفي.
وكشف محافظ البنك المركزي علي العلاق الثلاثاء عن قرب إطلاق مبادرة لتمويل المشاريع الصناعية، فيما أشار إلى أن الاستقرار المالي لا يقل أهمية عن الاستقرارين السياسي والأمني.
وتعكف السلطات منذ أشهر على دراسة كيفية إعادة إحياء نشاط العشرات من المصانع بكامل محافظات البلاد في قطاعات مختلفة مثل الإسمنت والأدوية والحديد والنسيج وغيرها، والتي لا يمارس معظمها أي نشاط منذ سنوات طويلة.
وترى بغداد أن الحل الأنسب اليوم لتجاوز هذه العقبة المزمنة بالنظر إلى عدم توفر الموارد اللازمة لتنفيذ الخطة هو جذب المستثمرين وعقد شراكات جديدة، وذلك من خلال الانفتاح على جميع الدول والبلدان العربية والإقليمية والأجنبية.
وقال العلاق، في جلسة حوارية خلال مؤتمر العراق للطاقة الذي تحتضنه العاصمة بغداد، إن “المبادرات التي يقوم بها البنك المركزي تمثل أدوات لتحريك عجلة التنمية وتعزيز التحفيز الاقتصادي، وهي سياسات غير تقليدية تهدف إلى دعم الاقتصاد الكلي.”
وأكد أن مجلس الوزراء وافق على تعزيز التعاون بين البنوك الحكومية ذات الفائض المالي لتمويل المشاريع الصناعية من خلال المصرف الصناعي، باعتباره الجهة المختصة في هذا المجال، مؤكدا “قرب إطلاق هذه المبادرة الكبرى.”
وأضاف أن “البنك المركزي يُعتبر من المؤسسات المصرفية العالمية التي تتبنى سياسات نقدية غير تقليدية،” مشيرًا إلى أن حجم التراكمات في جوانب التخلف بالبنى التحتية يعد تحدياً كبيراً.
ويدرك صناع القرار النقدي والمالي أن البنك المركزي معني بتحقيق الاستقرار الاقتصادي، خاصة أن عوامل الطاقة ترتبط مباشرة بالوضع الاقتصادي من خلال دعم المصانع والشركات وغيرها.
وأشار العلاق إلى أن المركزي يتدخل في دعم وتمويل مختلف المشاريع، بما فيها مشاريع الطاقة المتجددة، سواء عبر دعم مباشر أو غير مباشر. وقال “الاستقرار النقدي والمالي مهم ولا يقل أهمية عن الاستقراريْن السياسي والأمني.”
وكان البنك قد أطلق في السابق مبادرات متعددة لتمويل العقارات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث تم منذ عام 2016 حتى الآن تمويل مشاريع بقيمة 13 تريليون دينار (9.9 مليار دولار).
ويقول المسؤولون إن ذلك أسهم في ديمومة عجلة الاقتصاد المدمن على إيرادات النفط، فضلا عن تخصيص البنك المركزي تريليون دينار (761 مليون دولار) لتشجيع المواطنين والشركات على شراء وحدات الطاقة الشمسية.
مساهمة قطاع الصناعة التي كانت تنافس أفضل المنتجات العالمية تراجعت إلى اثنين في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي
وترتبط معظم الأنشطة الصناعية المحلية في الوقت الحالي بصناعة النفط، حيث إن عمليات تكرير الخام وصناعة الأسمدة والصناعات الكيميائية تعتبر من الصناعات الرئيسية في البلاد.
وتشكل إيرادات النفط والغاز قرابة 89 في المئة من الاقتصاد العراقي، بينما تقدر هذه النسبة 72 في المئة في ليبيا والبحرين و69 في المئة في السعودية و67 في المئة في الكويت و52 في المئة في الإمارات.
وتشير التقديرات إلى أن مساهمة قطاع الصناعة التي كانت تنافس أفضل المنتجات العالمية تراجعت إلى اثنين في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت تبلغ حوالي 10 في المئة قبل الغزو الأميركي في 2003، رغم وطأة الحصار الدولي في ذلك الحين.
وساهمت عوامل كثيرة في تدهور الصناعة أبرزها تولي مناصب المسؤولية من قبل شخصيات غير كفؤة، بسبب المحاصصة الطائفية وتشجيع الطبقات السياسية على الاعتماد على الاستيراد لتمرير صفقات الفساد.
كما عمقت سياسة إغراق السوق بالسلع الأجنبية أزمات الإنتاج المحلي وازدهار عمليات غسيل الأموال وتهريبها واستنزاف العملة الصعبة.
وتسببت تلك الحالة في سقوط البلاد في أزمة اقتصادية خانقة بعد انحدار أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 قبل أن تعاود الصعود فوق حاجز المئة دولار بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية.
وبحسب العلاق هناك ترتيبات جارية لتمويل المشاريع الصناعية بالتنسيق مع المصرف العراقي للتجارة والمصرف الصناعي.
وقال إن “السيولة المتوفرة لدى المصرف العراقي للتجارة ستُستغل لدعم هذه المشاريع، إلى جانب أموال المصرف الصناعي، بهدف إطلاق مبادرة كبيرة لتمويل المشاريع الصناعية، والتي من المتوقع أن ترى النور قريبًا.”