هجوم دعائي إخواني على وزير الخارجية اليمني بسبب تمسّكه بالسلام مع الحوثيين

دعوة الإخوان للتصعيد ضد الحوثيين موجهة إلى غيرهم للقتال نيابة عنهم كما حدث في المواجهات السابقة ضد الجماعة.
الثلاثاء 2025/01/28
انتقادات الإخوان لم تستثن الدور العماني بحد ذاته

مأرب (اليمن)- يحفل خطاب فرع تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن خلال الفترة الحالية بالدعوات للتصعيد العسكري ضدّ الحوثيين وصولا إلى التبشير بقرب انتزاع العاصمة صنعاء من أيديهم بقوّة السلاح، وذلك في ظاهرة تشكّك دوائر يمنية في دوافعها وتعتبرها جزءا من الدعاية التي دأب الإخوان، ممثلين بفرعهم المحلّي حزب التجمّع اليمني للإصلاح، على ممارستها وتقوم على تقديم أنفسهم كمتزعمين للمعسكر المضاد للحوثيين، فيما هم لم يشاركوا عمليا في التصدّي لهم وأخلوا مواقعهم أمام زحفهم على مناطق شمال البلاد وخصوصا في محافظة عمران شمالي صنعاء، وعقدوا معهم صفقات سرية ولم ينقطعوا عن التواصل والتنسيق معهم بعيدا عن الأضواء.

ونشطت خلال الفترة الأخيرة الآلة الإعلامية والدعائية الإخوانية في اليمن مبشرة بعاصفة أميركية شديدة وشيكة الهبوب على الحوثيين لاقتلاعهم من مناطق سيطرتهم، وذلك باستغلال صعود الرئيس دونالد ترامب مجدّدا إلى السلطة في بلاده ومبادرته بإعادة تصنيف جماعة الحوثي على لوائح الإرهاب الدولي.

وجاءت تصريحات أدلى بها وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني وعبّر فيها عن الموقف الرسمي للسلطة الشرعية اليمنية بشأن دعمها لخيار السلام في اليمن مخالفة لموجة التصعيد الإخواني الصوري ما جعله عرضة لحملة انتقادات طفحت بها وسائل إعلام تابعة لحزب الإصلاح.

وتدعم المملكة العربية السعودية خيار الحل السلمي في اليمن سعيا لتجنّب المزيد من التصعيد في محيطها، في وقت تنصب فيه اهتماماتها على تنفيذ برنامجها الإصلاحي والتنموي بالغ الطموح. وبذلت لأجل ذلك جهودا كبيرة لجلب الحوثيين إلى طاولة الحوار وتعاونت مع الأمم المتحدة لإيجاد خارطة طريق تقوم على جعل المعطيات الاقتصادية والإنسانية مدخلا للسلام المنشود.

لا تستطيع الشرعية اليمنية، المدينة للمملكة بتشكيلها واحتضانها وتقديم المساعدات المالية المجزية لها، الخروج عن الخط السلمي للرياض رغم ما تتعرّض له من ضغوط من داخل مكوّناتها غير المتجانسة

ولا تستطيع الشرعية اليمنية، المدينة للمملكة بتشكيلها واحتضانها وتقديم المساعدات المالية المجزية لها، الخروج عن الخط السلمي للرياض رغم ما تتعرّض له من ضغوط من داخل مكوّناتها غير المتجانسة.

وقال الزنداني في مقابلة صحفية على هامش زيارته الأخيرة إلى العاصمة العمانية مسقط إن السلطة اليمنية المعترف بها دوليا تسعى إلى السلام وإيجاد حل سياسي وليس لديها موقف من مشاركة أي طرف في السلطة بمن ذلك الحوثيون.

وعلق أحد المواقع الإخبارية التابعة لحزب الإصلاح على ذلك في مقال ورد فيه أن تصريحات الوزير كشفت “عن حجم الفجوة الواسعة بين بعض قيادة الشرعية وتطلعات الشعب اليمني وواقع البلد ومصالحه.” ولم تستثن الانتقادات زيارة الوزير إلى عمان بحدّ ذاتها والتشكيك في أجندتها “وهل تخدم أهداف وأولويات وتوجهات الحكومة الشرعية.”

وكتب محرّر المقال الذي آثر عدم التصريح باسمه “تخيلوا أن أربع دول عالمية في مقدمتها أميركا تصنف جماعة الحوثي منظمة إرهابية ويوجد تحالف دولي ينفذ ضربات جوية ضدها وتدعو دول إقليمية ودولية لتوسيع تحالفات ردع هذه الجماعة الإرهابية المارقة، وبعد عشر سنوات من إفشال الميليشيا لكافة الجهود الدولية والإقليمية للتوصل إلى حل سياسي، وفي ظل لحظة حاسمة من مستقبل الملف اليمني، في ظل ذلك كله يقود وزير خارجيتنا جهدا رافضا لأي حلحلة للوضع عبر تحديده للعالم مسارا وحيدا وهو الحل السياسي دون أن يمتلك وصفة سحرية لفرض السلام بعد عشر سنوات من الفشل في تحقيقه.”

وشملت الانتقادات جهود سلطنة عمان وكتب قائلا إن تثمين الزنداني للجهود التي تبذلها مسقط لتقريب وجهات النظر بين الشرعية والحوثيين غير طبيعي في السياق الزمني للملف اليمني.

ولم تخل الساحة اليمنية من مؤيدين لتصريحات وزير الخارجية حيث ردّ الناشط السياسي صلاح السقلدي بشكل غير مباشر على الحملة ضدّ الزنداني من خلال تعليق عبر حسابه في منصة إكس وصف فيه تصريحات الوزير في مسقط بأنّها “الأكثر واقعية وانسجاما مع ما يمكن فعله اليوم وغدا، بعيدا عن التسعير لمزيد من الاقتتال كما يفعل البعض في محاولة منهم للهروب من الاستحقاقات السياسية والتملص من تنفيذ وعودهم ولصرف الأنظار بعيدا عن الواقع المعيشي والخدمي المأساوي.”

3